Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 28-30)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى مبيناً لقبح حال المشركين الذين يفعلون الذنوب ، وينسبون أن الله أمرهم بها . { وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً } وهي : كل ما يستفحش ويستقبح ، ومن ذلك طوافهم بالبيت عراة { قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَآ آبَاءَنَا } وصدقوا في هذا . { وَٱللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا } وكذبوا في هذا ، ولهذا رد اللّه عليهم هذه النسبة فقال : { قُلْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَأْمُرُ بِٱلْفَحْشَآءِ } أي : لا يليق بكماله وحكمته أن يأمر عباده بتعاطي الفواحش ، لا هذا الذي يفعله المشركون ولا غيره { أَتَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } وأي افتراء أعظم من هذا ؟ ! ! ثم ذكر ما يأمر به ، فقال : { قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِٱلْقِسْطِ } أي : بالعدل في العبادات والمعاملات ، لا بالظلم والجور . { وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ } أي : توجهوا للّه ، واجتهدوا في تكميل العبادات ، خصوصاً " الصلاة " أقيموها ، ظاهراً وباطناً ، ونقوها من كل نقص ومفسد . { وَٱدْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ } أي : قاصدين بذلك وجهه وحده لا شريك له . والدعاء يشمل دعاء المسألة ، ودعاء العبادة ، أي : لا تراؤوا ولا تقصدوا من الأغراض في دعائكم سوى عبودية اللّه ورضاه . { كَمَا بَدَأَكُمْ } أول مرة { تَعُودُونَ } للبعث ، فالقادر على بدء خلقكم ، قادر على إعادته ، بل الإعادة أهون من البداءة . { فَرِيقاً } منكم { هَدَىٰ } اللّه ، أي : وفقهم للهداية ، ويسر لهم أسبابها ، وصرف عنهم موانعها . { وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلضَّلاَلَةُ } أي : وجبت عليهم الضلالة بما تسببوا لأنفسهم وعملوا بأسباب الغواية . فـ { إِنَّهُمُ ٱتَّخَذُوا ٱلشَّيَاطِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } { وَمَن يَتَّخِذِ ٱلشَّيْطَٰنَ وَلِيّاً مِّن دُونِ ٱللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً } [ النساء : 119 ] فحين انسلخوا من ولاية الرحمن ، واستحبوا ولاية الشيطان ، حصل لهم النصيب الوافر من الخذلان ، ووكلوا إلى أنفسهم فخسروا أشد الخسران . وهم يحسبون أنهم مهتدون ، لأنهم انقلبت عليهم الحقائق ، فظنوا الباطل حقاً والحق باطلاً ، وفي هذه الآيات دليل على أن الأوامر والنواهي تابعة للحكمة والمصلحة ، حيث ذكر تعالى أنه لا يتصور أن يأمر بما تستفحشه وتنكره العقول ، وأنه لا يأمر إلا بالعدل والإخلاص ، وفيه دليل على أن الهداية بفضل اللّه ومَنِّه ، وأن الضلالة بخذلانه للعبد ، إذا تولى - بجهله وظلمه - الشيطان ، وتسبب لنفسه بالضلال ، وأن من حسب أنه مهتدٍ وهو ضالٌّ ، أنه لا عذر له ، لأنه متمكن من الهدى ، وإنما أتاه حسبانه من ظلمه بترك الطريق الموصل إلى الهدى .