Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 91, Ayat: 1-15)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أقسم تعالى بهذه الآيات العظيمة ، على النفس المفلحة ، وغيرها من النفوس الفاجرة ، فقال : { وَٱلشَّمْسِ وَضُحَاهَا } أي : نورها ، ونفعها الصادر منها ، { وَٱلْقَمَرِ إِذَا تَلاَهَا } أي : تبعها في المنازل والنور ، { وَٱلنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا } أي : جلّى ما على وجه الأرض وأوضحه ، { وَٱللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا } أي : يغشى وجه الأرض ، فيكون ما عليها مظلماً . فتعاقب الظلمة والضياء ، والشمس والقمر ، على هذا العالم ، بانتظام وإتقان ، وقيام لمصالح العباد ، أكبر دليل على أن الله بكل شيءٍ عليم ، وعلى كل شيءٍ قدير ، وأنه المعبود وحده ، الذي كل معبود سواه فباطل . { وَٱلسَّمَآءِ وَمَا بَنَاهَا } يحتمل أن " ما " موصولة ، فيكون الإقسام بالسماء وبانيها ، الذي هو الله تبارك وتعالى ، ويحتمل أنها مصدرية ، فيكون الإقسام بالسماء وبنيانها ، الذي هو غاية ما يقدر من الإحكام والإتقان والإحسان ، ونحو ذلك قوله : { وَٱلأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا } أي : مدها ووسعها ، فتمكن الخلق حينئذ من الانتفاع بها ، بجميع وجوه الانتفاع . { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا } يحتمل أن المراد نفس سائر المخلوقات الحيوانية ، كما يؤيد هذا العموم ، ويحتمل أن المراد بالإقسام بنفس الإنسان المكلف ، بدليل ما يأتي بعده . وعلى كُلٍّ ، فالنفس آية كبيرة من آياته التي حقيقةٌ بالإقسام بها ، فإنها في غاية اللطف والخفة ، سريعة التنقل [ والحركة ] والتغير والتأثر والانفعالات النفسية ، من الهم ، والإرادة ، والقصد ، والحب ، والبغض ، وهي التي لولاها لكان البدن مجرد تمثال لا فائدة فيه ، وتسويتها على هذا الوجه آية من آيات الله العظيمة . وقوله : { قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا } أي : طهر نفسه من الذنوب ، ونقاها من العيوب ، ورقَّاها بطاعة الله ، وعلاَّها بالعلم النافع والعمل الصالح . { وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا } أي : أخفى نفسه الكريمة ، التي ليست حقيقة بقمعها وإخفائها ، بالتدنس بالرذائل ، والدنو من العيوب والاقتراف للذنوب ، وترك ما يكملها وينميها ، واستعمال ما يشينها ويدسيها . { كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ } أي : بسبب طغيانها وترفعها عن الحق ، وعتوها على رسل الله ، { إِذِ ٱنبَعَثَ أَشْقَاهَا } أي : أشقى القبيلة ، [ وهو ] " قدار بن سالف " لعقرها حين اتفقوا على ذلك ، وأمروه فأْتَمر لهم . { فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ ٱللَّهِ } صالح عليه السلام محذراً : { نَاقَةَ ٱللَّهِ وَسُقْيَاهَا } أي : احذروا عقر ناقة الله ، التي جعلها لكم آية عظيمة ، ولا تقابلوا نعمة الله عليكم بسَقْي لبنها أن تعقروها ، فكذبوا نبيهم صالحاً { فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنبِهِمْ } أي : دمَّر عليهم وعمهم بعقابه ، وأرسل عليهم الصيحة من فوقهم ، والرجفة من تحتهم ، فأصبحوا جاثمين على ركبهم ، لا تجد منهم داعياً ولا مجيباً . { فَسَوَّاهَا } عليهم أي : سوى بينهم بالعقوبة { وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا } أي : تَبِعَتَها . وكيف يخاف من هو قاهر ، لا يخرج عن قهره وتصرفه مخلوق ، الحكيم في كل ما قضاه وشرعه ؟ تمت ولله الحمد