Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 58-58)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : { قُلْ } يا محمد لهؤلاء المشركين بك وبما أنزل إليك من عند ربك : { بِفَضْلِ اللَّهِ } أيها الناس الذي تفضل به عليكم ، وهو الإسلام ، فبينه لكم ودعاكم إليه ، { وَبِرَحَمتِهِ } التي رحمكم بها ، فأنزلها إليكم ، فعلمكم ما لم تكونوا تعلمون من كتابه ، وبَصَّركم بها معالم دينكم وذلك القرآن . { فَبِذلكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } يقول : فإن الإسلام الذي دعاهم إليه والقرآن الذي أنزله عليهم ، خير مما يجمعون من حطام الدنيا وأموالها وكنوزها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ بن الحسن الأزدي ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن الحجاج ، عن عطية ، عن أبي سعيد الخدريّ ، في قوله : { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَبِذَلكَ فَلْيَفْرَحُوا } قال : بفضل الله القرآن وبرحمته أن جعلكم من أهله . حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي ، قال : ثنا فضيل ، عن منصور ، عن هلال بن يساف : { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلكَ فَلْيَفْرَحُوا } قال : بالإسلام الذي هداكم ، وبالقرآن الذي علمكم . حدثنا أبو هشام الرفاعي ، قال : ثنا ابن يمان ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن هلال بن يساف : { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ } قال : بالإسلام والقرآن : { فَبِذَلكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعون } من الذهب والفضة . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن هلال بن يساف ، في قوله : { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ } قال : فضل الله : الإسلام ، ورحمته : القرآن . حدثني عليّ بن سهل ، قال : ثنا زيد ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن هلال بن يساف ، في قوله : { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحَمتِهِ } قال : الإسلام والقرآن . حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو نعيم وقبيصة ، قالا : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن هلال بن يساف مثله . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن هلال ، مثله . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلكَ فَلْيَفْرَحُوا } أما فضله : فالإسلام ، وأما رحمته : فالقرآن . حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن الحسن : { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحَمتِهِ } قال : فضله : الإسلام ، ورحمته : القرآن . حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحَمتِهِ } قال : القرآن . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : { وَبِرَحْمَتِهِ } قال : القرآن . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال ابن عباس ، قوله : { هَوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } قال : الأموال وغيرها . حدثنا عليّ بن داود ، قال : ثني أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس : { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحَمتِهِ } يقول : فضله : الإسلام ، ورحمته : القرآن . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن هلال : { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلكَ فَلْيَفْرَحُوا } قال : بكتاب الله وبالإسلام . { هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعونَ } . وقال آخرون : بل الفضل : القرآن ، والرحمة : الإسلام . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعونَ } قال : بفضل الله : القرآن ، وبرحمته : حين جعلهم من أهل القرآن . حدثني المثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا جعفر بن عون ، قال : ثنا هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، قال : فضل الله : القرآن ، ورحمته : الإسلام . حدثني المثنى ، قال : ثنا عمرو بن عون ، قال : أخبرنا هشيم ، عن جويبر ، عن الضحاك ، قوله : { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحَمتِهِ } قال : بفضل الله : القرآن ، وبرحمته ، الإسلام . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحَمتِهِ فَبِذَلكَ فَلْيَفْرَحُوا } قال : كان أبي يقول : فضله : القرآن ، ورحمته : الإسلام . واختلفت القراء في قراءة قوله : { فَبِذَلكَ فَلْيَفْرَحُوا } . فقرأ ذلك عامة قرّاء الأمصار : { فَلْيَفْرَحُوا } بالياء ، { هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } بالياء أيضاً على التأويل الذي تأوّلناه من أنه خبر عن أهل الشرك بالله . يقول : فبالإسلام والقرآن الذي دعاهم إليه فليفرح هؤلاء المشركون ، لا بالمال الذي يجمعون ، فإن الإسلام والقرآن خير من المال الذي يجمعون . وكذلك : حُدثت عن عبد الوهاب بن عطاء ، عن هارون ، عن أبي التياح : { فَبِذَلكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعونَ } يعني الكفار . ورُوي عن أبيّ بن كعب في ذلك ما : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، عن سفيان ، عن أسلم المنقري ، عن عبد الله بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزي ، عن أبيه ، عن أبيّ بن كعب أنه كان يقرأ : « فَبِذَلكَ فَلْتَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعونَ » بالتاء . حدثني المثنى ، قال : ثنا عمرو بن عون ، قال : أخبرنا هشيم عن الأجلح ، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزي ، عن أبيه ، عن أبيّ بن كعب مثل ذلك . وكذلك كان الحسن البصري يقول غير أنه فيما ذكر عنه كان يقرأ قوله : { هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } بالياء الأوّل على وجه الخطاب ، والثاني على وجه الخبر عن غائب . وكان أبو جعفر القارىء فيما ذكر عنه يقرأ ذلك نحو قراءة أبيّ بالتاء جميعا . قال أبو جعفر : والصواب من القراءة في ذلك ما عليه قرّاء الأمصار من قراءة الحرفين جميعا بالياء : { فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعونَ } لمعنيين : أحدهما : إجماع الحجة من القرّاء عليه ، والثاني : صحته في العربية . وذلك أن العرب لا تكاد تأمر المخاطب باللام والتاء ، وإنما تأمره فتقول : افعل ولا تفعل . وبعد : فإني لا أعلم أحدا من أهل العربية إلا وهو يستردىء أمر المخاطب باللام ، ويرى أنها لغة مرغوب عنها غير الفراء ، فإنه كان يزعم أن اللام في ذي التاء الذي خلق له واجهتَ به أم لم تواجِهْ ، إلا أن العرب حذفت اللام من فعل المأمور المواجه لكثرة الأمر خاصة في كلامهم ، كما حذفوا التاء من الفعل . قال : وأنت تعلم أن الجازم والناصب لا يقعان إلا على الفعل الذي أوله الياء والتاء والنون والألف ، فلما حذفت التاء ذهبت اللام وأحدثت الألف في قولك : اضرب وافرح ، لأن الفاء ساكنة ، فلم يستقم أن يستأنف بحرف ساكن ، فأدخلوا ألفا خفيفة يقع بها الابتداء ، كما قال : ادّاركوا واثَّاقَلْتُمْ . وهذا الذي اعتلّ به الفراء عليه لا له وذلك أن العرب إن كانت قد حذفت اللام في المواجه وتركتها ، فليس لغيرها إذا نطق بكلامها أن يدخل فيها ما ليس منه ما دام متكلما بلغتها ، فإن فعل ذلك كان خارجا عن لغتها ، وكلام الله الذي أنزله على محمد بلسانها ، فليس لأحد أن يتلوه إلا بالأفصح من كلامها ، وإن كان معروفاً بعض ذلك من لغة بعضها ، فكيف بما ليس بمعروف من لغة حيّ ولا قبيلة منها ؟ وإنما هو دعوى لا ثبَت بها ولا حجة .