Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 57, Ayat: 12-15)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى - مبيناً لفضل الإيمان واغتباط أهله به يوم القيامة - : { يَوْمَ تَرَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم } أي : إذا كان يوم القيامة ، وكورت الشمس ، وخسف القمر ، وصار الناس في الظلمة ، ونصب الصراط على متن جهنم ، فحينئذ ترى المؤمنين والمؤمنات ، يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم ، فيمشون بأيمانهم ونورهم في ذلك الموقف الهائل الصعب ، كل على قدر إيمانه ، ويبشرون عند ذلك بأعظم بشارة ، فيقال : { بُشْرَاكُمُ ٱلْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } فلله ما أحلى هذه البشارة بقلوبهم ، وألذها لنفوسهم ، حيث حصل لهم كل مطلوب [ محبوب ] ، ونجوا من كل شر ومرهوب ، فإذا رأى المنافقون نور المؤمنين يمشون به ، وهم قد طُفئ نورهم وبقوا في الظلمات حائرين ، قالوا للمؤمنين : { ٱنظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ } أي : أمهلونا لننال من نوركم ما نمشي به ، لننجو من العذاب ، فـ { قِيلَ } لهم : { ٱرْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ فَٱلْتَمِسُواْ نُوراً } أي : إن كان ذلك ممكناً ، والحال أن ذلك غير ممكن ، بل هو من المحالات ، { فَضُرِبَ } بين المؤمنين والمنافقين { بِسُورٍ } أي : حائط منيع ، وحصن حصين ، { لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ ٱلرَّحْمَةُ } وهو الذي يلي المؤمنين ، { وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ ٱلْعَذَابُ } وهو الذي يلي المنافقين ، فينادي المنافقون المؤمنين ، فيقولون لهم تضرعاً وترحماً : { أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ } في الدنيا نقول : " لا إله إلا الله " ، ونصلي ونصوم ونجاهد ، ونعمل مثل عملكم ؟ { قَالُواْ بَلَىٰ } كنتم معنا في الدنيا ، وعملتم [ في الظاهر ] مثل عملنا ، ولكن أعمالكم أعمال المنافقين ، من غير إيمان ولا نية [ صادقة ] صالحة ، بل { فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَٱرْتَبْتُمْ } أي : شككتم في خبر الله الذي لا يقبل شكاً ، { وَغرَّتْكُمُ ٱلأَمَانِيُّ } الباطلة ، حيث تمنيتم أن تنالوا منال المؤمنين ، وأنتم غير موقنين ، { حَتَّىٰ جَآءَ أَمْرُ ٱللَّهِ } أي : حتى جاءكم الموت وأنتم بتلك الحال الذميمة . { وَغَرَّكُم بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ } وهو الشيطان ، الذي زين لكم الكفر والريب ، فاطمأننتم به ، ووثقتم بوعده ، وصدقتم خبره . { فَٱلْيَوْمَ لاَ يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلاَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } فلو افتديتم بمثل الأرض ذهباً ومثله معه ، لما تقبل منكم ، { مَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ } أي : مستقركم ، { هِيَ مَوْلاَكُمْ } التي تتولاكم وتضمكم إليها ، { وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } النار . [ قال تعالى : ] { وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ } [ القارعة : 8 - 11 ] .