Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 37-37)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم : إن تـحرص يا مـحمد علـى هدى هؤلاء الـمشركين إلـى الإيـمان بـالله واتبـاع الـحقّ { فإنَّ اللّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ } . واختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك ، فقرأته عامَّة قرّاء الكوفـيـين : { فإنَّ اللّهَ لا يَهْدِي مَنْ يَضِلُّ } بفتـح الـياء من « يهدي » ، وضمها من « يضلّ » . وقد اختلف فـي معنى ذلك قارئوه كذلك ، فكان بعض نـحويـي الكوفة يزعم أن معناه : فإن الله من أضله لا يهتدي ، وقال : العرب تقول : قد هُدي الرجل يريدون قد اهتدى ، وهُدي واهتدى بـمعنى واحد . وكان آخرون منهم يزعمون أن معناه : فإن الله لا يهدي من أضله ، بـمعنى : أن من أضله الله فإن الله لا يهديه . وقرأ ذلك عامَّة قرّاء الـمدينة والشام والبصرة : « فإنَّ اللّهَ لاَ يُهْدَى » بضم الـياء من « يُهدى » ومن « يُضل » وفتـح الدال من « يُهدَى » بـمعنى : من أضله الله فلا هادي له . وهذه القراءة أولـى القراءتـين عندي بـالصواب ، لأن يَهْدي بـمعنى يهتدى قلـيـل فـي كلام العرب غير مستفـيض ، وأنه لا فـائدة فـي قول قائل : من أضله الله فلا يهديه ، لأن ذلك مـما لا يجهله أحد . وإذ كان ذلك كذلك ، فـالقراءة بـما كان مستفـيضاً فـي كلام العرب من اللغة بـما فـيه الفـائدة العظيـمة أولـى وأحرى . فتأويـل الكلام لو كان الأمر علـى ما وصفنا : إن تـحرص يا مـحمد علـى هداهم ، فإن من أضله الله فلا هادي له ، فلا تـجهد نفسك فـي أمره وبلغه ما أرسلت به لتتـمّ علـيه الـحجة . { وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ } يقول : وما لهم من ناصر ينصرهم من الله إذا أراد عقوبتهم ، فـيحول بـين الله وبـين ما أراد من عقوبتهم . وفـي قوله : { إنْ تَـحْرِصْ } لغتان : فمن العرب من يقول : حَرَصَ يَحْرِصُ بفتـح الراء فـي فعَل وكسرها فـي يفعل . وحَرِصَ يَحْرَصُ بكسر الراء فـي فعِل وفتـحها فـي يفعَل . والقراءة علـى الفتـح فـي الـماضي والكسر فـي الـمستقبل ، وهي لغة أهل الـحجاز .