Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 95, Ayat: 1-8)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ٱلتِّينِ } هو التين المعروف ، وكذلك { ٱلزَّيْتُونِ } أقسم بهاتين الشجرتين ، لكثرة منافع شجرهما وثمرهما ، ولأن سلطانهما في أرض الشام ، محل نبوة عيسى ابن مريم عليه السلام . { وَطُورِ سِينِينَ } أي : طور سيناء ، محل نبوة موسى صلى الله عليه وسلم ، { وَهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ ٱلأَمِينِ } وهي مكة المكرمة ، محل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم . فأقسم تعالى بهذه المواضع المقدسة ، التي اختارها وابتعث منها أفضل النبوات وأشرفها . والمقسم عليه قوله : { لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ فِيۤ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } أي : تام الخلق ، متناسب الأعضاء ، منتصب القامة ، لم يفقد مما يحتاج إليه ظاهراً أو باطناً شيئاً ، ومع هذه النعم العظيمة ، التي ينبغي منه القيام بشكرها ، فأكثر الخلق منحرفون عن شكر المنعم ، مشتغلون باللهو واللعب ، قد رضوا لأنفسهم بأسافل الأمور ، وسفساف الأخلاق ، فردهم الله في أسفل سافلين أي : أسفل النار ، موضع العصاة المتمردين على ربهم ، إلاَّ مَنْ منَّ الله عليه بالإيمان والعمل الصالح ، والأخلاق الفاضلة العالية ، { فَلَهُمْ } بذلك المنازل العالية ، و { أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } أي : غير مقطوع ، بل لذاتٌ متوافرة ، وأفراح متواترة ، ونعم متكاثرة ، في أبد لا يزول ، ونعيم لا يحول ، أكلها دائم وظلها ، { فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِٱلدِّينِ } أي : أي شيء يكذبك أيها الإنسان بيوم الجزاء على الأعمال ، وقد رأيت من آيات الله الكثيرة ما به يحصل لك اليقين ، ومن نعمه ما يوجب عليك أن لا تكفر بشيء مما أخبرك به ، { أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَحْكَمِ ٱلْحَاكِمِينَ } فهل تقتضي حكمته أن يترك الخلق سدى لا يؤمرون ولا ينهون ، ولا يُثابون ولا يُعاقبون ؟ أم الذي خلق الإنسان أطواراً بعد أطوار ، وأوصل إليهم من النعم والخير والبر ما لا يحصونه ، ورباهم التربية الحسنة ، لا بد أن يعيدهم إلى دار هي مستقرهم وغايتهم ، التي إليها يقصدون ، ونحوها يؤمون . تمت ولله الحمد .