Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 86-86)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : قال يعقوب للقائلين له من ولده { تاللّهِ تَفْتَؤُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حتـى تَكُونَ حَرَضًا أوْ تَكُونَ مِنَ الهَالِكِينَ } لست إلـيكم أشكو بثـي وحزنـي ، وإنـما أشكو ذلك إلـى الله . ويعنـي بقوله : { إنَّـمَا أشْكُو بَثِّـي } ما أشكو همي { وَحُزْنِـي } إلاَّ { إلـى اللّهِ } . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج : { إنَّـمَا أشْكُو بَثِّـي } قال : ابن عبـاس : بثّـي : همي . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، قال : قال يعقوب عن علـم بـالله : { إنَّـمَا أشْكُوا بَثِّـي وَحُزْنِـي إلـى اللّهِ وأعْلَـمُ مِنَ اللّهِ ما لا تَعْلَـمُونَ } لـما رأى من فظاظتهم وغلظتهم وسوء لفظهم له : لـم أشك ذلك إلـيكم ، { وأعْلَـمُ مِنَ اللّهِ ما لا تَعْلَـمُونَ } . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبو أسامة ، عن عوف ، عن الـحسن : { إنَّـمَا أشْكُو بَثِّـي وحُزْنِـي إلـى اللّهِ } قال : حاجتـي وحزنـي إلـى الله . حدثنا الـحسن بن مـحمد ، قال : ثنا هوذة بن خـلـيفة ، قال : ثنا عوف ، عن الـحسن ، مثله . وقـيـل : إن البثّ أشدّ الـحزن ، وهو عندي من بَثّ الـحديث ، وإنـما يراد منه : إنـما أشكو خبري الذي أنا فـيه من الهمّ ، وأبثّ حديثـي وحزنـي إلـى الله . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا يحيى بن سعيد ، عن عوف ، عن الـحسن : { إنَّـمَا أشْكُو بَثِّـي } قال : حزنـي . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا يحيى بن سعيد ، عن عوف ، عن الـحسن : { إنَّـمَا أشْكُو بَثِّـي وَحُزُنِـي } قال : حاجتـي . وأما قوله : { وأعْلَـمُ مِنَ اللّهِ ما لا تَعْلَـمُونَ } فإن ابن عبـاس كان يقول فـي ذلك فـيـما ذكر عنه ما : حدثنـي به مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، فـي قوله : { وأعْلَـمُ مِنَ اللّهِ ما لا تَعْلَـمُونَ } يقول : أعلـم أن رؤيا يوسف صادقة وأنـي سأسجد له . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا عمرو ، عن أسبـاط ، عن السديّ : { قالَ إنَّـمَا أشْكُو بثِـيِّ وحُزْنِـي إلـى اللّهِ وأعْلَـمُ منَ اللّهِ ما لا تَعْلَـمُونَ } قال : لـما أخبروه بدعاء الـملك أحست نفس يعقوب ، وقال : ما يكون فـي الأرض صدّيق إلاَّ نبـيّ فطمع ، قال : لعله يوسف . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { قالَ إنَّـمَا أشْكُو بَثِّـي وَحُزْنِـي إلـى اللّهِ } الآية ، ذكر لنا أن نبـيّ الله يعقوب لـم ينزل به بلاء قطّ إلاَّ أتـى حسن ظنه بـالله من ورائه . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، عن عيسى بن يزيد ، عن الـحسن ، قال : قـيـل : ما بلغ وَجْدُ يعقوب علـى ابنه ؟ قال : وَجْد سبعين ثكلـى . قال : فما كان له من الأجر ؟ قال : أجر مئة شهيد . قال : وما ساء ظنه بـالله ساعة من لـيـل ولا نهار . حدثنا به ابن حميد مرّة أخرى ، قال : ثنا حكام ، عن أبـي معاذ ، عن يونس ، عن الـحسن ، عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم ، مثله . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن الـمبـارك بن مـجاهد ، عن رجل من الأزد ، عن طلـحة بن مصرِّف الإيامي ، قال : ثلاثة لا تذكرهن واجتنب ذكرهن : لا تشك مرضك ، ولا تشك مصيبتك ، ولا تزك نفسك . قال : وأنبئت أن يعقوب بن إسحاق دخـل علـيه جار له ، فقال له : يا يعقوب ما لـي أراك قد انهشمت وفنـيت ولـم تبلغ من السنّ ما بلغ أبوك ؟ قال : هشمنـي وأفنانـي ما ابتلانـي الله به من همّ يوسف وذكره . فأوحى الله إلـيه : يا يعقوب أتشكونـي إلـى خـلقـي ؟ فقال : يا ربّ خطيئة أخطأتها ، فـاغفرها لـي قال : فإنـي قد غفرت لك . وكان بعد ذلك إذا سئل ، قال : { إنَّـمَا أشْكُو بَثِّـي وحُزْنِـي إلـى اللّهِ وأعْلَـمُ مِنَ اللّهِ ما لا تَعْلَـمُونَ } . حدثنا عمرو بن علـيّ ، قال : ثنـي مؤمل بن إسماعيـل ، قال : ثنا سفـيان ، عن حبـيب بن أبـي ثابت ، قال : بلغنـي أن يعقوب كبر حتـى سقط حاجبـاه علـى وجنتـيه ، فكان يرفعهما بخرقة ، فقال له رجل : ما بلغ بك ما أرى ؟ قال : طول الزمان وكثرة الأحزان . فأوحى الله إلـيه : يا يعقوب تشكونـي ؟ قال : خطيئة فـاغفرها . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا ثور بن يزيد ، قال : دخـل يعقوب علـى فرعون وقد سقط حاجبـاه علـى عينـيه ، فقال : ما بلغ بك هذا يا إبراهيـم ؟ فقالوا : إنه يعقوب ، فقال : ما بلغ بك هذا يا يعقوب ؟ قال : طول الزمان وكثرة الأحزان . فقال الله : يا يعقوب أتشكونـي ؟ فقال : يا ربّ خطيئة أخطأتها ، فـاغفرها لـي . حدثنا عمرو بن علـيّ ، قال : ثنا عبد الوهاب ، قال : ثنا هشام ، عن لـيث بن أبـي سلـيـم ، قال : دخـل جبرئيـل علـى يوسف السجن ، فعرفه فقال : أيها الـملك الـحسن وجهه ، الطيبة ريحه ، الكريـم عل ربه ، ألا تـخبرنـي عن يعقوب أحيّ هو ؟ قال : نعم . قال : أيها الـملك الـحسن وجهه ، الطيبة ريحه ، الكريـم علـى ربه ، فما بلغ من حزنه ؟ قال : حزن سبعين مثكلة . قال : أيها الـملك الـحسن وجهه ، الطيبة ريحه ، الكريـم علـى ربه ، فهل فـي ذلك من أجر ؟ قال : أجر مئة شهيد . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، عن لـيث بن أبـي سلـيـم ، عن مـجاهد ، قال : حُدثت أن جبرئيـل أتـى يوسف صلَّـى الله علـيهما وسلـم وهو بـمصر فـي صورة رجل فلـما رآه يوسف عرفه ، فقام إلـيه ، فقال : أيها الـملك الطيب ريحه ، الطاهر ثـيابه ، الكريـم علـى ربه ، هل لك بـيعقوب من علـم ؟ قال : نعم . قال : أيها الـملك الطاهر ثـيابه ، الكريـم علـى ربه ، فكيف هو ؟ قال : ذهب بصره . قال : أيها الـملك الطاهر ثـيابه ، الكريـم علـى ربه ، وما الذي أذهب بصره ؟ قال : الـحزن علـيك . قال : أيها الـملك الطيب ريحه ، الطاهر ثـيابه ، الكريـم علـى ربه ، فما أعْطِيَ علـى ذلك ؟ قال : أجر سبعين شهيداً . حدثنـي يونس بن عبد الأعلـى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال أبو شريح : سمعت من يحدّث أن يوسف سأل جبرئيـل : ما بلغ من حزن يعقوب ؟ قال : حُزْنَ سبعين ثَكْلَـى . قال : فما بلغ أجره ؟ قال : أجر سبعين شهيداً . قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرنـي نافع بن زيد ، عن عبـيد الله بن أبـي جعفر ، قال : دخـل جبرئيـل علـى يوسف فـي البئر أو فـي السجن ، فقال له يوسف : يا جبرئيـل ، ما بلغ حزن أبـي ؟ قال : حزن سبعين ثكلـى . قال : فما بلغ أجره من الله ؟ قال : أجر مئة شهيد . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا إسماعيـل بن عبد الكريـم ، قال : ثنـي عبد الصمد بن معقل ، قال : سمعت وهب بن منبه يقول : أتـى جبرئيـل يوسف بـالبشرى وهو فـي السجن ، فقال : هل تعرفنـي أيها الصِّدّيق ؟ قال : أرى صورة طاهرة وروحاً طيبة لا تشبه أرواح الـخاطئين . قال : فإنـي رسول ربّ العالـمين ، وأنا الروح الأمين . قال : فما الذي أدخـلك علـيّ مُدْخَـل الـمذنبـين ، وأنت أطيب الطيبـين ، ورأس الـمقرَّبـين ، وأمين ربّ العالـمين ؟ قال : ألـم تعلـم يا يوسف أنّ الله يطهر البـيوت بطهر النبـيـين ، وأن الأرض التـي يدخـلونها هي أطهر الأرضين ، وأن الله قد طهر بك السجن وما حوله يا طهر الطاهرين وابن الـمطهرين ؟ إنـما يتطهر بفضل طهرك وطهر آبـائك الصالـحين الـمخـلصين . قال : كيف لـي بـاسم الصدّيقـين ، وتعدنـي من الـمخـلصين ، وقد أدخـلت مدخـل الـمذنبـين ، وسميت بـالضالـين الـمفسدين ؟ قال : لـم يفتتن قلبك ، ولـم تطع سيدتك فـي معصية ربك ، ولذلك سماك الله فـي الصدّيقـين ، وعدّك من الـمخـلصين ، وألـحقك بآبـائك الصالـحين . قال : لك علـم بـيعقوب أيها الروح الأمين ؟ قال : نعم ، وهبه الله الصبر الـجميـل ، وابتلاه بـالـحزن علـيك ، فهو كظيـم . قال : فما قدر حزنه ؟ قال : حزن سبعين ثكلـى . قال : فماذا له من الأجر يا جبرئيـل ؟ قال : قدر مئة شهيد . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن لـيث ، عن ثابت البنانـي ، قال : دخـل جبرئيـل علـى يوسف فـي السجن ، فعرفه يوسف ، قال : فأتاه فسلـم علـيه ، فقال : أيها الـملك الطيب ريحه ، الطاهر ثـيابه ، الكريـم علـى ربه ، هل لك من علـم بـيعقوب ؟ قال : نعم . قال : أيها الـملك الطيب ريحه ، الطاهر ثـيابه ، الكريـم علـى ربه ، هل تدري ما فعل ؟ قال : ابـيضت عيناه . قال : أيها الـملك الطيب ريحه ، الطاهر ثـيابه ، الكريـم علـى ربه ، مـمّ ذاك ؟ قال : من الـحزن علـيك ، قال : أيها الـملك الطيب ريحه ، الطاهر ثـيابه ، الكريـم علـى ربه ، وما بلغ من حزنه ؟ قال : حزن سبعين مثكلة . قال : أيها الـملك الطيب ريحه ، الطاهر ثـيابه ، الكريـم علـى ربه ، هل له علـى ذلك من أجر ؟ قال : نعم أجر مئة شهيد . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا عمرو ، عن أسبـاط ، عن السديّ ، قال : أتـى جبرئيـل يوسف وهو فـي السجن فسلـم علـيه ، وجاء فـي صورة رجل حسن الوجه طيب الريح نقـيّ الثـياب ، فقال له يوسف : أيها الـملك الـحسن وجهه ، الكريـم علـى ربه ، الطيب ريحه ، حدِّثنـي كيف يعقوب ؟ قال : حَزِن علـيك حزناً شديداً . قال : وما بلغ من حزنه ؟ قال : حزن سبعين مُثْكَلة . قال : فما بلغ من أجره ؟ قال : أجر سبعين أو مئة شهيد . قال يوسف : فإلـى من أَوَى بعدي ؟ قال : إلـى أخيك بنـيامين . قال : فترانـي ألقاه أبداً ؟ قال : نعم . فبكى يوسف لِـما لَقِـيَ أبوه بعده ، ثم قال : ما أبـالـي ما لقـيت إنِ اللّهُ أرانـيه . قال : ثنا عمرو بن مـحمد ، عن إبراهيـم بن يزيد ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، قال : أتـى جبرئيـل يوسف وهو فـي السجن ، فسلـم علـيه ، فقال له يوسف : أيها الـملك الكريـم علـى ربه ، الطيب ريحه ، الطاهر ثـيابه ، هل من علـم بـيعقوب ؟ قال : نعم ما أشدّ حزنه قال : أيها الـملك الكريـم علـى ربه ، الطيب ريحه ، الطاهر ثـيابه ، ماذا له من الأجر ؟ قال : أجر سبعين شهيداً . قال : أفترانـي لاقـيه ؟ قال : نعم . قال : فطابت نفس يوسف . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن لـيث ، عن سعيد بن جبـير ، قال : لـما دخـل يعقوب علـى الـملك وحاجبـاه قد سقطا علـى عينـيه ، قال الـملك : ما هذا ؟ قال : السنون والأحزان أو الهموم والأحزان ، فقال ربه : يا يعقوب لـم تشكونـي إلـى خـلقـي ، ألـم أفعل بك وأفعل ؟ . حدثنا حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوريّ ، عبد الرحمن بن زياد عن مسلم بن يسار يرفعه إلى النبي صلى الله عليه ويلم قال " مَنْ بَثَّ لَمْ يَصْبِرْ " ثم قرأ { إنما أشك بني وحزني إلى الله } . حدثنا عمرو بن عبد الحميد الآمُلي قال ثنا أبو أسامة ، عن هشام ، عن الحسن ، قال : كان منذ خرج يوسف من عند يعقوب إلـى يوم رجع ثمانون سنة . لـم يفـارق الـحزنُ قلبه ، يبكي حتـى ذهب بصره ، قال الـحسن : والله ما علـى الأرض يومئذٍ خـلـيقة أكرم علـى الله من يعقوب صلى الله عليه وسلم .