Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 62, Ayat: 9-11)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يأمر تعالى عباده المؤمنين بالحضور لصلاة الجمعة والمبادرة إليها ، من حين ينادى لها والسعي إليها ، والمراد بالسعي هنا : المبادرة إليها والاهتمام لها ، وجعلها أهم الأشغال ، لا العَدوُ الذي قد نهي عنه عند المضي إلى الصلاة ، وقوله : { وَذَرُواْ ٱلْبَيْعَ } أي : اتركوا البيع ، إذا نودي للصلاة ، وامضوا إليها . فإن ذلكم خير لكم من اشتغالكم بالبيع ، وتفويتكم الصلاة الفريضة التي هي من آكد الفروض . { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } أن ما عند الله خير وأبقى ، وأن من آثر الدنيا على الدين ، فقد خسر الخسارة الحقيقية ، من حيث ظن أنه يربح ، وهذا الأمر بترك البيع مؤقت مدة الصلاة ، { فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلاَةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلأَرْضِ } لطلب المكاسب والتجارات ، ولما كان الاشتغال في التجارة مظنة الغفلة عن ذكر الله ، أمر الله بالإكثار من ذكره ، فقال : { وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً } أي في حال قيامكم وقعودكم وعلى جنوبكم ، { لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } فإن الإكثار من ذكر الله أكبر أسباب الفلاح . { وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً ٱنفَضُّوۤاْ إِلَيْهَا } أي : خرجوا من المسجد ، حرصاً على ذلك اللهو و [ تلك ] التجارة ، وتركوا الخير ، { وَتَرَكُوكَ قَآئِماً } تخطب الناس ، وذلك : [ في ] يوم جمعةٍ بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناس ، إذ قدم المدينة عير تحمل تجارة ، فلما سمع الناس بها وهم في المسجد ، انفضوا من المسجد ، وتركوا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب استعجالاً لما لا ينبغي أن يستعجل له ، وترك أدب ، { قُلْ مَا عِندَ ٱللَّهِ } من الأجر والثواب ، لمن لازم الخير وصبر نفسه على عبادة ربه . { خَيْرٌ مِّنَ ٱللَّهْوِ وَمِنَ ٱلتِّجَارَةِ } التي ، وإن حصل منها بعض المقاصد ، فإن ذلك قليل منغص ، مفوت لخير الآخرة ، وليس الصبر على طاعة الله مفوتاً للرزق ، فإن الله خير الرازقين ، فمن اتقى الله رزقه من حيث لا يحتسب . وفي هذه الآيات فوائد عديدة : منها : أن الجمعة فريضة على جميع المؤمنين ، يجب عليهم السعي لها ، والمبادرة والاهتمام بشأنها . ومنها : أن الخطبتين يوم الجمعة فريضتان يجب حضورهما ، لأنه فسر الذكر هنا بالخطبتين ، فأمر الله بالمضي إليه والسعي له . ومنها : مشروعية النداء ليوم الجمعة والأمر به . ومنها : النهى عن البيع والشراء بعد نداء الجمعة ، وتحريم ذلك ، وما ذاك إلا لأنه يفوت الواجب ويشغل عنه ، فدل ذلك على أن كل أمر ولو كان مباحاً في الأصل ، إذا كان ينشأ عنه تفويت واجب ، فإنه لا يجوز في تلك الحال . ومنها : الأمر بحضور الخطبتين يوم الجمعة ، وذم من لم يحضرهما ، ومن لازم ذلك الإنصات لهما . ومنها : أنه ينبغي للعبد المقبل على عبادة الله ، وقت دواعي النفس لحضور اللهو [ والتجارات ] والشهوات ، أن يذكرها بما عند الله من الخيرات ، وما لمؤثر رضاه على هواه .