Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 109-109)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : { وَمَا أرْسَلْنا } يا مـحمد { مِنْ قَبْلِكَ إلاَّ رِجالاً } لا نساء ولا ملائكة ، { نُوحِي إلَـيْهِمْ } آياتنا بـالدعاء إلـى طاعتنا وإفراد العبـادة لنا { مِنْ أهْل القُرَى } يعنـي من أهل الأمصار ، دون أهل البوادي . كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَما أرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إلاَّ رِجالاً نُوحِي إلَـيْهمْ مِنْ أهْل القُرَى } لأنهم كانوا أحلـم وأحلـم من أهل العمود . وقوله : { أفَلَـمْ يَسِيروا فـي الأرْضِ } يقول تعالـى ذكره : أفل يسر هؤلاء الـمشركون الذين يكذبونك يا مـحمد ، ويجحدون نبوّتك ، ويُنكرون ما جئتهم به من توحيد الله وإخلاص الطاعة والعبـادة له فـي الأرض ، { فَـيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ } إذ كذّبوا رسلنا ، ألـم نُـحِلّ بهم عقوبتنا ، فنهلكَهم بها ، وننـج منها رسلنا وأتبـاعنا ، فـيتفكروا فـي ذلك ويعتبروا ؟ ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، قال : قال ابن جريج : قوله : { وَما أرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إلاَّ رِجالاً نُوحِي إلَـيْهِمْ } قال : إنهم قالوا : ما أَنْزَلَ الله علـى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قال : وقوله : { وَما أكْثَرُ النَّاس وَلَوْ حَرَصْتَ بِـمُؤْمِنِـينَ وَما تسْأَلُهُمْ عَلَـيْهِ مِنْ أجْرٍ } ، وقوله : { وكأيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِـي السَّمَوَاتِ والأرْض يَـمُرُّونَ عَلَـيْها } ، وقوله : { أفأَمِنُوا أنْ تَأْتِـيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللّهِ } ، وقوله : { أفَلَـمْ يَسِيرُوا فِـي الأرْضِ فَـيَنْظُرُوا } من أهلكنا ؟ قال : فكل ذلك قال لقريش : أفلـم يسيروا فـي الأرض فـينظروا فـي آثارهم فـيعتبروا ويتفكروا . وقوله : { وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ } يقول تعالـى ذكره : هذا فِعْلنا فـي الدنـيا بأهل ولايتنا وطاعتنا ، إن عقوبتنا إذا نزلت بأهل معاصينا والشرك بنا أنـجيناهم منها ، وما فـي الدار الآخرة لهم خير . وترك ذكر ما ذكرنا اكتفـاء بدلالة قوله : { وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ للَّذِينَ اتَّقَوْا } علـيه ، وأضيفت الدار إلـى الآخرة ، وهي الآخرة ، لاختلاف لفظهما ، كما قـيـل : { إنَّ هذَا لَهُوَ حَقُّ الـيَقِـينِ } وكما قـيـل : أتـيتك عامَ الأوّلِ ، وبـارحة الأولـى ، ولـيـلةَ الأولـى ، ويومَ الـخميس ، وكما قال الشاعر : @ أتَـمْدحُ فَقُعَسا وتَذُمُّ عَبَسا ألا لِلّهِ أُمُّكَ مِنْ هَجِينِ ولوْ أقْوَتْ عَلَـيْكَ دِيارُ عَبْسٍ عَرَفتَ الذُّلَّ عِرْفـانَ الـيَقِـينِ @@ يعنـي عرفـاناً به يقـيناً . فتأويـل الكلام : وللدار الآخرة خير للذين اتقوا الله بأداء فرائضه واجتناب معاصيه . وقوله : { أفَلا تَعْقِلُونَ } يقول : أفلا يعقل هؤلاء الـمشركون بـالله حقـيقة ما نقول لهم ونـخبرهم به من سوء عاقبة الكفر ، وغبّ ما يصير إلـيه حال أهله مع ما قد عاينوا ورأوا وسمعوا مـما حلّ بـمن قبلهم من الأمـم الكافرة الـمكذّبة رسل بها .