Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 96-99)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما ذكر تعالى أن المكذبين للرسل يبتلون بالضراء موعظة وإنذاراً ، وبالسراء استدراجاً ومكراً ، ذكر أن أهل القرى ، لو آمنوا بقلوبهم إيماناً صادقاً صدقته الأعمال ، واستعملوا تقوى اللّه تعالى ظاهراً وباطناً ، بترك جميع ما حرَّم اللّه ، لفتح عليهم بركات السماء والأرض ، فأرسل السماء عليهم مدراراً ، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم ، في أخصب عيش وأغزر رزق ، من غير عناء ولا تعب ، ولا كد ولا نصب ، ولكنهم لم يؤمنوا ويتقوا { فَأَخَذْنَٰهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } بالعقوبات والبلايا ونزع البركات ، وكثرة الآفات ، وهي بعض جزاء أعمالهم ، وإلا فلو آخذهم بجميع ما كسبوا ، ما ترك عليها من دابة . { ظَهَرَ ٱلْفَسَادُ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي ٱلنَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } [ الروم : 41 ] . { أَفَأَمِنَ أَهْلُ ٱلْقُرَىٰ } أي : المكذبة ، بقرينة السياق { أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا } أي : عذابنا الشديد { بَيَٰتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ } أي : في غفلتهم ، وغرتهم وراحتهم . { أَوَ أَمِنَ أَهْلُ ٱلْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ } أي : أي شيء يؤمنهم من ذلك ، وهم قد فعلوا أسبابه ، وارتكبوا من الجرائم العظيمة ، ما يوجب بعضه الهلاك ؟ ! { أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ ٱللَّهِ } حيث يستدرجهم من حيث لا يعلمون ، ويملي لهم ، إن كيده متين ، { فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْخَاسِرُونَ } فإن من أمن من عذاب اللّه ، فهو لم يصدق بالجزاء على الأعمال ، ولا آمن بالرسل حقيقة الإيمان . وهذه الآية الكريمة فيها من التخويف البليغ ، على أن العبد لا ينبغي له أن يكون آمناً على ما معه من الإيمان . بل لا يزال خائفاً وجلاً أن يبتلى ببلية تسلب ما معه من الإيمان ، وأن لا يزال داعياً بقوله : " يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " ، وأن يعمل ويسعى ، في كل سبب يخلصه من الشر عند وقوع الفتن ، فإن العبد - ولو بلغت به الحال ما بلغت - فليس على يقين من السلامة .