Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 84-84)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : { وَ } أرسلنا { إلـى } ولد { مَدْيَنَ أخاهُمْ شُعَيْبـاً } فلـما أتاهم { قالَ يا قَوْمِ اعْبُدوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إلَهٍ غيرُهُ } يقول : أطيعوه ، وتَذَللَّوا له بـالطاعة لـما أمركم به ونهاكم عنه ، { ما لَكُمْ مِنْ إلهٍ غَيْرُهُ } يقول : ما لكم من معبود سواه يستـحق علـيكم العبـادة غيره . { وَلا تَنْقصُوا الـمِكْيالَ والـمِيزانَ } يقول : ولا تنقصوا الناس حقوقهم فـي مكيالكم وميزانكم ، { إنّـي أرَاكمْ بِخَيْرٍ } . واختلف أهل التأويـل فـي الـخير الذي أخبر الله عن شعيب أنه قال لـمدين إنه يراهم به ، فقال بعضهم : كان ذلك رُخْص السعر وحذرهم غَلاءه . ذكر من قال ذلك : حدثنـي زكريا بن يحيى بن أبـي زائدة ، قال : ثنا عبد الله بن داود الواسطي ، قال : ثنا مـحمد بن موسى ، عن الذيال بن عمرو ، عن ابن عبـاس : { إنّـي أرَاكُمْ بِخَيْرٍ } قال : رُخْص السعر . { وإنّـي أخافُ عَلَـيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُـحِيطٍ } قال : غلاء سعر . حدثنـي أحمد بن علـيّ النصري ، قال : ثنـي عبد الصمد بن عبد الوراث ، قال : ثنا صالـح بن رستـم ، عن الـحسن ، وذكر قوم شعيب قال : { إنّـي أرَاكُمْ بِخَيْرٍ } قال : رُخْص السعر . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ، عن أبـي عامر الـخراز ، عن الـحسن ، فـي قوله : { إنّـي أرَاكُمْ بِخَيْرٍ } قال : الغنى ورُخْص السعر . وقال آخرون : عنـي بذلك : إنـي أرى لكم مالاً وزينة من زين الدنـيا . ذكر من قال ذلك : حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، فـي قوله : { إنّـي أرَاكُمْ بِخَيْرٍ } قال : يعنـي خير الدنـيا وزينتها . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { إنّـي أرَاكُمْ بِخَيْرٍ } أبصر علـيهم قِشْراً من قِشْر الدنـيا وزينتها . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد فـي قوله : { إنّـي أرَاكُمْ بِخَيْرٍ } قال : فـي دنـياكم ، كما قال الله تعالـى : { إنْ تَرَكَ خَيْراً } سماه خيراً لأن الناس يسمون الـماء خيراً . وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب ما أخبر الله عن شعيب أنه قال لقومه ، وذلك قوله : { إنّـي أرَاكُمْ بِخَيْرٍ } يعنـي بخير الدنـيا . وقد يدخـل فـي خير الدنـيا الـمال وزينة الـحياة الدنـيا ورخص السعر ، ولا دلالة علـى أنه عنـي بقـيـله ذلك بعض خيرات الدنـيا دون بعض ، فذلك علـى كلّ معانـي خيرات الدنـيا التـي ذكر أهل العلـم أنهم كانوا أوتوها . وإنـما قال ذلك شعيب ، لأن قومه كانوا فـي سعة من عيشهم ورخص من أسعارهم كثـيرة أموالهم ، فقال لهم : لا تنقصوا الناس حقوقهم فـي مكايـيـلكم وموازينكم ، فقد وسَّع الله علـيكم رزقكم ، { وَإنِّـي أخافُ عَلـيكُم } بـمخالفتكم أمر الله وبخسكم الناس أموالهم فـي مكايـيـلكم وموازينكم عذابَ يومٍ مُـحيطٍ يقول : أن ينزل بكم عذاب يوم مـحيط بكم عذابه . فجعل الـمـحيط نعتاً للـيوم ، وهو من نعت العذاب ، إذ كان مفهوماً معناه ، وكان العذاب فـي الـيوم ، فصار كقولهم جُبَّتك مـحترقة .