Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 13, Ayat: 1-1)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال أبو جعفر : قد بـينا القول فـي تأويـل قوله الر و الـمر ونظائرهما من حروف الـمعجم التـي افتتـح بها أوائل بعض سور القرآن فـيـما مضى بـما فـيه الكفـاية من إعادتها ، غير أنا نذكر من الرواية ما جاء خاصًّا به كلّ سورة افتُتِـح أوّلها بشيء منها . فمـما جاء من الرواية فـي ذلك فـي هذه السورة عن ابن عبـاس من نقل أبـي الضحى مسلـم بن صبـيح وسعيد بن جبـير عنه ، التفريق بـين معنى ما ابتدىء به أوّلها مع زيادة الـميـم التـي فـيها علـى سائر سور ذوات الراء ، ومعنى ما ابتدىء به أخواتها ، مع نقصان ذلك منها عنها . ذكر الرواية بذلك عنه : حدثنا ابن الـمثنى ، قال : ثنا عبد الرحمن ، عن هشيـم ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبـير ، عن ابن عبـاس : { الـمر } قال : أنا الله أرى . حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : ثنا أبو أحمد ، قال : ثنا شريك ، عن عطاء بن السائب ، عن أبـي الضحى ، عن ابن عبـاس : قوله : { الـمر } قال : أنا الله أرى . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو نعيـم الفضل بن دكين ، قال : ثنا سفـيان ، عن مـجاهد : { الـمر } : فواتـح يفتتـح بها كلامه . وقوله : { تِلْكَ آياتُ الكِتاب } يقول تعالـى ذكره : تلك التـي قصصت علـيك خبرها آياتُ الكتاب الذي أنزلته قبل هذا الكتاب الذي أنزلته إلـيك إلـى من أنزلته إلـيه من رسلـي قبلك . وقـيـل : عنى بذلك : التوراة والإنـجيـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { الـمر تِلْكَ آياتُ الكِتابِ } الكتب التـي كانت قبل القرآن . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو نعيـم ، قال : ثنا سفـيان ، عن مـجاهد : { تِلْكَ آياتُ الكتاب } قال : التوراة والإنـجيـل . وقوله : { والَّذِي أُنْزِلَ إلَـيْكَ مِنْ رَبِّكَ الـحَقُّ } وهو القرآن فـاعمل بـما فـيه واعتصم به . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو نعيـم الفضل بن دكين ، قال : ثنا سفـيان ، عن مـجاهد : { والَّذِي أُنْزِلَ إلَـيْكَ مِنْ رَبِّكَ الـحَقُّ } قال : القرآن . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { والَّذِي أُنْزِل إلَـيْكَ مِنْ رَبِّكَ الـحَقُّ } : أي هذا القرآن . وفـي قوله : { وَالَّذِي أُنْزِلَ إلَـيْكَ } وجهان من الإعراب : أحدهما الرفع علـى أنه كلام مبتدأ ، فـيكون مرفوعاً بـ « الـحق » و « الـحق به » . وعلـى هذا الوجه تأويـل مـجاهد وقتادة الذي ذكرنا قبل عنهما . والآخر : الـخفض علـى العطف به علـى الكتاب ، فـيكون معنى الكلام حينئذٍ : تلك آيات التوراة والإنـجيـل والقرآن ، ثم يبتدىء الـحقّ بـمعنى ذلك الـحقّ ، فـيكون رفعه بـمضمر من الكلام قد استغنـي بدلالة الظاهر علـيه منه . ولو قـيـل : معنى ذلك : تلك آيات الكتاب الذي أنزل إلـيك من ربك الـحقّ ، وإنـما أدخـلت الواو فـي « والذي » ، وهو نعت للكتاب ، كما أدخـلها الشاعر فـي قوله : @ إلـى الـمَلِكِ القَرْمِ وابنِ الهُمام ولَـيْثِ الكَتِـيبَةِ فـي الـمُزْدَحَمْ @@ فعطف بــالواو ، وذلك كله من صفة واحد ، كان مذهبـاً من التأويـل ولكن ذلك إذا تؤوّل كذلك فـالصواب من القراءة فـي « الـحقّ الـخفض » علـى أنه نعت لـ « الذي » . وقوله : { وَلكِنَّ أكْثَرَ النَّاس } من مشركي قومك لا يصدقون بـالـحقّ الذي أنزل إلـيك من ربك ، ولا يقرّون بهذا القرآن وما فـيه من مـحكم آيِه .