Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 110-110)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً يوحي إلـيهم من أهل القُرى ، فدعوا من أرسلنا إلـيهم ، فكذّبوهم ، وردّوا ما أتوا به من عند الله ، حتـى إذا استـيأس الرسل الذين أرسلناهم إلـيهم منهم أن يؤمنوا بـالله ، ويصدّقوهم فـيـما أتوهم به من عند الله ، وظنّ الذين أرسلناهم إلـيهم من الأمـم الـمكذّبة أن الرسل الذين أرسلناهم ، قدكذبوهم فـيـما كانوا أخبروهم عن الله من وعده إياهم نصرهم علـيهم ، جاءهم نصرنا . وذلك قول جماعة من أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو السائب سلـم بن جنادة ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن مسلـم ، عن ابن عبـاس ، فـي قوله : { حتـى إذَا اسْتَـيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أنَّهُمْ قَد كُذِبُوا } قال : لـما أيست الرسل أن يستـجيب لهم قومهم ، وظنّ قومهم أن الرسل قد كذبوهم ، جاءهم النصر علـى ذلك ، فننـجي من نشاء . حدثنا الـحسن بن مـحمد ، قال : ثنا أبو معاوية الضرير ، قال : ثنا الأعمش ، عن مسلـم ، عن ابن عبـاس بنـحوه ، غير أنه قال فـي حديثه ، قال : أيست الرسل ، ولـم يقل : لـما أيست . حدثنا مـحمد بن بشار ، قال : ثنا مؤمل ، قال : ثنا سفـيان ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبـير : { حتـى إذَا اسْتَـيْأَسَ الرُّسُلُ } أن يسلـم قومهم ، وظنّ قوم الرسل أن الرسل قد كذَبوا جاءهم نصرنا . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا مؤمل ، قال : ثنا سفـيان ، عن الأعمش ، عن أبـي الضحى ، عن ابن عبـاس ، مثله . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا عمران بن عيـينة ، عن عطاء ، عن سعيد بن جبـير ، عن ابن عبـاس : { حتـى إذَا اسْتَـيْأَسَ الرُّسُلُ وظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } قال : حتـى إذا استـيأس الرسل من قومهم ، وظنّ قومهم أن الرسل قد كذَبوا ، { جاءَهُمْ نَصْرُنا } . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفـيان ، عن حصين ، عن عمران السلـمي ، عن ابن عبـاس : { حتـى إذَا اسْتَـيأَسَ الرُّسُلُ وظَنُّوا أنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } أيس الرسل من قومهم أن يصدّقوهم ، وظنّ قومهم أن الرسل قد كذبتهم . حدثنا عمرو بن عبد الـحميد ، قال : ثنا جرير ، عن حصين ، عن عمرا بن الـحرث السلـمي ، عن عبد الله بن عبـاس ، فـي قوله : { حتـى إذَا اسْتَـيأَسَ الرُّسُلُ } قال : استـيأس الرسل من قومهم أن يستـجيبوا لهم { وَظَنُّوا أنَّهُمْ قَد كُذِبُوا } قال : ظنّ قومهم أنهم جاءوهم بـالكذب . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن إدريس ، قال : سمعت حصينا ، عن عمران بن الـحرث ، عن ابن عبـاس : { حَتَـى إذَا اسْتَـيأَسَ الرُّسُلُ } من أن يستـجيب لهم قومهم ، وظنّ قومهم أن قد كذبوهم ، { جاءَهُمْ نَصْرُنا } . حدثنـي أبو حصين عبد الله بن أحمد بن يونس ، قال : ثنا عبثر ، قال : ثنا حصين ، عن عمران بن الـحارث ، عن ابن عبـاس ، فـي هذه الآية : { حَتـى إذَا اسْتَـيْأَسَ الرُّسُلُ } قال : استـيأس الرسل من قومهم أن يؤمنوا ، وظنّ قومهم أن الرسل قد كذبوهم فـيـما وعدوا وكذبوا ، { جاءَهُمْ نَصْرُنا } . حدثنا مـحمد بن الـمثنى ، قال : ثنا ابن أبـي عديّ ، عن شعبة ، عن حصين ، عن عمران بن الـحرث ، عن ابن عبـاس ، قال : { حتـى إذَا اسْتَـيْأَسَ الرُّسُلُ } من نصر قومهم { وَظَنُّوا أنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } ظنّ قومهم أنهم قد كذبوهم . حدثنا الـحسن بن مـحمد ، قال : ثنا مـحمد بن الصبـاح ، قال : ثنا هشيـم ، قال : أخبرنا حصين ، عن عمران بن الـحرث ، عن ابن عبـاس ، فـي قوله : { حتـى إذَا اسْتَـيْأَسَ الرُّسُلُ } قال : من قومهم أن يؤمنوا بهم ، وأن يستـجيبوا لهم ، وظنّ قومهم أن الرسل قد كذبوهم { جاءَهُمْ نَصْرُنا } يعنـي الرسل . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عمرو بن عون ، قال : أخبرنا هشيـم ، عن حصين ، عن عمران بن الحرث ، عن ابن عبـاس بـمثله سواء . حدثنا الـحسن بن مـحمد ، قال : ثنا عبد الوهاب بن عطاء ، عن هارون ، عن عبـاد القرشي ، عن عبد الرحمن بن معاوية ، عن ابن عبـاس : { وَظَنُّوا أنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } خفـيفة ، وتأويـلها عنده ، وظنّ القوم أن الرسل قد كَذَبوا . حدثنا أبو بكر ، قال : ثنا طلق بن غنام ، عن زائدة ، عن الأعمش ، عن مسلـم ، عن ابن عبـاس ، قال : { حتـى إذَا اسْتَـيْأَسَ الرُّسُلُ } من قومهم أن يصدّقوهم ، وظنّ قومهم أن قد كذبتهم رسلهم ، { جاءَهُمْ نَصْرُنا } . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالـح قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { حتـى إذَا اسْتَـيْأَسَ الرُّسُلُ وظَنُّوا أنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } يعنـي : أيس الرسل من أن يتبعهم قومهم ، وظنّ قومهم أن الرسل قد كَذَبوا ، فـينصر الله الرسل ، ويبعث العذاب . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس قوله : { حتـى إذَا اسْتَـيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا } حتـى إذا استـيأس الرسل من قومهم أن يطيعوهم ويتبعوهم ، وظنّ قومهم أن رسلهم كذبوهم { جاءهم نصرنا } . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا مـحمد بن فضيـل ، عن حصين ، عن عمران بن الـحرث ، عن ابن عبـاس : { حتـى إذَا اسْتَـيْأَسَ الرُّسُلُ من قومهم وَظَنُّوا أنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } قال : فما أبطأ علـيهم لا من ظنّ أنهم قد كذَبوا . قال : ثنا آدم العسقلانـي ، قال : ثنا شعبة ، قال : أخبرنا حصين بن عبد الرحمن ، عن عمران بن الـحرث قال : سمعت ابن عبـاس يقول : { وَظَنُّوا أنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } خفـيفة . وقال ابن عبـاس : ظنّ القوم أن الرسل قد كذبوهم خفـيفة . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا جرير ، عن عطاء ، عن سعيد بن جبـير ، فـي قوله : { حتـى إذَا استْـيْأَسَ الرُّسُلُ } من قومهم ، وظنّ قومهم أن الرسل قد كذبوهم . قال : ثنا مـحمد بن فضيـل ، عن خصيف ، قال : سألت سعيد بن جبـير ، عن قوله : { حتـى إذا استْـيَأَس الرُّسُلُ } من قومهم ، وظنّ الكفـار أنهم هم كُذِبوا . حدثنـي يعقوب والـحسن بن مـحمد ، قالا : ثنا إسماعيـل بن علـية . قال : ثنا كلثوم بن جبر ، عن سعيد بن جبـير ، قوله : { حتـى إذَا اسْتَـيْأَسَ الرُّسُلُ } من قومهم أن يؤمنوا ، وظنّ قومهم أن الرسل قد كذبتهم . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عارم أبو النعمان ، قال : ثنا حماد بن زيد ، قال : ثنا شعيب ، قال : ثنـي إبراهيـم بن أبـي حرّة الـجزري ، قال : سأل فتـى من قريش سعيد بن جبـير ، فقال له : يا أبـا عبد الله كيف تقرأ هذا الـحرف فإنـي إذا أتـيت علـيه تـمنـيت أن لا أقرأ هذه السورة { حتـى إذَا اسْتَـيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } ؟ قال : نعم ، حتـى إذا استـيأس الرسل من قومهم أن يصدّقوهم ، وظنّ الـمرسل إلـيهم أن الرسل كذبوا . قال : فقال الضحاك بن مزاحم : ما رأيت كالـيوم قط رجلاً يدعى إلـى علـم فـيتلكأ ، لو رحلت فـي هذه إلـى الـيـمن كان قلـيلاً . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا الـحجاج ، قال : ثنا ربـيعة بن كلثوم ، قال : ثنـي أبـي ، أن مسلـم بن يسار ، سأل سعيد بن جبـير فقال : يا أبـا عبد الله ، آية بلغت منـي كل مبلغ : { حتـى إذَا اسْتَـيْأَسَ الرُّسُلُ وظَنُّوا أنَّهمْ قَدْ كُذِبُوا } فهذا الـموتُ ، أن تظنّ الرسل أنهم قد كُذِبوا ، أو نظنّ أنهم قد كَذَبوا مخففة ؟ قال : فقال سعيد بن جبـير : يا أبـا عبد الرحمن ، حتـى إذا استـيأس الرسل من قومهم أن يستـجيبوا لهم ، وظنّ قومهم أن الرسل كذبتهم { جاءَهُمْ نَصْرُنا فَنُـجِّيَ مَنْ نَشاءُ ، وَلا يُرَدُّ بأْسُنا عَنِ القَوْمِ الـمُـجْرِمِينَ } . قال : فقال مسلـم إلـى سعيد ، فـاعتنقه وقال : فرّج الله عنك كما فرّجت عنـي . حدثنا الـحسن بن مـحمد ، قال : ثنا يحيى بن عبـاد ، قال : ثنا وهيب ، قال : ثنا أبو الـمعلـى العطار ، عن سعيد بن جبـير ، عن ابن عبـاس : { حتـى إذَا اسْتَـيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } قال : استـيأس الرسل من إيـمان قومهم وظنّ قومهم أن الرسل قد كذبوهم ، ما كانوا يخبرونهم ويبلغونهم . قال : ثنا شبـابة ، قال : ثنا ورقاء ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله { حتـى إذَا اسْتَـيْأَسَ الرُّسُلُ } أن يصدّقهم قومهم ، وظنّ قومهم أن الرسل قد كذبوا ، جاء الرسل نصرنا . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنـي الـمثنى . قال : ثنا الـحجاج ، قال : ثنا حماد ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبـير ، فـي هذه الآية : { حتـى إذَا استْـيَأَسَ الرُّسُلُ } من قومهم . وظن قومهم أن الرسل قد كذبت . قال : ثنا حماد ، عن كلثوم بن جبر ، قال : قال لـي سعيد بن جبـير : سألنـي سيِّد من ساداتكم عن هذه الآية . فقلت : استـيأس الرسل من قومهم ، وظنّ قومهم أن الرسل قد كذبت . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { حتـى إذَا اسْتَـيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } قال : استـيأس الرسل أن يؤمن قومهم بهم ، وظنّ قومهم الـمشركون أن الرسل قد كُذِبوا ما وعدهم الله من نصره إياهم علـيهم وأُخـلِفوا . وقرأ : { جاءَهُمْ نَصْرُنا } قال : جاء الرسل النصر حينئذٍ ، قال : وكان أبّـي يقرؤها : { كُذِبُوا } . حدثنا الـحسن بن مـحمد ، قال : ثنا عبد الوهاب بن عطاء ، عن سعيد ، عن أبـي الـمتوكل ، عن أيوب ابن أبـي صفوان ، عن عبد الله بن الـحرث ، أنه قال : { حتـى إذَا اسْتَـيْأَسَ الرُّسُلُ } من إيـمان قومهم { وَظَنُّوا أنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } وظن القوم أنهم قد كذبوهم فـيـما جاءوهم به . حدثنا الـحسن بن مـحمد ، قال : ثنا عبد الوهاب ، عن جويبر ، عن الضحاك ، قال : ظنّ قومهم أن رسلهم قد كذبوهم فـيـما وعدوهم به . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنا مـحمد بن فضيـل ، عن جحش بن زياد الضبـي ، عن تـميـم ابن حذلـم ، قال : سمعت عبد الله بن مسعود يقول فـي هذه الآية : « حتـى إذَا اسْتَـيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أنَّهُمْ قَدْ كَذَبُوا » قال : استـيأس الرسل من إيـمان قومهم أن يؤمنوا بهم ، وظنّ قومهم حين أبطأ الأمر أنه قد كَذَبُوا بـالتـخفـيف . حدثنا أبو الـمثنى ، قال : ثنا مـحمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن أبـي الـمعلـى ، عن سعيد بن جبـير ، فـيقوله : { حتـى إذَا اسْتَـيأَسَ الرُّسُل } قال : استـيأس الرسل من نصر قومهم ، وظنّ قوم الرسل أن الرسل قد كَذَبوهم . حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : ثنا أبو أحمد ، قال : ثنا عمرو بن ثابت ، عن أبـيه ، عن سعيد بن جبـير : { حتـى إذَا اسْتَـيْأَسَ الرُّسُلُ } أن يصدّقوهم ، وظنّ قومهم أن الرسل قد كذبوهم . قال : ثنا أبو أحمد ، قال : ثنا إسرائيـل ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبـير ، عن ابن عبـاس : { حتـى إذَا اسْتَـيْأَسَ الرُّسُلُ } أن يصدّقهم قومهم ، وظنّ قومهم أن الرسل قد كذبوهم . حُدثت عن الـحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبـا معاذ يقول : ثنا عبـيد بن سلـيـمان ، قال : سمعت الضحاك فـي قوله : { حتـى إذَا اسْتَـيْأَسَ الرُّسُلُ } يقول : استـيأسوا من قومهم أن يجيبوهم ، ويؤمنوا بهم ، وظنوا : يقول : وظنّ قوم الرسل أن الرسل قد كذبوهم الـموعد . والقراءة علـى هذا التأويـل الذي ذكرنا فـي قوله : { كُذِبُوا } بضم الكاف وتـخفـيف الذال ، وذلك أيضاً قراءة بعض قرّاء أهل الـمدينة وعامَّة قرّاء أهل الكوفة . وإنـما اخترنا هذا التأويـل وهذه القراءة ، لأن ذلك عقـيب قوله : { وَما أرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إلاَّ رِجالاً نُوحِي إلَـيْهِمْ مِنْ أهْل القُرَى أفَلَـم يَسِيرُوا فـي الأرْضِ فَـيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ } فكان ذلك دلـيلاً علـى أن إياس الرسل كان من إيـمان قومهم الذين أهلكوا ، وأن الـمضمر فـي قوله : { وظَنُّوا أنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } إنـما هو من ذكر الذين من قبلهم من الأمـم الهالكة ، وزاد ذلك وضوحاً أيضاً إتبـاع الله فـي سياق الـخبر عن الرسل وأمـمهم قوله : { فَنُـجِّيَ مَنْ نَشاءُ } إذ الذين أهلكوا هم الذين ظنوا أن الرسل قد كذبتـم ، فكَذَّبُوهم ظنًّا منهم أنهم قد كَذَبُوهم . وقد ذهب قوم مـمن قرأ هذه القراءة إلـى غير التأويـل الذي اخترنا ، ووجهوا معناه إلـى : حتـى إذا استـيأس الرسل من إيـمان قومهم ، وظنت الرسل أنهم قد كذبوا فـيـما وعدوا من النصر . ذكر من قال ذلك : حدثنا الـحسن بن مـحمد ، قال : ثنا عثمان بن عمر ، قال : ثنا ابن جريج ، عن ابن أبـي ملـيكة ، قال : قرأ ابن عبـاس : { حتـى إذَا اسْتَـيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } قال : كانوا بشراً ضعفوا ويئسوا . قال : ثنا حجاج بن مـحمد ، عن ابن جريج ، قال : أخبرنـي ابن أبـي ملـيكة ، عن ابن عبـاس ، قرأ : { وَظَنُّوا أنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } خفـيفة . قال ابن جريج : أقول كما يقول : أخـلفوا . قال عبد الله : قال لـي ابن عبـاس : كانوا بشراً ، وتلا ابن عبـاس : { حتـى يَقُولَ الرَّسُولُ والَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتـى نَصْرُ اللّهِ ألا إنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ } قال ابن جريج : قال ابن أبـي ملـيكة : ذهب بها إلـى أنهم ضعفوا فظنوا أنهم أخـلفوا . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا مؤمل ، قال : ثنا سفـيان ، عن الأعمش ، عن أبـي الضحى ، عن مسروق عن عبد الله ، أنه قرأ : { حتـى إذَا اسْتَـيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } مخففة ، قال عبد الله : هو الذي تكره . قال : ثنا أبو عامر ، قال : ثنا سفـيان ، عن سلـيـمان ، عن أبـي الضحى ، عن مسروق ، أن رجلا سأل عبد الله بن مسعود : { حَتـى إذا اسْتَـيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } قال : هو الذي تكره ، مخففة . قال : ثنا مـحمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن أبـي بشر ، عن سعيد بن جبـير ، أنه قال فـي هذه الآية : { حتـى إذَا اسْتَـيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } قلت : كُذِبُوا ؟ قال : نعم ألـم يكونوا بشراً . حدثنا الـحارث ، قال : ثنا عبد العزيز ، قال : ثنا إسرائيـل ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عبـاس ، فـي قوله : { حتـى إذَا اسْتَـيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } قال : كانوا بشراً قد ظنوا . وهذا تأويـلٌ وقولٌ ، غيره من أهل التأويـل أولـى عندي بـالصواب ، وخلافه من القول أشبه بصفـات الأنبـياء والرسل ، إن جاز أن يرتابوا بوعد الله إياهم ويشكوا فـي حقـيقة خبره مع معاينتهم من حجج الله وأدلته ما لا يعاينه الـمرسَل إلـيهم ، فـيعذروا فـي ذلك أن الـمرسل إلـيهم لأولـى فـي ذلك منهم بـالعذر ، وذلك قول إن قاله قائل لا يخفـى أمره . وقد ذكر هذا التأويـل الذي ذكرناه أخيراً عن ابن عبـاس لعائشة ، فأنكرته أشدّ النكرة فـيـما ذُكر لنا . ذكر الرواية بذلك عنها رضوان الله علـيها : حدثنا الـحسن بن مـحمد ، قال : ثنا عثمان بن عمر ، قال : ثنا ابن جريج ، عن ابن أبـي ملـيكة ، قال : قرأ ابن عبـاس : { حتـى إذَا اسْتَـيْأَسَ الرُّسُلُ وظَنُّوا أنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } فقال : كانوا بشراً ضعفوا ويئسوا ، قال ابن أبـي ملـيكة : فذكرت ذلك لعروة ، فقال : قالت عائشة : معاذ الله ، ما حدّث الله رسوله شيئاً قطّ إلا علـم أنه سيكون قبل أن يـموت ، ولكن لـم يزل البلاء بـالرسل ، حتـى ظنّ الأنبـياء أن من تبعهم قد كذبوهم . فكانت تقرؤها : « قد كُذّبوا » تثقلها . قال : ثنا حجاج ، عن ابن جريج ، قال : أخبرنـي ابن أبـي ملـيكة ، أن ابن عبـاس قرأ : { وَظَنُّوا أنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } خفـيفة قال عبد الله : ثم قال لـي ابن عبـاس : كانوا بشراً . وتلا ابن عبـاس : { حتـى يَقُولَ الرَّسُولُ والَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتـى نَصْرُ اللّهِ ألا إنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ } قال ابن جريج : قال ابن أبـي ملـيكة : يذهب بها إلـى أنهم ضعفوا ، فظنوا أنهم أخـلفوا . قال ابن جريج : قال ابن أبـي ملـيكة : وأخبرنـي عروة عن عائشة ، أنها خالفت ذلك وأبته ، وقالت : ما وعد الله مـحمداً صلى الله عليه وسلم من شيء إلا وقد علـم أنه سيكون حتـى مات ، ولكنه لـم يزل البلاء بـالرسل حتـى ظنوا أن من معهم من الـمؤمنـين قد كَذَّبوهم . قال ابن أبـي ملـيكة فـي حديث عروة : كانت عائشة تقرؤها : « وظَنُّوا أنَّهُمْ قَدْ كُذِّبُوا » مثّقله ، للتكذيب . قال : ثنا سلـيـمان بن داود الهاشمي ، قال : ثنا إبراهيـم بن سعد ، قال : ثنـي صالـح بن كيسان ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة قال : قلت لها قوله : { حتـى إذَا اسْتَـيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } قال : قالت عائشة : لقد استـيقنوا أنهم قد كذِّبوا . قلت : كُذبُوا ؟ قالت : معاذ الله ، لـم تكن الرسل تُظنّ يوماً ، إنـما هم أتبـاع الرسل لـمَّا استأخر عنهم الوحي واشتدّ علـيهم البلاء ظنَّت الرسل أن أتبـاعهم قد كذَّبوهم { جاءَهُمْ نَصْرُنا } . حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى ، قال : ثنا مـحمد بن ثور ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : حتـى إذا استـيأس الرجل مـمن كذبهم من قومهم أن يصدّقوهم ، وظنت الرسل أن من قد آمن من قومهم قد كذبوهم ، جاءهم نصر الله عند ذلك . فهذا رُوي فـي ذلك عن عائشة ، غير أنها كانت تقرأ : « كُذّبوا » بـالتشديد وضمّ الكاف ، بـمعنى ما ذكرنا عنها ، من أن الرسل ظنت بأتبـاعها الذين قد آمنوا بهم أنهم قد كذبوهم ، فـارتدّوا عن دينهم ، استبطاءً منهم للنصر . وقد بـيَّنا أن الذي نـختار من القراءة فـي ذلك والتأويـل غيره فـي هذا الـحرف خاصة . وقال آخرون مـمن قرأ قوله : « كُذّبُوا » بضم الكاف وتشديد الذال ، معنى ذلك : حتـى إذا استـيأس الرسل من قومهم أن يؤمنوا بهم ويصدّقوهم ، وظنت الرسل : بـمعنى واستـيقنت أنهم قد كذَّبهم أمـمُهم جاءت الرسلَ نُصْرَتُنا وقالوا : الظنّ فـي هذا بـمعنى العلـم ، من قول الشاعر : @ فَظُنُّوا بألْفَـيْ فـارِسٍ مُتَلَبِّب سَرَاتُهُم فـي الفـارِسِيّ الـمُسَرَّدِ @@ حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، عن الـحسن ، وهو قول قتادة : { حتـى إذَا اسْتَـيْأَسَ الرُّسُلُ } من إيـمان قومهم ، « وظَنُّوا أنَّهُمْ قَدْ كُذِّبُوا » : أي استـيقنوا أنه لا خير عند قومهم ، ولا إيـمان ، جاءهم نصرنا . حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى ، قال : ثنا مـحمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : { حتـى إذَا اسْتَـيْأَسَ الرُّسُلُ } قال : من قومهم « وظَنُّوا أنَّهُمْ قَدْ كُذِّبُوا » قال : وعلـموا أنهم قد كُذِّبوا ، { جاءَهُمْ نَصْرُنا } . وبهذه القراءة كانت تقرأ عامة قرّاء الـمدينة والبصرة والشام ، أعنـي بتشديد الذال من « كذبوا » وضمّ كافها . وهذا التأويـل الذي ذهب إلـيه الـحسن وقتادة فـي ذلك إذا قرىء بتشديد الذال وضمّ الكاف خلاف لـما ذكرنا من أقوال جميع من حكينا قوله من الصحابة ، لأنه لـم يوجِّه الظنّ فـي هذا الـموضع منهم أحد إلـى معنى العلـم والـيقـين ، مع أن الظنّ إنـما استعمله العرب فـي موضع العلـم فـيـما كان من علـم أدرك من جهة الـخبر أو من غير وجه الـمشاهدة والـمعاينة ، فأما ما كان من علـم أدرك من وجه الـمشاهدة والـمعاينة فإنها لا تستعمل فـيه الظنّ ، لا تكاد تقول : أظننـي حيًّا وأظننـي إنساناً ، بـمعنى : أعلـمنـي إنساناً وأعلـمنـي حيًّا . والرسل الذين كذّبتهم أمـمهم ، لا شكّ أنها كانت لأمـمها شاهدة ولتكذيبها إياها منها سامعة ، فـيقال فـيها : ظنَّت بأمـمها أنها كذبتها . ورُوي عن مـجاهد فـي ذلك قول هو خلاف جميع ما ذكرنا من أقوال الـماضين الذين سمينا أسماءهم وذكرنا أقوالهم وتأويـل خلاف تأويـلهم وقراءة غير قراءة جميعهم ، وهو أنه فـيـما ذكر عنه كان يقرأ : « وظَنُّوا أنَّهُمْ قَدْ كَذَبُوا » بفتـح الكاف والذال وتـخفـيف الذال . ذكر الرواية عنه بذلك : حدثنـي أحمد بن يوسف ، قال : ثنا أبو عبـيد ، قال : ثنا حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد ، أنه قرأها : « كَذَبُوا » بفتـح الكاف بـالتـخفـيف . وكان يتأوّله كما : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد : استـيأس الرجل أن تَعذّبَ قومهم ، وظنّ قومهم أن الرسل قد كذَبوا ، جاءهم نصرنا ، قال : جاء الرسل نصرُنا . قال مـجاهد : قال فـي الـمؤمن : { فَلَـمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا بـالبَـيِّناتِ فَرِحُوا بِـمَا عِنْدَهُمْ مِنَ العِلْـمَ } قال : قولهم نـحن أعلـم منهم ، ولن نعذَّب . وقوله : { وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } قال : حاق بهم ما جاءت به رسلهم من الـحقّ . وهذه القراءة لا أستـجيز القراءة بها لإجماع الـحجة من قرّاء الأمصار علـى خلافها ، ولو جازت القراءة بذلك لاحتـمل وجهاً من التأويـل وهو أحسن مـما تأوّله مـجاهد ، وهو : { حَتـى إذَا استَـيأس الرسُلُ } من عذاب الله قومَها الـمكذّبة بها ، وظنت الرسلُ أن قومها قد كَذَّبوا وافتروا علـى الله بكفرهم بها . ويكون الظنّ موجهاً حينئذٍ إلـى معنى العلـم ، علـى ما تأوّله الـحسن وقتادة . وأما قوله : { فَنُـجِّيَ مَنْ نَشاءُ } فإن القرّاء اختلفت فـي قراءته ، فقرأه عامة قرّاء أهل الـمدينة ومكة والعراق : « فَنُنَـجِّي مَنْ نَشاءُ » بنونـين ، بـمعنى : فننـجي نـحن من نشاء من رسلنا والـمؤمنـين بنا ، دون الكافرين الذين كذّبوا رسلنا إذا جاء الرسلَ نصرُنا . واعتلّ الذين قرءوا ذلك كذلك أنه إنـما كُتب فـي الـمصحف بنون واحدة ، وحكمه أن يكون بنونـين ، لأن إحدى النونـين حرف من أصل الكلـمة ، من أنـجى يُنـجي ، والأخرى النون التـي تأتـي لـمعنى الدلالة علـى الاستقبـال ، من فعل جماعة مخبرة عن أنفسها ، لأنهما حرفـان أعنـي النونـين من جنس واحد يخفـي الثانـي منهما عن الإظهار فـي الكلام ، فحذفت من الـخط واجتزىء بـالـمثبتة من الـمـحذوفة ، كما يفعل ذلك فـي الـحرفـين اللَّذين يدغم أحدهما فـي صاحبه . وقرأ ذلك بعض الكوفـيـين علـى هذا الـمعنى ، غير أنه أدغم النون الثانـية وشدّد الـجيـم . وقرأه آخر منهم بتشديد الـجيـم ونصب الـياء علـى معنى فعل ذلك به من نـجيته أنـجيه . وقرأ ذلك بعض الـمكيـين : « فَنَـجا مَنْ نَشاءُ » بفتـح النون والتـخفـيف ، من نـجا من عذاب الله من نشاء ينـجو . والصواب من القراءة فـي ذلك عندنا قراءة من قرأ : « فَنُنَـجِّي مَنْ نَشاءُ » بنونـين ، لأن ذلك هو القراءة التـي علـيها القِرَاءة فـي الأمصار ، وما خالفه مـمن قرأ ذلك ببعض الوجوه التـي ذكرناها فمنفرد بقراءته عما علـيه الـحجة مـجمعة من القرّاء ، وغير جائز خلاف ما كان مستفـيضاً بـالقراءة فـي قِرَاءة الأمصار . وتأويـل الكلام : فننـجي الرسل ومن نشاء من عبـادنا الـمؤمنـين إذا جاء نصرنا كما : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال ثنـي عمي : قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس : « فَنُنَـجِّي مَنْ نَشاءُ » فننـجِّي الرسل ومن نشاء ، { وَلا يُرَدُّ بأْسُنا عَنِ القَوم الـمُـجْرِمِينَ } وذلك أن الله تبـارك وتعالـى بعث الرسل ، قدعَوا قومهم . وأخبروهم أنه من أطاع نـجا ومن عصاه عُذّب وغَوَى . وقوله { وَلا يُرَدُّ بأْسُنا عَن القَوْمِ الـمُـجْرِمِينَ } يقول : ولا تردّ عقوبتنا وبطشنا بـمن بطشنا به من أهل الكفر بنا عن القوم الذين أجرموا ، فكفروا بـالله وخالفوا رسله وما أتوهم به من عنده .