Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 17-19)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى - لما انهزم المشركون يوم بدر ، وقتلهم المسلمون - { فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ } بحولكم وقوتكم { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ قَتَلَهُمْ } حيث أعانكم على ذلك بما تقدم ذكره . { وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ } وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت القتال دخل العريش وجعل يدعو اللّه ، ويناشده في نصرته ، ثم خرج منه ، فأخذ حفنة من تراب ، فرماها في وجوه المشركين ، فأوصلها اللّه إلى وجوههم ، فما بقي منهم واحد إلا وقد أصاب وجهه ، وفمه وعينيه منها ، فحينئذ انكسر حدهم ، وفتر زندهم ، وبان فيهم الفشل والضعف ، فانهزموا . يقول تعالى لنبيه : لست بقوتك - حين رميت التراب - أوصلته إلى أعينهم ، وإنما أوصلناه إليهم بقوتنا واقتدارنا . { وَلِيُبْلِيَ ٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاۤءً حَسَناً } أي : إن اللّه تعالى قادر على انتصار المؤمنين من الكافرين ، من دون مباشرة قتال ، ولكن اللّه أراد أن يمتحن المؤمنين ، ويوصلهم بالجهاد إلى أعلى الدرجات ، وأرفع المقامات ، ويعطيهم أجراً حسناً وثواباً جزيلاً . { إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } يسمع تعالى ما أسر به العبد وما أعلن ، ويعلم ما في قلبه من النيات الصالحة وضدها ، فيقدر على العباد أقداراً موافقة لعلمه وحكمته ومصلحة عباده ، ويجزي كلا بحسب نيته وعمله . { ذٰلِكُمْ } النصر من اللّه لكم { وَأَنَّ ٱللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ ٱلْكَافِرِينَ } أي : مضعف كل مكر وكيد يكيدون به الإسلام وأهله ، وجاعل مكرهم محيقاً بهم . { إِن تَسْتَفْتِحُواْ } أيها المشركون ، أي : تطلبوا من اللّه أن يوقع بأسه وعذابه على المعتدين الظالمين . { فَقَدْ جَآءَكُمُ ٱلْفَتْحُ } حين أوقع اللّه بكم من عقابه ، ما كان نكالاً لكم وعبرة للمتقين { وَإِن تَنتَهُواْ } عن الاستفتاح { فَهُوَ خَيْرٌ } لأنه ربما أمهلتم ، ولم يعجل لكم النقمة . { وَإِن تَعُودُواْ } إلى الاستفتاح وقتال حزب الله المؤمنين { نَعُدْ } في نصرهم عليكم . { وَلَن تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ } أي : أعوانكم وأنصاركم ، الذين تحاربون وتقاتلون ، معتمدين عليهم ، شَيئاً وأن الله مع الْمؤمنين . ومن كان اللّه معه فهو المنصور وإن كان ضعيفاً قليلاً عدده ، وهذه المعية التي أخبر اللّه أنه يؤيد بها المؤمنين ، تكون بحسب ما قاموا به من أعمال الإيمان . فإذا أديل العدو على المؤمنين في بعض الأوقات ، فليس ذلك إلا تفريطاً من المؤمنين وعدم قيام بواجب الإيمان ومقتضاه ، وإلا فلو قاموا بما أمر اللّه به من كل وجه ، لما انهزم لهم راية [ انهزاماً مستقراً ] ، ولا أديل عليهم عدوهم أبداً .