Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 67-69)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذه معاتبة من اللّه لرسوله وللمؤمنين يوم " بدر " إذ أسروا المشركين وأبقوهم لأجل الفداء ، وكان رأي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في هذه الحال ، قتلهم واستئصالهم . فقال تعالى : { مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي ٱلأَرْضِ } أي : ما ينبغي ولا يليق به إذا قاتل الكفار الذين يريدون أن يطفؤوا نور اللّه ويسعوا لإخماد دينه ، وأن لا يبقى على وجه الأرض من يعبد اللّه ، أن يتسرع إلى أسرهم وإبقائهم لأجل الفداء الذي يحصل منهم ، وهو عرض قليل بالنسبة إلى المصلحة المقتضية لإبادتهم وإبطال شرهم ، فما دام لهم شر وصولة ، فالأوفق أن لا يؤسروا . فإذا أثخنوا ، وبطل شرهم ، واضمحل أمرهم ، فحينئذٍ لا بأس بأخذ الأسرى منهم وإبقائهم . يقول تعالى : { تُرِيدُونَ } بأخذكم الفداء وإبقائهم { عَرَضَ ٱلدُّنْيَا } أي : لا لمصلحة تعود إلى دينكم . { وَٱللَّهُ يُرِيدُ ٱلآخِرَةَ } بإعزاز دينه ، ونصر أوليائه ، وجعل كلمتهم عالية فوق غيرهم ، فيأمركم بما يوصل إلى ذلك . { وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } أي : كامل العزة ، ولو شاء أن ينتصر من الكفار من دون قتال لفعل ، لكنه حكيم ، يبتلي بعضكم ببعض . { لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ ٱللَّهِ سَبَقَ } به القضاء والقدر ، أنه قد أحل لكم الغنائم ، وأن اللّه رفع عنكم - أيها الأمة - العذاب { لَمَسَّكُمْ فِيمَآ أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } وفي الحديث : " لو نزل عذاب يوم بدر ، ما نجا منه إلا عمر " . { فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّباً } وهذا من لطفه تعالى بهذه الأمة ، أن أحل لها الغنائم ولم يحلها لأمة قبلها . { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } في جميع أموركم ولازموها ، شكراً لنعم اللّه عليكم ، { إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ } يغفر لمن تاب إليه جميع الذنوب ، ويغفر لمن لم يشرك به شيئاً جميع المعاصي . { رَّحِيمٌ } بكم ، حيث أباح لكم الغنائم وجعلها حلالاً طيباً .