Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 1-7)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم مبيناً له عظمة القرآن : { كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ } أي : كتاب جليل حوى كل ما يحتاج إليه العباد ، وجميع المطالب الإلهية ، والمقاصد الشرعية ، محكماً مفصلاً { فَلاَ يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ } أي : ضيق وشك واشتباه ، بل لتعلم أنه تنزيل من حكيم حميد { لاَّ يَأْتِيهِ ٱلْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } [ فصلت : 42 ] وأنه أصدق الكلام فلينشرح له صدرك ، ولتطمئن به نفسك ، ولتصدع بأوامره ونواهيه ، ولا تخش لائماً ومعارضاً . { لِتُنذِرَ بِهِ } الخلق ، فتعظهم وتذكرهم ، فتقوم الحجة على المعاندين . { وَ } ليكون { ذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } كما قال تعالى : { وَذَكِّرْ فَإِنَّ ٱلذِّكْرَىٰ تَنفَعُ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ الذاريات : 55 ] يتذكرون به الصراط المستقيم ، وأعماله الظاهرة والباطنة ، وما يحول بين العبد وبين سلوكه . ثم خاطب اللّه العباد ، وألفتهم إلى الكتاب فقال : { ٱتَّبِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ } أي : الكتاب الذي أريد إنزاله لأجلكم ، وهو : { مِّن رَّبِّكُمْ } الذي يريد أن يتم تربيته لكم ، فأنزل عليكم هذا الكتاب الذي ، إن اتبعتموه كملت تربيتكم ، وتمت عليكم النعمة ، وهديتم لأحسن الأعمال والأخلاق ومعاليها { وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ } أي : تتولونهم وتتبعون أهواءهم ، وتتركون لأجلها الحق . { قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } فلو تذكرتم وعرفتم المصلحة ، لما آثرتم الضار على النافع ، والعدو على الوليِّ . ثم حذرهم عقوباته للأمم الذين كذبوا ما جاءتهم به رسلهم ، لئلا يشابهوهم فقال : { وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَآءَهَا بَأْسُنَا } أي : عذابنا الشديد { بَيَاتاً أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ } أي : في حين غفلتهم ، وعلى غرتهم غافلون ، لم يخطر الهلاك على قلوبهم . فحين جاءهم العذاب لم يدفعوه عن أنفسهم ، ولا أغنت عنهم آلهتهم التي كانوا يرجونهم ، ولا أنكروا ما كانوا يفعلونه من الظلم والمعاصي . { فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَآءَهُمْ بَأْسُنَآ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } كما قال تعالى : { وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً آخَرِينَ * فَلَمَّآ أَحَسُّواْ بَأْسَنَآ إِذَا هُمْ مِّنْهَا يَرْكُضُونَ * لاَ تَرْكُضُواْ وَٱرْجِعُوۤاْ إِلَىٰ مَآ أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ * قَالُواْ يٰوَيْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَمَا زَالَت تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّىٰ جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ } [ الأنبياء : 11 - 15 ] . وقوله { فَلَنَسْأَلَنَّ ٱلَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ } أي : لنسألن الأمم الذين أرسل اللّه إليهم المرسلين عما أجابوا به رسلهم { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَآ أَجَبْتُمُ ٱلْمُرْسَلِينَ } الآيات [ القصص : 65 ] . { وَلَنَسْأَلَنَّ ٱلْمُرْسَلِينَ } عن تبليغهم لرسالات ربهم وعما أجابتهم به أممهم . { فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم } أي : على الخلق كلهم ما عملوا { بِعِلْمٍ } منه تعالى لأعمالهم { وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ } في وقت من الأوقات ، كما قال تعالى : { أَحْصَاهُ ٱللَّهُ وَنَسُوهُ } [ المجادلة : 6 ] وقال تعالى : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَآئِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلْخَلْقِ غَافِلِينَ } [ المؤمنون : 17 ] .