Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 9-14)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أي : اذكروا نعمة اللّه عليكم ، لما قارب التقاؤكم بعدوكم ، استغثتم بربكم ، وطلبتم منه أن يعينكم وينصركم { فَٱسْتَجَابَ لَكُمْ } وأغاثكم بعدة أمور : منها : أن اللّه أمدكم { بِأَلْفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُرْدِفِينَ } أي : يردف بعضهم بعضاً ، { وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ } أي : إنزال الملائكة { إِلاَّ بُشْرَىٰ } أي : لتستبشر بذلك نفوسكم ، { وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ } وإلا فالنصر بيد اللّه ، ليس بكثرة عَدَدٍ ولا عُدَدٍ . { إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ } لا يغالبه مغالب ، بل هو القهار ، الذي يخذل من بلغوا من الكثرة وقوة العدد والآلات ما بلغوا . { حَكِيمٌ } حيث قدر الأمور بأسبابها ، ووضع الأشياء مواضعها . ومن نصره واستجابته لدعائكم أن أنزل عليكم نعاساً { يُغَشِّيكُمُ } [ أي ] فيذهب ما في قلوبكم من الخوف والوجل ، ويكون { أَمَنَةً } لكم وعلامة على النصر والطمأنينة . ومن ذلك : أنه أنزل عليكم من السماء مطراً ليطهركم به من الحدث والخبث ، وليطهركم به من وساوس الشيطان ورجزه . { وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ } أي : يثبتها فإن ثبات القلب ، أصل ثبات البدن ، { وَيُثَبِّتَ بِهِ ٱلأَقْدَامَ } فإن الأرض كانت سهلة دهسة فلما نزل عليها المطر تلبدت ، وثبتت به الأقدام . ومن ذلك : أن اللّه أوحى إلى الملائكة { أَنِّي مَعَكُمْ } بالعون والنصر والتأييد ، { فَثَبِّتُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } أي : ألقوا في قلوبهم ، وألهموهم الجراءة على عدوهم ، ورغبوهم في الجهاد وفضله . { سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ } الذي هو أعظم جند لكم عليهم ، فإن اللّه إذا ثبت المؤمنين وألقى الرعب في قلوب الكافرين ، لم يقدر الكافرون على الثبات لهم ، ومنحهم اللّه أكتافهم . { فَٱضْرِبُواْ فَوْقَ ٱلأَعْنَاقِ } أي : على الرقاب { وَٱضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ } أي : مفصل . وهذا خطاب ، إما للملائكة الذين أوحى الله إليهم أن يثبتوا الذين آمنوا ، فيكون في ذلك دليل أنهم باشروا القتال يوم بدر ، أو للمؤمنين يشجعهم اللّه ، ويعلمهم كيف يقتلون المشركين ، وأنهم لا يرحمونهم ، وذلك لأنهم شاقوا الله ورسوله أي : حاربوهما وبارزوهما بالعداوة . { وَمَن يُشَاقِقِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } ومن عقابه تسليط أوليائه على أعدائه وتقتيلهم . { ذٰلِكُمْ } العذاب المذكور { فَذُوقُوهُ } أيها المشاققون للّه ورسوله عذاباً معجلاً ، { وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ ٱلنَّارِ } . وفي هذه القصة من آيات اللّه العظيمة ما يدل على أن ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم رسول اللّه حقاً . منها : أن اللّه وعدهم وعداً ، فأنجزهموه . ومنها : ما قال اللّه تعالى : { قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ ٱلْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَأُخْرَىٰ كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ ٱلْعَيْنِ } الآية [ آل عمران : 13 ] . ومنها : إجابة دعوة اللّه للمؤمنين لما استغاثوه بما ذكره من الأسباب ، وفيها الاعتناء العظيم بحال عباده المؤمنين ، وتقييض الأسباب التي بها ثبت إيمانهم ، وثبتت أقدامهم ، وزال عنهم المكروه والوساوس الشيطانية . ومنها : أن من لطف اللّه بعبده أن يسهل عليه طاعته ، وييسرها بأسباب داخلية وخارجية .