Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 41-42)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اختلفت القرّاء فـي قراءة قوله : { قالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلـيَّ مُسْتَقِـيـمٌ } فقرأه عامَّة قراء الـحجاز والـمدينة والكوفة والبصرة : { هَذَا صِرَاطٌ عَلـيَّ مُسْتَقِـيـمٌ } بـمعنى : هذا طريق إلـيَّ مستقـيـم . فكان معنى الكلام : هذا طريق مرجعه إلـيّ فأجازي كلاًّ بأعمالهم كما قال الله تعالـى ذكره : { إنَّ رَبَّكَ لَبـالـمرْصَاد } . وذلك نظير قول القائل لـمن يتوعده ويتهدده : طريقك علـيّ ، وأنا علـى طريقك فكذلك قوله : { هَذَا صِرَاطٌ } معناه : هذا طريق علـيّ وهذا طريق إلـيّ . وكذلك تأوّل من قرأ ذلك كذلك . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحرث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء وحدثنـي الـحسن بن مـحمد ، قال : ثنا شبـابة ، قال : ثنا ورقاء وحدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل وحدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الله ، عن ورقاء ، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله : { هَذَا صِرَاطٌ عَلـيَّ مُسْتَقِـيـمٌ } قال : الـحقّ يرجع إلـى الله وعلـيه طريقه ، لا يعرِّج علـى شيء . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد ، بنـحوه . حدثنا أحمد بن يوسف ، قال : ثنا القاسم ، قال : ثنا مَرْوان بن شجاع ، عن خَصِيف ، عن زياد بن أبـي مريـم ، وعبد الله بن كثـير أنهما قرآها : { هَذَا صِرَاطٌ عَلـيَّ مُسْتَقِـيـمٌ } وقالا : « علـيّ » هي « إلـيّ » وبـمنزلتها . حدثنا الـحسن بن مـحمد ، قال : ثنا عبد الوهاب بن عطاء ، عن إسماعيـل بن مسلـم ، عن الـحسن وسعيد عن قتادة ، عن الـحسن : { هَذَا صِرَاطٌ عَلـيَّ مُسْتَقِـيـمٌ } يقول : إلـيّ مستقـيـم . وقرأ ذلك قـيس بن عبـاد وابن سيرين وقتادة فـيـما ذُكر عنهم « هَذَا صِرَاطٌ عَلـيٌّ مُسْتَقِـيـمٌ » برفع « علـيّ » علـى أنه نعت للصراط ، بـمعنى رفـيع . ذكر من قال ذلك : حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا ابن أبـي حماد ، قال : ثنـي جعفر البصري ، عن ابن سيرين أنه كان يقرأ : { هَذَا صِرَاطٌ عَلـيَّ مُسْتَقِـيـمٌ } يعنـي : رفـيع . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { هَذَا صِرَاطٌ عَلـيَّ مُسْتَقِـيـمٌ } أي رفـيع مستقـيـم . قال بشر ، قال يزيد ، قال سعيد : هكذا نقرؤها نـحن وقتادة . حدثنا الـحسن بن مـحمد ، قال : ثنا عبد الوهاب ، عن هارون ، عن أبـي العوّام ، عن قتادة ، عن قـيس بن عبـاد : { هَذَا صِرَاطٌ عَلـيَّ مُسْتَقِـيـمٌ } يقول : رفـيع . والصواب من القراءة فـي ذلك عندنا قراءة من قرأ : { هَذَا صِرَاطٌ عَلـيَّ مُسْتَقِـيـمٌ } علـى التأويـل الذي ذكرناه عن مـجاهد والـحسن البصري ومن وافقهما علـيه ، لإجماع الـحجة من القرّاء علـيها وشذوذ ما خالفها . وقوله : { إنَّ عِبـادِي لَـيْسَ لَكَ عَلَـيْهِمْ سُلْطانٌ إلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الغاوِينَ } يقول تعالـى ذكره : إن عبـادي لـيس لك علـيهم حجة ، إلا من اتبعك علـى ما دعوته إلـيه من الضلالة مـمن غوى وهلك . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا سويد ، قال : أخبرنا ابن الـمبـارك ، عن عبـيد الله بن موهب ، قال ثنا يزيد بن قسيط ، قال : كانت الأنبـياء لهم مساجد خارجة من قُراهم ، فإذا أراد النبـيّ أن يستنبىء ربه عن شيء خرج إلـى مسجده ، فصلـى ما كتب الله له ثم سأل ما بدا له . فبـينـما نبـيٌّ فـي مسجده ، إذا جاء عدوّ الله حتـى جلس بـينه وبـين القبلة ، فقال النبـيّ صلى الله عليه وسلم : " أعُوذُ بـالله مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيـمِ " فقال عدوّ الله : أرأيت الذي تعوَّذ منه فهو هو فقال النبـيّ صلى الله عليه وسلم : " أعُوذُ بـاللّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيـمِ " فردّد ذلك ثلاث مرّات . فقال عدوّ الله : أخبرنـي بأيّ شيء تنـجو منـي ؟ فقال النبـيّ صلى الله عليه وسلم " بَل أخْبِرْنِـي بأيّ شَيْءٍ تَغْلِبُ ابْنَ آدَمَ ؟ " مرّتـين . فأخذ كلّ واحد منهما علـى صاحبه ، فقال النبـي صلى الله عليه وسلم : " إنَّ اللَّهَ تَعَالـى ذِكْرُهُ يَقُولُ { إنَّ عِبَـادِي لَـيْسَ لَكَ عَلَـيْهِمْ سُلْطانٌ إلاَّ مِنَ اتَّبَعَكَ مِنَ الغاوِينَ } قال عدوّ الله : قد سمعت هذا قبل أن تولد " . قال النبـيّ صلى الله عليه وسلم : " يقول اللَّهُ تَعالـى ذِكْرُهُ : { وإمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فـاسْتَعِذْ بـاللَّهِ إنَّهُ سَمِيعٌ عَلِـيـمٌ } وإنّـي واللَّهِ ما أحْسَسْتُ بِكَ قَطُّ إلاَّ اسْتَعَذْتُ بـاللَّهِ مِنْكَ " . فقال عدوّ الله : صدقت بهذا تنـجو منـي فقال النبـيّ صلى الله عليه وسلم : " فأخْبِرْنِـي بأيّ شَيْءٍ تَغْلُبُ ابْنَ آدَمَ ؟ " قال : آخذه عند الغضب ، وعند الهوى .