Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 55-56)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الدعاء يدخل فيه دعاء المسألة ، ودعاء العبادة ، فأمر بدعائه { تَضَرُّعاً } أي : إلحاحاً في المسألة ، ودُؤوباً في العبادة ، { وَخُفْيَةً } أي : لا جهراً وعلانية يخاف منه الرياء ، بل خفية وإخلاصاً للّه تعالى . { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ } أي : المتجاوزين للحد في كل الأمور ، ومن الاعتداء كون العبد يسأل اللّه مسائل لا تصلح له ، أو يتنطع في السؤال ، أو يبالغ في رفع صوته بالدعاء ، فكل هذا داخل في الاعتداء المنهي عنه . { وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ } بعمل المعاصي { بَعْدَ إِصْلاَحِهَا } بالطاعات ، فإن المعاصي تفسد الأخلاق والأعمال والأرزاق ، كما قال تعالى : { ظَهَرَ ٱلْفَسَادُ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي ٱلنَّاسِ } [ الروم : 41 ] كما أن الطاعات تصلح بها الأخلاق ، والأعمال ، والأرزاق ، وأحوال الدنيا والآخرة . { وَٱدْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً } أي : خوفاً من عقابه ، وطمعاً في ثوابه ، طمعاً في قبولها ، وخوفاً من ردها ، لا دعاء عبد مدل على ربه قد أعجبته نفسه ، ونزل نفسه فوق منزلته ، أو دعاء من هو غافل لاهٍ . وحاصل ما ذكر اللّه من آداب الدعاء : الإخلاص فيه للّه وحده ، لأن ذلك يتضمنه الخفية ، وإخفاؤه وإسراره ، وأن يكون القلب خائفاً طامعاً لا غافلاً ، ولا آمناً ولا غير مبال بالإجابة ، وهذا من إحسان الدعاء ، فإن الإحسان في كل عبادة بذل الجهد فيها ، وأداؤها كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه ، ولهذا قال : { إِنَّ رَحْمَتَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ ٱلْمُحْسِنِينَ } في عبادة اللّه ، المحسنين إلى عباد اللّه ، فكلما كان العبد أكثر إحساناً ، كان أقرب إلى رحمة ربه ، وكان ربه قريباً منه برحمته ، وفي هذا من الحث على الإحسان ما لا يخفى .