Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 107-108)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم : قل يا مـحمد لهؤلاء القائلـين لك { لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حتـى تُفَجُرَ لَنا مِنَ الأرْضِ يَنْبُوعاً } آمنوا بهذا القرآن الذي لو اجتـمعت الإنس والـجنّ علـى أن يأتوا بـمثله ، لـم يأتوا به ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً ، أو لا تؤمنوا به ، فإن إيـمانكم به لن يزيد فـي خزائن رحمة الله ولا ترككم الإيـمان به يُنقص ذلك . وإن تكفروا به ، فإن الذين أوتوا العلـم بـالله وآياته من قبل نزوله من مؤمنـي أهل الكتابـين ، إذا يتلـى علـيهم هذا القرآن يخرّون تعظيـماً له وتكريـماً ، وعلـماً منهم بأنه من عند الله ، لأذقانهم سجداً بـالأرض . واختلف أهل التأويـل فـي الذي عُنِـي بقوله { يَخِرُّونَ للأَذْقانِ } فقال بعضهم : عُنِـي به : الوجوه . ذكر من قال ذلك : حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { يخِرُّونَ للأَذْقانِ سُجَّداً } يقول : للوجوه . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { يَخِرُّونَ للأَذْقانِ سُجَّداً } قال للوجوه . حدثنا الـحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، مثله . وقال آخرون : بل عُنِـيَ بذلك اللِّـحَى . ذكر من قال ذلك : حدثنا الـحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، قال : قال الـحسن فـي قوله : { يَخِرُّونَ للأَذْقانِ } قال : اللِّـحَى . وقوله : { سُبْحانَ رَبِّنا إنُ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَـمَفْعُولاً } يقول جلّ ثناؤه : ويقول هؤلاء الذين أوتوا العلـم من قبل نزول هذا القرآن ، إذ خرّوا للأذقان سجوداً عند سماعهم القرآن يُتْلـى علـيهم : تنزيها لربنا وتبرئه له مـما يضيف إلـيه الـمشركون به ، ما كان وعد ربنا من ثواب وعقاب ، إلا مفعولاً حقاً يقـيناً ، إيـمان بـالقرآن وتصديق به . والأذقان فـي كلام العرب : جمع ذَقَن وهو مـجمع اللَّـحيـين ، وإذ كان ذلك كذلك ، فـالذي قال الـحسن فـي ذلك أشبه بظاهر التنزيـل . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك ، قال أهل التأويـل علـى اختلاف منهم فـي الذين عنوا بقوله { أُوتُوا العِلْـمَ } وفـي { يُتْلَـى عَلِـيْهم } . ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال مـجاهد : { الَّذِينَ أُوتُوا العِلْـمَ مِنْ قَبْلِهِ … } إلـى قوله { خُشُوعاً } قال : هم ناس من أهل الكتاب حين سمعوا ما أنزل الله علـى مـحمد قالُوا { سُبْحانَ رَبِّنا إنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَـمَفْعُولاً } . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { قُلْ آمِنوا بِهِ أوْ لا تُؤْمِنُوا إنَّ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْـمَ مِنْ قَبْلِهِ } من قبل النبـيّ صلى الله عليه وسلم { إذَا يُتْلَـى عَلَـيهِمْ } ما أنزل إلـيهم من عند الله { يَخِرُّونَ للأَذْقانِ سُجَّداً وَيَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَـمَفْعولاً } . وقال آخرون : عُنِـي بقوله : { الَّذِينَ أُوتُوا العِلْـمَ مِنْ قَبْلِهِ } القرآن الذي أُنزل علـى مـحمد صلى الله عليه وسلم . ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، فـي قوله : { إذَا يُتْلَـى عَلَـيْهِمْ } كتابهم . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله { إذا يُتْلَـى عَلَـيْهِمْ } ما أنزل إلـيهم من عند الله . وإنـما قلنا : عُنِـي بقوله : { إذَا يُتْلَـى عَلَـيْهِمْ } القرآن ، لأنه فـي سياق ذكر القرآن لـم يجر لغيره من الكتب ذكر ، فـيصرف الكلام إلـيه ، ولذلك جعلت الهاء التـي فـي قوله : { مِنْ قَبْلِهِ } من ذكر القرآن ، لأن الكلام بذكره جرى قبله ، وذلك قوله : { وَقُرآناً فَرَقْناهُ } وما بعده فـي سياق الـخبر عنه ، فذلك وجبت صحة ما قلنا إذا لـم يأت بخلاف ما قلنا فـيه حجة يجب التسلـيـم لها .