Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 89-91)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم : وقل يا مـحمد للـمشركين إنـي أنا النذير الذي قد أبـان إنذاره لكم من البلاء والعقاب أن ينزل بكم من الله علـى تـماديكم فـي غيكم { كما أَنْزَلْنَا علـى الـمُقْتَسِمِينَ } يقول : مثل الذي أنزل الله تعالـى من البلاء والعقاب علـى الذين اقتسموا القرآن ، فجعلوه عِضِين . ثم اختلف أهل التأويـل فـي الذين عُنُوا بقوله : { الـمُقْتَسِمِينَ } ، فقال بعضهم : عنـي به . الـيهود والنصارى ، وقال : كان اقتسامهم أنهم اقتسموا القرآن وعضّوه ، فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه . ذكر من قال ذلك : حدثنـي عيسى بن عثمان الرملـي ، قال : ثنا يحيى بن عيسى ، عن الأعمش ، عن أبـي ظَبْـيان ، عن ابن عبـاس ، فـي قوله الله : { كمَا أنْزَلْنا علـى الـمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ } قال : هم الـيهود والنصارى ، آمنوا ببعض وكفروا ببعض . حدثنا أبو كريب ويعقوب بن إبراهيـم ، قالا : ثنا هشيـم ، قال : أخبرنا أبو بشر ، عن سعيد بن جبـير ، عن ابن عبـاس ، فـي قوله : { كمَا أنْزَلْنا علـى الـمُقْتَسِمينَ الَّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ } قال : هم أهل الكتاب ، جزّأوه فجعلوه أعضاء أعضاء ، فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه . حدثنا مـحمد بن بشار ، قال : ثنا مؤمل ، قال : ثنا سفـيان ، عن الأعمش ، عن أبـي ظبـيان ، عن ابن عبـاس ، فـي قوله : { كمَا أنْزَلْنا علـى الـمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ } قال : الذين آمنوا ببعض ، وكفروا ببعض . حدثنا ابن الـمثنى ، قال : ثنا ابن أبـي عديّ ، عن شعبة ، عن سلـيـمان ، عن أبـي ظبـيان ، عن ابن عبـاس ، قال : { الـمُقْتَسِمِينَ } أهل الكتاب . { الَّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ } قال : يؤمنون ببعض ، ويكفرون ببعض . حدثنـي مطر بن مـحمد الضَّبِّـيُّ ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا شعبة ، قال : ثنا أبو بشر ، عن سعيد بن جبـير ، أنه قال فـي قوله : { كمَا أنْزَلْنا علـى الـمُقْتَسِمِينَ } قال : هم أهل الكتاب . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا مـحمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن أبـي بشر ، عن سعيد بن جبـير أنه قال فـي هذه الآية : { كمَا أنْزَلْنا علـى الـمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ } قال : هم أهل الكتاب ، آمنوا ببعضه وكفروا ببعضه . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عمرو بن عون ، قال : ثنا هشيـم ، قال : أخبرنا أبو بشر ، عن سعيد بن جبـير ، عن ابن عبـاس ، فـي قوله : { الَّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ } قال : هم أهل الكتاب جزّأوه فجعلوه أعضاء ، فأمنوا ببعضه وكفروا ببعضه . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عمرو بن عون ، قال : أخبرنا هشيـم ، عن جويبر ، عن الضحاك ، عن ابن عبـاس ، قال : جزّأوه فجعلوه أعضاء كأعضاء الـجزور . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عمرو بن عون ، قال : أخبرنا هشيـم ، عن منصور ، عن الـحسن ، قال : هم أهل الكتاب . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { كمَا أنْزَلْنا علـى الـمُقْتَسِمِينَ } قال : هم الـيهود والنصارى من أهل الكتاب ، قسموا الكتاب فجعلوه أعضاء ، يقول : أحزابـاً ، فآمنوا ببعض وكفروا ببعض . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال ابن عبـاس : { الـمُقْتَسِمِينَ } آمنوا ببعض ، وكفروا ببعض ، وفرقوا الكتاب . وقال آخرون : { الـمُقْتَسِمِينَ } أهل الكتاب ، ولكنهم سموا الـمقتسمين ، لأن بعضهم قال استهزاء بـالقرآن : هذه السورة لـي ، وقال بعضهم : هذه لـي . ذكر من قال ذلك : حدثنا مـحمد بن الـمثنى ، قال : ثنا مـحمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن سماك ، عن عكرمة أنه قال فـي هذه الآية : { الَّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ } قال : كانوا يستهزءون ، يقول هذا : لـي سورة البقرة ، ويقول هذا : لـي سورة آل عمران . وقال آخرون : هم أهل الكتاب ، ولكنهم قـيـل لهم : الـمقتسمون لاقتسامهم كتبهم وتفريقهم ذلك بإيـمان بعضهم ببعضها وكفره ببعض ، وكفر آخرين بـما آمن به غيرهم وإيـمانهم بـما كفر به الآخرون . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن عبد الـملك ، عن قـيس ، عن مـجاهد : { كمَا أنْزَلْنا علـى الـمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ } قال : هم الـيهود والنصارى ، قسموا كتابهم ففرّقوه وجعلوه أعضاء . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنـي الـحسن قال : ثنا ورقاء وحدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو حُذيفة ، قال : ثنا شبل جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { كمَا أنْزَلْنا علـى الـمُقْتَسِمِينَ } قال : أهل الكتاب فرقوه وبدّلوه . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد : { كمَا أنْزَلْنا علـى الـمُقْتَسِمِينَ } قال : أهل الكتاب . وقال آخرون : عُنِـي بذلك رهط من كفـار قريش بأعيانهم . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { كمَا أنْزَلْنا عَلَـى الـمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ } رهط خمسة من قريش ، عَضَّهُوا كتاب الله . وقال آخرون : عُنِـيَ بذلك رهط من قوم صالـح الذين تقاسموا علـى تبـيـيت صالـح وأهله . ذكر من قال ذلك : حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { كمَا أنْزَلْنا علـى الـمُقْتَسِمِينَ } قال : الذين تقاسموا بصالـح . وقرأ قول الله تعالـى : { وكانَ فِـي الـمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِـي الأرْضِ وَلا يُصْلِـحُونَ } قال : تقاسموا بـالله حتـى بلغ الآية . وقال بعضهم : هم قوم اقتسموا طرق مكة أيام قدوم الـحاجّ علـيهم ، كان أهلها بعثوهم فـي عقابها ، وتقدموا إلـى بعضهم أن يشيع فـي الناحية التـي توجه إلـيها لـمن سأله عن نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم من القادمين علـيهم ، أن يقول : هو مـجنون ، وإلـى آخر : إنه شاعر ، وإلـى بعضهم : إنه ساحر . والصواب من القول فـي ذلك عندي أن يقال : إن الله تعالـى أمر نبـيه صلى الله عليه وسلم أن يُعلـم قومه الذين عضَّوا القرآن ففرقوه ، أنه نذير لهم من سخط الله تعالـى وعقوبته أن يَحُلّ بهم علـى كفرهم ربهم وتكذيبهم نبـيهم ما حلّ بـالـمقتسمين من قبلهم ومنهم . وجائز أن يكون عنـي بـالـمقتسمين : أهل الكتابـين التوراة والإنـجيـل ، لأنهم اقتسموا كتاب الله ، فأقرّت الـيهود ببعض التوراة وكذبت ببعضها وكذبت بـالإنـجيـل والفرقان ، وأقرّت النصارى ببعض الإنـجيـل وكذّبت ببعضه وبـالفرقان . وجائز أن يكون عُنِـي بذلك : الـمشركون من قريش ، لأنهم اقتسموا القرآن ، فسماه بعضهم شعراً وبعض كهانة وبعض أساطير الأوّلـين . وجائز أن يكون عُنِـي به الفريقان . ومـمكن أن يكون عُنِـيَ به الـمقتسمون علـى صالـح من قومه . فإذ لـم يكن فـي التنزيـل دلالة علـى أنه عُنـي به أحد الفرق الثلاثة دون الآخرين ، ولا فـي خبر عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا فـي فطرة عقل ، وكان ظاهر الآية مـحتـملاً ما وصفت ، وجب أن يكون مقتضيّا بأن كلّ من اقتسم كتابـاً لله بتكذيب بعض وتصديق بعض ، واقتسم علـى معصية الله مـمن حلّ به عاجل نقمة الله فـي الدار الدنـيا قبل نزول هذه الآية ، فداخـل فـي ذلك لأنهم لأشكالهم من أهل الكفر بـالله كانوا عبرة وللـمتعظين بهم منهم عظَة . واختلف أهل التأويـل فـي معنى قوله : { الَّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ } فقال بعضهم : معناه : الذين جعلوا القرآن فِرَقاً مفترقة . ذكر من قال ذلك : حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { الَّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ } قال : فرقاً . حدثنا أبو كريب ويعقوب بن إبراهيـم ، قالا : ثنا هشيـم ، قال : أخبرنا أبو بشر ، عن سعيد بن جبـير ، عن ابن عبـاس ، قال : جزّأوه فجعلوه أعضاء ، فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عمرو بن عون ، قال : أخبرنا هشيـم ، عن جويبر ، عن الضحاك ، عن ابن عبـاس ، قال : جزّأوه فجعلوه أعضاء كأعضاء الـجزور . حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : ثنا أبو أحمد ، قال : ثنا طلـحة ، عن عطاء : { الَّذِينَ جَعَلُوا القُرآنِ عِضِينَ } قال : الـمشركون من قريش ، عَضَّوُا القرآن فجعلوه أجزاء ، فقال بعضهم : ساحر ، وقال بعضهم : شاعر ، وقال بعضهم : مـجنون فذلك العِضُون . حُدثت عن الـحسين ، قال : سمعت أبـا معاذ يقول : أخبرنا عبـيد ، قال : سمعت الضحاك يقول : فـي قوله : { جَعَلُوا القُرآنَ عَضِينَ } : جعلوا كتابهم أعضاء كأعضاء الـجزور ، وذلك أنهم تقطعوه زبراً ، كل حزب بـما لديهم فرحون ، وهو قوله : { فَرَّقُوا دِينَهُمْ وكانُوا شِيَعاً } حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { الَّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ } عضهوا كتاب الله زعم بعضهم أنه سِحْر ، وزعم بعضهم أنه شِعْر ، وزعم بعضهم أنه كاهن . قال أبو جعفر : هكذا قال كاهن ، وإنـما هو كهانة وزعم بعضهم أنه أساطير الأوّلـين . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن الأعمش ، عن أبـي ظبـيان ، عن ابن عبـاس : { الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرآنَ عِضِينَ } قال : آمنوا ببعض ، وكفروا ببعض . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنـي ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { الَّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ } قال : جعلوه أعضاء كما تُعَضَّى الشاة . قال بعضهم : كهَانة ، وقال بعضهم : هو سحر ، وقال بعضهم : شعر ، وقال بعضهم { أساطِيرُ الأوَّلِـينَ اكْتَتَبَها } … الآية . جعلوه أعضاء كما تُعَضَّى الشاة . فوجه قائلو هذه الـمقالة قوله : { عِضِينَ } إلـى أن واحدها : عُضْو ، وأن عِضِينَ جمعه ، وأنه مأخوذ من قولهم عَضَّيت الشيء تعضية : إذا فرقته ، كما قال رُؤْبة : @ ولـيس دينُ اللّهِ بـالـمُعَضَّى @@ يعنـي بـالـمفرّق . وكما قال الآخر : @ وعَضَّى بَنِـي عَوْفٍ فأمَّا عَدُوَّهُمْ فأرْضَى وأمَّا الْعِزَّ منهُمُ فغَيَّرَا @@ يعنـي بقوله : « وعَضَّى » : سَبَّـاهُمْ ، وقَطَّعاهُمْ بألسنتهما . وقال آخرون : بل هي جمع عِضَة ، جمعت عِضِين كما جمعت البُرَة بُرِين ، والعِزِة عِزِين . فإذَا وُجِّه ذلك إلـى هذا التأويـل كان أصل الكلام عِضَهَة ، ذهبت هاؤها الأصلـية ، كما نقصوا الهاء من الشَّفَة وأصلها شَفَهَة ، ومن الشاة وأصلها شاهة . يدلّ علـى أن ذلك الأصل تصغيرهم الشفة : شُفَـيْهة ، والشاة : شُوَيْهة ، فـيردّون الهاءَ التـي تسقط فـي غير حال التصغير إلـيها فـي حال التصغير ، يقال منه : عَضَهْتُ الرجل أعضَهُه عَضْهاً : إذا بَهَتَّه وقذفته ببُهتان . وكأن تأويـل من تأول ذلك كذلك : الذين عَضَهوا القرآن ، فقالوا : هو سحْر ، أو هو شعر ، نـحو القول الذي ذكرناه عن قتادة . وقد قال جماعة من أهل التأويـل : إنه إنـما عَنَى بـالعَضْه فـي هذا الـموضع ، نسبتهم إياه إلـى أنه سِحْر خاصة دون غيره من معانـي الذمّ ، كما قال الشاعر : @ للـماءِ مِنْ عِضَاتهنَّ زَمْزَمهْ @@ يعنـي : من سِحْرهنّ . ذكر من قال ذلك : حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : ثنا أبو أحمد ، قال : ثنا ابن عيـينة ، عن عمرو ، عن عكرمة : { الَّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ } قال : سحراً . حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى ، قال : ثنا مـحمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : { عِضِينَ } قال : عَضَهوه وبَهَتُوه . حدثنا ابن عبد الأعلـى ، قال : ثنا مـحمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : كان عكرمة يقول : العَضْه : السحر بلسان قريش ، تقول للساحرة : إنها العاضهة . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء وحدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل وحدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله : { جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ } قال : سِحْراً أعضاء الكتب كلها وقريش ، فرقوا القرآن قالوا : هو سحر . والصواب من القول فـي ذلك أن يقال : إن الله تعالـى ذكره أمر نبـيه صلى الله عليه وسلم أن يُعْلِـم قوماً عَضَهُوا القرآن أنه لهم نذير من عقوبة تنزل بهم بِعْضِههمْ إياه مثل ما أنزل بـالـمقتسمين ، وكان عَضْهُهُم إياه : قذفهموه بـالبـاطل ، وقـيـلهم إنه شعر وسحر ، وما أشبه ذلك . وإنـما قلنا إن ذلك أولـى التأويلات به لدلالة ما قبله من ابتداء السورة وما بعده ، وذلك قوله : { إنَّا كَفَـيْناكَ الـمُسْتَهْزِئِينَ } علـى صحة ما قلنا ، وإنه إنـما عُنِـيَ بقوله : { الَّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ } مشركي قومه . وإذ كان ذلك كذلك ، فمعلوم أنه لـم يكن فـي مشركي قومه من يؤمن ببعض القرآن ويكفر ببعض ، بل إنـما كان قومه فـي أمره علـى أحد معنـيـين : إما مؤمن بجميعه ، وإما كافر بجميعه . وإذ كان ذلك كذلك ، فـالصحيح من القول فـي معنى قوله : { الَّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ } قول الذين زعموا أنهم عَضَهوه ، فقال بعضهم : هو سحر ، وقال بعضهم : هو شعر ، وقال بعضهم : هو كهانة وأما أشبه ذلك من القول ، أو عَضَّوْه ففرقوه ، بنـحو ذلك من القول . وإذا كان ذلك معناه احتـمل قوله { عِضِين } ، أن يكون جمع : عِضة ، واحتـمل أن يكون جمع عُضْو ، لأن معنى التعضية : التفريق ، كما تُعَضى الـجَزُرِ والشاة ، فتفرق أعضاء . والعَضْه : البَهْت ورميه بـالبـاطل من القول فهما متقاربـان فـي الـمعنى .