Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 110-110)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره لنبـيه : قل يا مـحمد لـمشركي قومك الـمنكرين دعاء الرحمن : { ادْعُوا اللّهَ } أيها القوم { أوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الأسْماءُ الـحُسْنَى } بأيّ أسمائه جلّ جلاله تدعون ربكم ، فإنـما تدعون واحدا ، وله الأسماء الـحُسنى . وإنـما قـيـل ذلك له صلى الله عليه وسلم ، لأن الـمشركين فـيـما ذكر سمعوا النبـيّ صلى الله عليه وسلم يدعو ربه : يا ربنا الله ، ويا ربنا الرحمن ، فظنوا أنه يدعو إلهين ، فأنزل الله علـى نبـيه علـيه الصلاة والسلام هذه الآية احتـجاجاً لنبـيه علـيهم . ذكر الرواية بـما ذكرنا : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي مـحمد بن كثـير ، عن عبد الله بن واقد ، عن أبـي الـجوزاء عن ابن عبـاس . قال : كان النبـيّ صلى الله عليه وسلم ساجداً يدعو : « يا رَحْمَنُ يا رَحيـمُ » ، فقال الـمشركون : هذا يزعم أنه يدعو واحدا ، وهو يدعو مثنى مثنى ، فأنزل الله تعالـى : { قُلِ ادْعُوا اللّهَ أوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الأسْماءُ الـحُسْنَى … } الآية . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي عيسى ، عن الأوزاعي ، عن مكحول ، أن النبـيّ صلى الله عليه وسلم كان يتهجَّد بـمكة ذات لـيـلة ، يقول فـي سجوده : « يا رَحْمَنُ يا رَحيـمُ » ، فسمعه رجل من الـمشركين ، فلـما أصبح قال لأصحابه : انظروا ما قال ابن أبـي كبشة ، يدعو اللـيـلة الرحمن الذي بـالـيـمامة ، وكان بـالـيـمامة رجل يقال له الرحمن : فنزلت : { قُلِ ادْعُوا اللّهَ أوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أيَّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الأسْماءُ الـحُسْنَى } . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { قُلِ ادْعُوا اللّهَ أوِ ادْعُوا الرَّحْمَن أيَّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الأسْماءُ الـحُسْنَى } حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحرث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله : { أيَّا مَّا تَدْعُوا } بشيء من أسمائه . حدثنـي موسى بن سهل ، قال : ثنا مـحمد بن بكار البصري ، قال : ثنـي حماد بن عيسى ، عن عبـيد بن الطفـيـل الـجهنـي ، قال : ثنا ابن جريج ، عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ، عن مكحول ، عن عَرَّاك بن مالك ، عن أبـي هريرة ، عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم قال : " إنَّ لِلّهِ تسْعَةً وَتسْعينَ اسْماً كُلُّهُنَّ فـي القُرآنِ ، مَنْ أحْصَاهنّ دَخَـلَ الـجَنَّةَ " . قال أبو جعفر : ولدخول « ما » فـي قوله أيَّا مَّا تَدْعُوا وجهان : أحدهما أن تكون صلة ، كما قـيـل : { عَمَّا قَلِـيـلٍ لَـيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ } . والآخر أن تكون فـي معنى إن : كررت لـما اختلف لفظاهما ، كما قـيـل : ما إن رأيت كاللـيـلة لـيـلة . وقوله : { وَلا تَـجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُـخافِتْ بِها وَابْتَغِ بـينَ ذلكَ سَبِـيلاً } اختلف أهل التأويـل فـي الصلاة ، فقال بعضهم : عنى بذلك : ولا تـجهر بدعائك ، ولا تـخافت به ، ولكن بـين ذلك . وقالوا : عنى بـالصلاة فـي هذا الـموضع : الدعاء . ذكر من قال ذلك : حدثنـي يحيى بن عيسى الدامغانـي ، قال : ثنا ابن الـمبـارك ، عن هشام بن عروة ، عن أبـيه ، عن عائشة ، فـي قوله : { وَلا تَـجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُـخافِتْ بِها } قالت : فـي الدعاء . حدثنا بشار ، قال : ثنا هشام بن عروة ، عن أبـيه ، عن عائشة ، قالت : نزلت فـي الدعاء . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفـيان ، عن هشام بن عروة ، عن أبـيه ، عن عائشة مثله . حدثنا الـحسن بن عرفة ، قال : ثنا عبـاد بن العوّام ، عن أشعث بن سوار ، عن عكرمة ، عن ابن عبـاس فـي قول الله تعالـى : { وَلا تَـجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُـخافِتْ بِها } قال : كانوا يجهرون بـالدعاء ، فلـما نزلت هذه الآية أُمروا أن لا يجهروا ، ولا يخافتوا . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا حماد ، عن عمرو بن مالك البكري ، عن أبـي الـجوزاء عن عائشة ، قالت : نزلت فـي الدعاء . حدثنـي مطر بن مـحمد الضبـي ، قال : ثنا عبد الله بن داود ، قال : ثنا شريك ، عن زياد بن فـياض ، عن أبـي عياض ، فـي قوله : { وَلا تَـجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُـخافِتْ بِها } قال : الدعاء . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفـيان ، عن إبراهيـم الهَجري ، عن أبـي عياض { وَلا تَـجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُـخافِتْ بِها } قال : نزلت فـي الدعاء . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا شريك ، عن زياد بن فـياض ، عن أبـي عياض مثله . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفـيان عمن ذكره عن عطاء { وَلا تَـجْهَرْ بصَلاتِكَ وَلا تُـخافِتْ بِها } قال : نزلت فـي الدعاء . حدثنا ابن الـمثنى ، قال : ثنا مـحمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن الـحكم ، عن مـجاهد فـي هذه الآية : { وَلا تَـجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُـخافِتْ بها } قال : فـي الدعاء . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا شعبة ، عن الـحكم ، عن مـجاهد ، قال : نزلت فـي الدعاء . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحرث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله { وَلا تَـجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُـخافِتْ بِها } فـي الدعاء والـمسألة . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن لـيث ، عن مـجاهد ، قال : نزلت فـي الدعاء والـمسألة . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا يحيى ، قال : ثنـي سفـيان ، قال : ثنـي قـيس بن مسلـم ، عن سعيد بن جبـير فـي قوله { وَلا تَـجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُـخافِتْ بِها } قال : فـي الدعاء . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو أحمد الزبـيري ، قال : ثنا سفـيان ، عن ابن عياش العامري ، عن عبد الله بن شدّاد قال : كان أعراب إذا سلـم النبـيّ صلى الله عليه وسلم قالوا : اللهمّ ارزقنا إبلاً وولداً ، قال : فنزلت هذه الآية : { وَلا تَـجْهَرْ بصَلاتكَ وَلا تُـخافتْ بها } . حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن هشام بن عروة ، عن أبـيه ، فـي قوله { وَلا تَـجْهَرْ بصَلاتكَ وَلا تُـخافِتْ بِها } قال : فـي الدعاء . حدثنـي ابن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، { وَلا تَـجْهَرْ بِصَلاتِكَ … } الآية ، قال : فـي الدعاء والـمسألة . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي عيسى ، عن الأوزاعي ، عن مكحول { وَلا تَـجْهَرْ بِصَلاتكَ وَلا تُـخافِتْ بِها } قال : ذلك فـي الدعاء . وقال آخرون : عنى بذلك الصلاة . واختلف قائلو هذه الـمقالة فـي الـمعنى الذي عنى بـالنهي عن الـجهر به ، فقال بعضهم : الذي نهى عن الـجهر به منها القراءة . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا هشيـم ، قال : أخبرنا أبو بشر ، عن سعيد بن جبـير ، عن ابن عبـاس ، قال : نزلت هذه الآية ورسول الله صلى الله عليه وسلم متوار { وَلا تَـجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُـخافِتْ بِها } قال : كان إذا صلـى بأصحابه رفع صوته بـالقرآن ، فإذا سمع ذلك الـمشركون سبُّوا القرآن ومن أنزله ، ومن جاء به ، قال : فقال الله لنبـيه صلى الله عليه وسلم { وَلا تَـجْهَرْ بِصَلاتِكَ } فـيسمع الـمشركون { وَلا تُـخافِتْ } بِها عن أصحابك ، فلا تُسْمِعهم القرآن حتـى يأخذوا عنك . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا عثمان بن سعيد ، قال : ثنا بشر بن عمار ، عن أبـي رَوْق ، عن الضحاك ، عن ابن عبـاس ، فـي قوله : { وَلا تَـجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُـخافِتْ بِها } قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذا جهر بـالصلاة بـالـمسلـمين بـالقرآن ، شقّ ذلك علـى الـمشركين إذا سمعوه ، فـيُؤْذون رسول الله صلى الله عليه وسلم بـالشتـم والعيب به ، وذلك بـمكة ، فأنزل الله : يا مـحمد { لا تَـجْهَرْ بِصَلاتِكَ } يقول : لا تُعلِنْ بـالقراءة بـالقرآن إعلاناً شديداً يسمعه الـمشركون فـيؤذونك ، ولا تـخافت بـالقراءة القرآن : يقول : لا تـخفض صوتَك حتـى لا تُسْمِع أذنـيك وَابْتَغِ بـينَ ذلكَ سَبِـيلاً يقول : اطلب بـين الإعلان والجهر وبـين التـخافت والـخفض طريقاً ، لا جهراً شديداً ، ولا خفضاً لا تُسْمع أذنـيك ، فذلك القدر فلـما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلـى الـمدينة سقط هذا كله ، يفعل الآن أيّ ذلك شاء . حُدثت عن الـحسين ، قال : سمعت أبـا معاذ يقول : ثنا عبـيد ، قال : سمعت الضحاك يقول فـي قوله { وَلا تَـجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُـخافِتْ بِها … } الآية ، هذا ورسول الله صلى الله عليه وسلم بـمكة كان إذا صلـى بأصحابه ، فرفع صوته بـالقراءة أسمع الـمشركين ، فآذوه ، فأمره الله أو لا يرفع صوته ، فـيسمع عدوّه ، ولا يخافت فلا يُسْمِع مَن خـلفه من الـمسلـمين ، فأمره الله أن يبتغي بـين ذلك سبـيلاً . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا جرير ، عن الأعمش ، عن جعفر بن إياس ، عن سعيد بن جبـير ، عن ابن عبـاس ، قال : كان النبـيّ صلى الله عليه وسلم يرفع صوته بـالقرآن ، فكان الـمشركون إذا سمعوا صوته سبُّوا القرآن ، ومن جاء به فكان النبـيّ صلى الله عليه وسلم يخفـي القرآن فما يسمعه أصحابه ، فأنزل الله { وَلا تَـجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُـخافِتْ بِها وَابْتَغِ بـينَ ذلك سَبِـيلاً } . حدثنا مـحمد بن علـيّ بن الـحسن بن شقـيق ، قال : سمعت أبـي ، يقول : أخبرنا أبو حمزة عن الأعمش ، عن جعفر بن إياس ، عن سعيد بن جبـير ، عن ابن عبـاس { وَلا تَـجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُـخافِتْ بِها } قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع صوته وسَمع الـمشركون ، سبُّوا القرآن ، ومن جاء به ، وإذا خفض لـم يسمع أصحابه ، قال الله : { وَابْتَغِ بـينَ ذلكَ سَبِـيلاً } . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا يونس : ثنا مـحمد بن إسحاق ، قال : ثنـي داود بن الـحُصَين ، عن عكرمة ، عن ابن عبـاس ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جهر بـالقرآن وهو يصلـي تفرّقوا ، وأَبَوا أن يستـمعوا منه ، فكان الرجل إذا أراد أن يستـمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض ما يتلو ، وهو يصلـي ، استرق السمع دونهم فرقا منهم ، فإن رأى أنهم قد عرفوا أنه يستـمع ، ذهب خشية أذاهم ، فلـم يستـمع ، فإن خفض رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته ، لـم يستـمع الذين يستـمعون من قراءته شيئا ، فأنزل الله علـيه : { وَلا تَـجْهَرْ بِصَلاتِكَ } فـيتفرّقوا عنك { وَلا تُـخافِتْ بِها } فلا تُسْمِع من أراد أن يسمعها ، مـمن يسترق ذلك دونهم ، لعله يرعَوِي إلـى بعض ما يسمع ، فـينتفع به ، { وَابْتَغِ بـينَ ذلكَ سَبِـيلاً } . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يعقوب ، عن جعفر ، عن سعيد ، قال : كان النبـيّ صلى الله عليه وسلم يجهر بقراءة القرآن فـي الـمسجد الـحرام ، فقالت قريش : لا تـجهر بـالقراءة فتؤذي آلهتنا ، فنهجو ربك ، فأنزل الله : { وَلا تَـجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُـخافِتْ بِها … } الآية . حدثنـي يعقوب ، قال : ثنا هشيـم ، قال : أخبرنا أبو بشر ، عن سعيد بن جبـير ، عن ابن عبَّـاس ، فـي قوله { وَلا تَـجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُـخافِتْ بِها } قال : نزلت علـى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مختف بـمكة ، فكان إذا صلـى بأصحابه رفع الصوت بـالقرآن ، فإذا سمعه الـمشركون سبوا القرآن ومن أنزله ، ومن جاء به ، فقال الله لنبـيه : { وَلا تَـجْهَرْ بِصَلاتِكَ } : أي بقراءتك ، فـيسمع الـمشركون ، فـيسبُّوا القرآن { وَلا تُـخافِتْ بِها } عن أصحابك ، فلا تسمعهم { وَابْتَغِ بـينَ ذلكَ سَبِـيلاً } . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو أحمد ، قال : ثنا سفـيان ، عن الأعمش ، عن جعفر بن إياس ، عن سعيد بن جبـير ، فـي قوله { وَلا تَـجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُـخافِتْ بِها } قال : فـي القراءة . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا مـحمد بن جعفر ، قال : ثنا سعيد ، عن أبـي بشر ، عن سعيد بن جبـير ، فـي هذه الآية { وَلا تَـجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُـخافِتْ بِها } قال : كان النبـيّ صلى الله عليه وسلم إذا رفع صوته أعجب ذلك أصحابه ، وإذا سمع ذلك الـمشركون سبُّوه ، فنزلت هذه الآية . حدثنـي يعقوب ، قال : ثنا ابن علـية ، عن سلـمة ، عن علقمة ، عن مـحمد بن سيرين ، قال : نبئت أن أبـا بكر كان إذا صلـى فقرأ خفض صوته ، وأن عمر كان يرفع صوته قال : فقـيـل لأبـي بكر : لـم تصنع هذا ؟ فقال : أناجي ربـي ، وقد علـم حاجتـي ، قـيـل : أحسنت وقـيـل لعمر : لـم تصنع هذا ؟ قال : أطرد الشيطان ، وأوقظ الوسنان ، قـيـل : أحسنت فلـما نزلت { وَلا تَـجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُـخافِتْ بِها وَابْتَغِ بـينَ ذلكَ سَبِـيلاً } قـيـل لأبـي بكر : ارفع شيئا ، وقـيـل لعمر : اخفض شيئا . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا حسان بن إبراهيـم ، عن إبراهيـم الصائغ ، عن عطاء ، فـي قوله : { وَلا تَـجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُـخافِتْ بِها } قال : يقول ناس إنها فـي الصلاة ، ويقول آخرون إنها فـي الدعاء . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَلا تَـجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُـخافِتْ بِها وَابْتَغِ بـينَ ذلكَ سَبِـيلاً } وكان نبـيّ الله وهو بـمكة ، إذا سمع الـمشركون صوته رموه بكلّ خبث ، فأمره الله أن يغضّ من صوته ، وأن يجعل صلاته بـينه وبـين ربه ، وكان يقال : ما سمعته أذنك فلـيس بـمخافتة . حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، فـي قوله { وَلا تَـجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُـخافِتْ بِها } قال : كان النبـيّ صلى الله عليه وسلم يرفع صوته بـالصلاة ، فـيُرمَى بـالـخبث ، فقال : لا ترْفعْ صَوْتكَ فتُؤْذَى وَلا تُـخافِتْ بِها ، وَابْتَغِ بـينَ ذلكَ سَبِـيلاً . وقال آخرون : إنـما عُنِـي بذلك : ولا تـجهر بـالتشهد فـي صلاتك ، ولا تـخافت بها . ذكر من قال ذلك : حدثنـي أبو السائب ، قال : ثنا حفص بن غِياث ، عن هشام بن عُروة ، عن أبـيه ، عن عائشة ، قالت : نزلت هذه الآية فـي التشهد { وَلا تَـجْهَرْ بصَلاتِكَ وَلا تُـخافِتْ بِها } . حدثنـي أبو السائب ، قال : ثنا حفص ، عن أشعث ، عن ابن سيرين مثله . وزاد فـيه : وكان الأعرابـيّ يجهر فـيقول : التـحيات لله ، والصلوات لله ، يرفع فـيها صوته ، فنزلت { وَلا تَـجْهَرْ بِصَلاتِكَ } . وقال آخرون : بل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلـي بـمكة جِهاراً ، فأمر بإخفـائها . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا الـحسين ، عن يزيد ، عن عكرمة والـحسن البصري قالا : قال فـي بنـي إسرائيـل { وَلا تَـجْهرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُـخافِتْ بِها وَابْتَغِ بـيَن ذلكَ سَبِـيلاً } وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلـى يجهر بصلاته ، فآذى ذلك الـمشركين بـمكة ، حتـى أخفـى صلاته هو وأصحابه ، فلذلك قال { وَلا تَـجَهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُـخافِتْ بِها وَابْتَغِ بـيْنَ ذلكَ سَبِـيلاً } وقال فـي الأعراف : { وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِـي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الـجَهْرِ مِنَ القَوْلِ بـالغُدُوّ والآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الغافِلِـينَ } وقال آخرون : معنى ذلك : ولا تـجهر بصلاتك تـحسنها من إتـيانها فـي العلانـية ، ولا تـخافت بها : تسيئها فـي السريرة . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، عن الـحسن أنه كان يقول : { ولاَ تَـجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُـخافِتْ بِها } : أي لا تراء بها عَلاَنـية ، ولا تـخفها سرّاً { وَابْتَغِ بـينَ ذلكَ سَبِـيلاً } . حدثنا الـحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، قال : كان الـحسن يقول فـي قوله : { وَلا تَـجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُـخافِتْ بِها } قال : لا تـحسن علانـيتها ، وتسيء سريرتها . حدثنـي يعقوب ، قال : ثنا هشيـم ، عن عوف ، عن الـحسن ، فـي قوله : { وَلا تَـجْهَرْ بِصَلاتِكَ ولاَ تُـخافِتْ بِها } قال : لا تراء بها فـي العلانـية ، ولا تـخفها فـي السريرة . حدثنـي علـيّ بن الـحسن الأزرقـي ، قال : ثنا الأشجعي ، عن سفـيان ، عن منصور ، عن الـحسن { وَلا تَـجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُـخافِتْ بِها } قال : تـحسن علانـيتها ، وتسيء سريرتها . حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { وَلا تَـجْهَرْ بِصَلاتِكَ ولاَ تُـخافِتْ بِها } قال : لا تصلّ مراءاة الناس ولا تدعها مخافة . وقال آخرون فـي ذلك ما : حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد فـي قوله : { وَلا تَـجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُـخافِتْ بِها وَابْتِغِ بـينَ ذلكَ سَبِـيلاً } قال : السبـيـل بـين ذلك الذي سنّ له جبرائيـل من الصلاة التـي علـيها الـمسلـمون . قال : وكان أهل الكتاب يُخافتون ، ثم يجهر أحدهم بـالـحرف ، فـيصيح به ، ويصيحون هم به وراءه ، فنهى أن يصيح كما يصيح هؤلاء ، وأن يُخافت كما يُخافت القوم ، ثم كان السبـيـل الذي بـين ذلك ، الذي سنّ له جبرائيـل من الصلاة . وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصحة ، ما ذكرنا عن ابن عبـاس فـي الـخبر الذي رواه أبو جعفر ، عن سعيد ، عن ابن عبـاس ، لأن ذلك أصحّ الأسانـيد التـي رُوِي عن صحابـيّ فـيه قولٌ مخرَّجا ، وأشبه الأقوال بـما دلّ علـيه ظاهر التنزيـل ، وذلك أن قوله : { وَلا تَـجْهِرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُـخافِتْ بِها } عقـيب قوله { قُلِ ادْعِوا اللّهَ أوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أيَّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الأسْماءُ الـحُسْنَى } وعقـيب تقريع الكفـار بكفرهم بـالقرآن ، وذلك بعدهم منه ومن الإيـمان . فإذا كان ذلك كذلك ، فـالذي هو أولـى وأشبه بقوله { وَلاَ تَـجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُـخافِتْ بِها } أن يكون من سبب ما هو فـي سياقه من الكلام ، ما لـم يأت بـمعنى يوجب صرفه عنه ، أو يكون علـى انصرافه عنه دلـيـل يعلـم به الانصراف عما هو فـي سياقه . فإذا كان ذلك كذلك ، فتأويـل الكلام : قل ادعوا الله ، أو ادعوا الرحمن ، أيا ما تدعوا فله الأسماء الـحسنى ، ولا تـجهر يا مـحمد بقراءتك فـي صلاتك ودعائك فـيها ربك ومسألتك إياه ، وذكرك فـيها ، فـيؤذيك بجهرك بذلك الـمشركون ، ولا تـخافت بها فلا يسمعها أصحابك { وَابْتَغِ بـينَ ذلكَ سبِـيلاً } ولكن التـمس بـين الـجهر والـمخافتة طريقا إلـى أن تسمع أصحابك ، ولا يسمعه الـمشركون فـيؤذوك . ولولا أن أقوال أهل التأويـل مضت بـما ذكرت عنهم من التأويـل ، وأنا لا نستـجيز خلافهم فـيـما جاء عنهم ، لكان وجها يحتـمله التأويـل أن يقال : ولا تـجهر بصلاتك التـي أمرناك بـالـمخافتة بها ، وهي صلاة النهار لأنها عجماء ، لا يجهز بها ، ولا تـخافت بصلاتك التـي أمرناك بـالـجهر ، وهي صلاة اللـيـل ، فإنها يجهر بها { وَابْتَغِ بـينَ ذلكَ سَبِـيلاً } بأن تـجهر بـالتـي أمرناك بـالـجهر بها ، وتـخافت بـالتـي أمرناك بـالـمخافتة بها ، لا تجهز بجميعها ، ولا تـخافت بكلها ، فكان ذلك وجها غير بعيد من الصحة ، ولكنا لا نرى ذلك صحيحا لإجماع الـحجة من أهل التأويـل علـى خلافه . فإن قال قائل : فأية قراءة هذه التـي بـين الـجهر والـمخافتة ؟ قـيـل : حدثنـي مطر بن مـحمد ، قال : ثنا قتـيبة ، ووهب بن جرير ، قالا : ثنا شعبة ، عن الأشعث بن سلـيـم ، عن الأسود بن هلال ، قال : قال عبد الله : لـم يخافت من أسمع أذنـيه . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا شعبة ، عن الأشعث ، عن الأسود بن هلال ، عن عبد الله ، مثله .