Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 67, Ayat: 5-10)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أي : ولقد جمّلنا { ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا } التي ترونها وتليكم ، { بِمَصَٰبِيحَ } وهي النجوم ، على اختلافها في النور والضياء ، فإنه لولا ما فيها من النجوم ، لكانت سقفاً مظلماً ، لا حسن فيه ولا جمال . ولكن جعل الله هذه النجوم زينة للسماء ، [ وجمالاً ] ، ونوراً وهداية يهتدى بها في ظلمات البر والبحر ، ولا ينافي إخباره أنه زين السماء الدنيا بمصابيح ، أن يكون كثير من النجوم فوق السماوات السبع ، فإن السماوات شفافة ، وبذلك تحصل الزينة للسماء الدنيا ، وإن لم تكن الكواكب فيها ، { وَجَعَلْنَٰهَا } أي : المصابيح { رُجُوماً لِّلشَّيَٰطِينِ } الذين يريدون استراق خبر السماء ، فجعل الله هذه النجوم حراسة للسماء عن تلقف الشياطين أخبار الأرض ، فهذه الشهب التي ترمى من النجوم ، أعدها الله في الدنيا للشياطين ، { وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ } في الآخرة { عَذَابَ ٱلسَّعِيرِ } لأنهم تمردوا على الله ، وأضلوا عباده ، ولهذا كان أتباعهم من الكفار مثلهم ، قد أعد الله لهم عذاب السعير ، فلهذا قال : { وَلِلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } الذي يهان أهله غاية الهوان ، { إِذَآ أُلْقُواْ فِيهَا } على وجه الإهانة والذل { سَمِعُواْ لَهَا شَهِيقاً } أي : صوتاً عالياً فظيعاً ، { تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ } أي : تكاد على اجتماعها أن يفارق بعضها بعضاً ، وتتقطع من شدة غيظها على الكفار ، فما ظنك ما تفعل بهم ، إذا حصلوا فيها ؟ ! ! ثم ذكر توبيخ الخزنة لأهلها ، فقال : { كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ } ؟ أي : حالكم هذا واستحقاقكم النار ، كأنكم لم تخبروا عنها ، ولم تحذركم النذر منها ، { قَالُواْ بَلَىٰ قَدْ جَآءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ كَبِيرٍ } فجمعوا بين تكذيبهم الخاص ، والتكذيب العام بكل ما أنزل الله ولم يكفهم ذلك ، حتى أعلنوا بضلال الرسل المنذرين وهم الهداة المهتدون ، ولم يكتفوا بمجرد الضلال ، بل جعلوا ضلالهم ، ضلالاً كبيراً ، فأيُّ عناد وتكبُّر وظلم ، يشبه هذا ؟ { وَقَالُواْ } معترفين بعدم أهليتهم للهدى والرشاد : { لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِيۤ أَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ } فنفوا عن أنفسهم طرق الهدى ، وهي السمع لما أنزل الله ، وجاءت به الرسل ، والعقل الذي ينفع صاحبه ، ويوقفه على حقائق الأشياء ، وإيثار الخير ، والانزجار عن كل ما عاقبته ذميمة ، فلا سمع [ لهم ] ولا عقل ، وهذا بخلاف أهل اليقين والعرفان ، وأرباب الصدق والإيمان ، فإنهم أيدوا إيمانهم بالأدلة السمعية ، فسمعوا ما جاء من عند الله ، وجاء به رسول الله علماً ومعرفةً وعملاً . والأدلة العقلية : المعرفة للهدى من الضلال ، والحسن من القبيح ، والخير من الشر ، وهم - في الإيمان - بحسب ما منَّ الله عليهم به من الاقتداء بالمعقول والمنقول ، فسبحان من يختص بفضله من يشاء ، ويمن على من يشاء من عباده ، ويخذل من لا يصلح للخير . قال تعالى عن هؤلاء الداخلين للنار ، المعترفين بظلمهم وعنادهم : { فَٱعْتَرَفُواْ بِذَنبِهِمْ فَسُحْقاً … } .