Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 90-90)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : إن الله يأمر فـي هذا الكتاب الذي أنزله إلـيك يا مـحمد بـالعدل ، وهو الإنصاف ومن الإنصاف : الإقرار بـمن أنعم علـينا بنعمته ، والشكر له علـى إفضاله ، وتولـي الـحمد أهله . وإذا كان ذلك هو العدل ولـم يكن للأوثان والأصنام عندنا يد تستـحقّ الـحمد علـيها ، كان جهلاً بنا حمدها وعبـادتها ، وهي لا تنعِم فتشكر ولا تنفع فتعبد ، فلزمنا أن نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، ولذلك قال من قال : العدل فـي هذا الـموضع شهادة أن لا إله إلا الله . ذكر من قال ذلك : حدثنـي الـمثنى ، وعلـيّ بن داود ، قالا : ثنا عبد الله بن صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بـالعَدْلِ والإحْسانِ } قال : شهادة أن لا إله إلا الله . وقوله : { والإحْسَانِ } فإن الإحسان الذي أمر به تعالـى ذكره مع العدل الذي وصفنا صفته : الصبر لله علـى طاعته فـيـما أمر ونهى ، فـي الشدّة والرخاء والـمَكْرَه والـمَنْشَط ، وذلك هو أداء فرائضه . كما : حدثنـي الـمثنى ، وعلـيّ بن داود ، قالا : ثنا عبد الله ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس : { والإحْسَانِ } يقول : أداء الفرائض . وقوله : { وَإيتاءِ ذِي القُرْبى } يقول : وإعطاء ذي القربى الـحقّ الذي أوجبه الله علـيك بسبب القرابة والرحم . كما : حدثنـي الـمثنى ، وعلـيّ ، قالا : ثنا عبد الله ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس : { وإيتاءِ ذِي القُرْبى } يقول : الأرحام . وقوله : { وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشاءِ } قال : الفحشاء فـي هذا الـموضع : الزنا . ذكر من قال ذلك : حدثنـي الـمثنى ، وعلـيّ بن داود ، قالا : ثنا عبد الله بن صالـح ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس : { وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشاءِ } يقول : الزنا . وقد بـيَّنا معنى الفحشاء بشواهده فـيـما مضى قبل . وقوله : { والبَغْيِ } قـيـل : عنِـيَ بـالبغي فـي هذا الـموضع : الكبر والظلـم . ذكر من قال ذلك : حدثنـي الـمثنى ، وعلـيّ بن داود ، قالا : ثنا عبد الله بن صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس : { والبَغْيِ } يقول : الكبر والظلـم . وأصل البغي : التعدّي ومـجاوزة القدر والـحدّ من كلّ شيء . وقد بـيَّنا ذلك فـيـما مضى قبل . وقوله : { يَعظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } يقول : يذكركم أيها الناس ربكم لتذكروا فتنـيبوا إلـى أمره ونهيه ، وتعرفوا الـحقّ لأهله . كما : حدثنـي الـمثنى وعلـيّ بن داود ، قالا : ثنا عبد الله ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس : { يَعِظُكُمْ } يقول : يوصيكم ، { لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } . وقد ذُكر عن ابن عيـينة أنه كان يقول فـي تأويـل ذلك : إن معنى العدل فـي هذا الـموضع استواء السريرة والعلانـية من كلّ عامل لله عملاً ، وإن معنى الإحسان : أن تكون سريرته أحسن من علانـيته ، وإن الفحشاء والـمنكر أن تكون علانـيته أحسن من سريرته . وذُكر عن عبد الله بن مسعود أنه كان يقول فـي هذه الآية ، ما : حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا الـحجاج ، قال : ثنا معتـمر بن سلـيـمان ، قال : سمعت منصور بن النعمان ، عن عامر ، عن شُتَـير بن شَكَل ، قال : سمعت عبد الله يقول : إن أجمع آية فـي القرآن فـي سورة النـحل : { إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بـالعَدْلِ والإحْسانِ وَإيتاءِ ذِي القُرْبَى … } إلـى آخر الآية . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن الشعبـي ، عن شُتَـيْر بن شَكَل ، قال : سمعت عبد الله يقول : إن أجمع آية فـي القرآن لـخير أو لشرّ ، آية فـي سورة النـحل : { إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بـالعَدْلِ والإحْسانِ … } . الآية . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بـالعَدْلِ والإحْسانِ وَإيتاءِ ذِي القُرْبَى … } الآية ، إنه لـيس من خـلق حسن كان أهل الـجاهلـية يعملون به ويستـحسنونه إلا أمر الله به ، ولـيس من خُـلق سيِّىء كانوا يتعايرونه بـينهم إلا نهى الله عنه وقدّم فـيه . وإنـما نهى عن سفـاسف الأخلاق ومَذامهِّا .