Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 92-94)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم : فوربك يا مـحمد لنسألنّ هؤلاء الذين جعلوا القرآن فـي الدنـيا عضين فـي الآخرة عما كانوا يعملون فـي الدنـيا ، فـيـما أمرناهم به وفـيـما بعثناك به إلـيهم من آي كتابـي الذي أنزلته إلـيهم وفـيـما دعوناهم إلـيه من الإقرار به ومن توحيدي والبراءة من الأنداد والأوثان . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كريب وأبو السائب ، قالا : ثنا ابن إدريس ، قال : سمعت لـيثا ، عن بشير ، عن أنس ، فـي قوله : { فَوَرَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أجمَعِينَ } قال : عن شهادة أن لا إله إلاَّ الله . حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : ثنا أبو أحمد ، قال : ثنا شريك ، عن لـيث ، عن بشير بن نهيك ، عن أنس ، عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم : { فَوَرَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أجمَعِينَ } قال : " عَنْ لا إله إلاَّ الله " . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن لـيث ، عن بشير ، عن أنس ، عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم نـحوه . حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوري ، عن لـيث ، عن مـجاهد ، فـي قول { فَوَرَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أجمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ } قال : عن لا إله إلاَّ الله . حدثنا أحمد ، قال : ثنا أبو أحمد ، قال : ثنا شريك ، عن هلال ، عن عبد الله بن عُكَيْـم ، قال : قال عبد الله : والذي لا إله غيره ، ما منكم أحد إلاَّ سيخـلو الله به يوم القـيامة كما يخـلو أحدكم بـالقمر لـيـلة البدر ، فـيقول : ابن آدم ماذا غرّك منـي بـي ابن آدم ؟ ماذا عملت فـيـما علـمت ابن آدم ؟ ماذا أجبت الـمرسلـين ؟ حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن أبـي جعفر ، عن الربـيع ، عن أبـي العالـية : { فَوَرَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أجمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ } قال : يُسأل العبـاد كلهم عن خَـلَّتـين يوم القـيامة : عما كانوا يعبدون ، وعما أجابوا الـمرسلـين . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا الـحسين الـجعفـي ، عن فضيـل بن مرزوق ، عن عطية العوفـي عن ابن عمر : { لَنَسْئَلَنَّهُمْ أجمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ } قال : عن لا إله إلاَّ الله . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس قوله : { فَوَرَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أجمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ } . ثم قال : { فَـيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إنْسٌ وَلا جانّ } قال : لا يسألهم هل عملتـم كذا وكذا ؟ لأنه أعلـم بذلك منهم ، ولكن يقول لهم : لِـمَ عملتـم كذا وكذا ؟ حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا يونس بن بكير ، عن مـحمد بن إسحاق ، عن مـحمد بن أبـي مـحمد ، مولـى زيد بن ثابت ، عن سعيد بن جبـير أو عكرمة ، عن ابن عبـاس ، قال : أنزل الله تعالـى ذكره : { فـاصْدَعْ بِـمَا تُؤْمَرُ } فإنه أمر من الله تعالـى ذكره نبـيه صلى الله عليه وسلم بتبلـيغ رسالته قومه وجميع من أرسل إلـيه . ويعنـي بقوله : { فـاصْدَعْ بِـمَا تُؤْمَرُ } : فأمض وافرُق ، كما قال أبو ذُؤَيب : @ وكأنَّهُنَّ رِبـابَةٌ وكأنَّهُ يَسَرٌ يُفـيضُ علـى القِداح ويَصْدَعُ @@ يعنـي بقوله : « يَصْدَع » يُفَرِّق بـالقداح . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { فـاصْدَعْ بِـمَا تُؤْمَرُ } يقول : فـامْضِهْ . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { فـاصْدَعْ بِـمَا تُؤْمَرُ } يقول : افعل ما تؤمر . حدثنـي الـحسين بن يزيد الطحان ، قال : ثنا ابن إدريس ، عن لـيث ، عن مـجاهد ، فـي قوله : { فـاصْدَعْ بِـمَا تُؤْمَرُ } قال : بـالقرآن . حدثنـي نصر بن عبد الرحمن الأَوْديّ ، قال : ثنا يحيى بن إبراهيـم ، عن سفـيان ، عن لـيث ، عن مـجاهد : { فـاصْدَعْ بِـمَا تُؤْمَرُ } قال : هو القرآن . حدثنـي أبو السائب ، قال : ثنا ابن فضيـل ، عن لـيث ، عن مـجاهد ، فـي قوله : { فـاصْدَعْ بِـمَا تُؤْمَرُ } قال : بـالقرآن . حدثنـي أبو السائب ، قال : ثنا ابن فضيـل ، عن لـيث ، عن مـجاهد ، فـي قوله : { فـاصْدَعْ بِـمَا تُؤْمَرُ } قال : الـجهر بـالقرآن فـي الصلاة . حدثنا أحمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا شريك ، عن لـيث ، عن مـجاهد : { فـاصْدَعْ بِـمَا تُؤْمَرُ } قال : بـالقرآن فـي الصلاة . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء وحدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { فـاصْدَعْ بِـمَا تُؤْمَرُ } قال : اجهر بـالقرآن فـي الصلاة . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا أبو أسامة ، قال : ثنا موسى بن عبـيدة ، عن أخيه عبد الله بن عبـيدة قال : ما زال النبـيّ صلى الله عليه وسلم مستـخفـياً حتـى نزلت : { فـاصْدَعْ بِـمَا تُؤْمَر وأعْرِضْ عَنِ الـمُشْرِكِينَ } فخرج هو وأصحابه . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { فـاصْدَعْ بِـمَا تُؤْمَرُ } قال : بـالقرآن الذي يوحى إلـيه أن يبلغهم إياه . وقال تعالـى ذكره : { فـاصْدَعْ بِـمَا تُؤْمَرُ } ولـم يقل : بـما تؤمر به ، والأمر يقتضي البـاء لأن معنى الكلام : فـاصدع بأمرنا ، فقد أمرناك أن تدعو إلـى ما بعثناك به من الدين خَـلقـي وأذنَّا لك فـي إظهاره . ومعنى « ما » التـي فـي قوله { بِـمَا تُؤْمَرُ } معنى الـمصدر ، كما قال تعالـى ذكره { يا أبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ } معناه : افعل الأمر الذي تؤمر به . وكان بعض نـحويِّـي أهل الكوفة يقول فـي ذلك : حذفت البـاء التـي يوصل بها تؤمر من قوله : { فـاصْدَعْ بِـمَا تُؤْمَرُ } علـى لغة الذين يقولون : أمرتك أمراً . وكان يقول : للعرب فـي ذلك لغتان : إحداهما أمرتك أمراً ، والأخرى أمرتك بأمر ، فكان يقول : إدخال البـاء فـي ذلك وإسقاطها سواء . واستشهد لقولك ذلك بقول حصين بن الـمنذر الرقاشي لـيزيد بن الـمهلَّب : @ أمَرْتُكَ أمْراً جازِماً فَعَصَيْتَنِـي فأصْبَحْتَ مَسلُوبَ الإمارَةِ نادِما @@ فقال : أمرتك أمراً ، ولم يقل : أمرتك بأمر ، وذلك كما قال تعالـى ذكره : { ألا إنَّ عاداً كَفَرُوا رَبَّهُمْ } ولم يقل : بربهم ، وكما قالوا : مددت الزمام ، ومددت بالزمام ، وما أشبه ذلك من الكلام . وأما قوله : { وأعْرِضْ عَنِ الـمُشْرِكِينَ } ويقول تعالـى ذكره لنبـيه صلى الله عليه وسلم : بلغ قومك ما أرسلتَ به ، واكفف عن حرب الـمشركين بـالله وقتالهم . وذلك قـبـل أن يفرض علـيه جهادهم ، ثم نَسَخَ ذلك بقوله : { فَـاقْتُلُو الـمُشْرِكينَ حَيْثُ وَجَدْتُـمُوهُمْ } كما : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { وأعْرِضْ عَنِ الـمُشْرِكِينَ } وهو من الـمنسوخ . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا سويد ، قال : اخبرنا ابن الـمبـارك ، عن جويبر ، عن الضحاك ، فـي قوله : { وأعْرِضْ عَنِ الـمُشْرِكِينَ } و { قُلْ للَّذِينَ آمَنُوا يَغْفروا للَّذِينَ لا يَرْجُونَ أيَّامَ اللّهِ } وهذا النـحو كله فـي القرآن أمر الله تعالـى ذكره نبـيه صلى الله عليه وسلم أن يكون ذلك منه ، ثم أمره بـالقتال ، فنَسَخَ ذلك كله ، فقال : { خُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ } … الآية .