Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 56, Ayat: 41-57)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَأَصْحَابُ ٱلشِّمَالِ مَآ أَصْحَابُ ٱلشِّمَالِ * فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ * لاَّ بَارِدٍ وَلاَ كَرِيمٍ * إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ * وَكَانُواْ يُصِرُّونَ عَلَى ٱلْحِنثِ ٱلْعَظِيمِ * وَكَانُواْ يِقُولُونَ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَ آبَآؤُنَا ٱلأَوَّلُونَ } . المراد بأصحاب الشمال [ هم : ] أصحاب النار ، والأعمال المشئومة ، فذكر [ الله ] لهم من العقاب ، ما هم حقيقون به ، فأخبر أنهم { فِي سَمُومٍ } أي : ريح حارة من حر نار جهنم ، يأخذ بأنفاسهم ، وتقلقهم أشد القلق ، { وَحَمِيمٍ } أي : ماء حار يقطع أمعاءهم ، { وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ } أي : لهب نار يختلط بدخان ، { لاَّ بَارِدٍ وَلاَ كَرِيمٍ } أي : لا برد فيه ولا كرم ، والمقصود أن هناك الهم والغم ، والحزن والشر ، الذي لا خير فيه ، لأن نفي الضد إثبات لضده . ثم ذكر أعمالهم التي أوصلتهم إلى هذا الجزاء ، فقال : { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ } أي : قد ألهتهم دنياهم ، وعملوا لها ، وتنعموا وتمتعوا بها ، فألهاهم الأمل عن إحسان العمل ، فهذا الترف الذي ذمهم الله عليه ، { وَكَانُواْ يُصِرُّونَ عَلَى ٱلْحِنثِ ٱلْعَظِيمِ } أي : وكانوا يفعلون الذنوب الكبار ولا يتوبون منها ، ولا يندمون عليها ، بل يصرون على ما يسخط مولاهم ، فقدموا عليه بأوزار كثيرة [ غير مغفورة ] . وكانوا ينكرون البعث ، فيقولون استبعاداً لوقوعه : { أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَ آبَآؤُنَا ٱلأَوَّلُونَ } أي : كيف نبعث بعد موتنا وقد بلينا ، فكنا تراباً وعظاماً ؟ [ هذا من المحال ] { أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَ آبَآؤُنَا ٱلأَوَّلُونَ } قال تعالى جواباً لهم ورداً عليهم : { قُلْ إِنَّ ٱلأَوَّلِينَ وَٱلآخِرِينَ * لَمَجْمُوعُونَ إِلَىٰ مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } ، أي : قل إن متقدم الخلق ومتأخرهم ، الجميع سيبعثهم الله ويجمعهم لميقات يوم معلوم ، قدّره الله لعباده ، حين تنقضي الخليقة ، ويريد الله تعالى جزاءهم على أعمالهم التي عملوها في دار التكليف . { ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا ٱلضِّآلُّونَ } عن طريق الهدى ، التابعون لطريق الردى ، { ٱلْمُكَذِّبُونَ } بالرسول صلى الله عليه وسلم وما جاء به من الحق والوعد والوعيد ، { لأَكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ } وهو أقبح الأشجار وأخسها ، وأنتنها ريحاً ، وأبشعها منظراً ، { فَمَالِئُونَ مِنْهَا ٱلْبُطُونَ } والذي أوجب لهم أكلها - مع ما هي عليه من الشناعة - الجوع المفرط ، الذي يلتهب في أكبادهم وتكاد تنقطع منه أفئدتهم . هذا الطعام الذي يدفعون به الجوع ، وهو الذي لا يسمن ولا يغني من جوع . وأما شرابهم ، فهو بئس الشراب ، وهو أنهم يشربون على هذا الطعام من الماء الحميم الذي يغلي في البطون شرب الإبل الهيم أي : العطاش ، التي قد اشتد عطشها ، أو [ أن الهيم ] داء يصيب الإبل ، لا تروى معه من شراب الماء . { هَـٰذَا } الطعام والشراب { نُزُلُهُمْ } أي : ضيافتهم { يَوْمَ ٱلدِّينِ } وهي الضيافة التي قدموها لأنفسهم ، وآثروها على ضيافة الله لأوليائه . قال تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ ٱلْفِرْدَوْسِ نُزُلاً * خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً } [ الكهف : 107 - 108 ] . ثم ذكر الدليل العقلي على البعث ، فقال : { نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلاَ تُصَدِّقُونَ } أي : نحن الذين أوجدناكم بعد أن لم تكونوا شيئاً مذكوراً ، من غير عجز ولا تعب ، أفليس القادر على ذلك بقادر على أن يحيي الموتى ؟ بلى إنه على كل شيء قدير ، ولهذا وبَّخهم على عدم تصديقهم بالبعث ، وهم يشاهدون ما هو أعظم منه وأبلغ .