Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 2-2)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : سبحان الذي أسرى بعبده لـيلاً وآتى موسى الكتاب ، وردّ الكلام إلـى { وآتَـيْنا } وقد ابتدأ بقوله أسرى لـما قد ذكرنا قبل فـيـما مضى من فعل العرب فـي نظائر ذلك من ابتداء الـخبر بـالـخبر عن الغائب ، ثم الرجوع إلـى الـخطاب وأشبـاهه . وعنى بـالكتاب الذي أوتـى موسى : التوراة . { وَجَعَلْناهُ هُدًى لِبَنِـي إسْرَائِيـلَ } يقول : وجعلنا الكتاب الذي هو التوراة بـياناً للـحقّ ، ودلـيلاً لهم علـى مـحجة الصواب فـيـما افترض علـيهم ، وأمرهم به ، ونهاهم عنه . وقوله : { ألاَّ تَتَّـخِذُوا مِنْ دُونِـي وَكِيلاً } اختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الـمدينة والكوفة { ألاَّ تَتَّـخِذُوا } بـالتاء بـمعنى : وآتـينا موسى الكتاب بأن لا تتـخذوا يا بنـي إسرائيـل { مِنْ دُونِـي وَكيِلاً } . وقرأ ذلك بعض قرّاء البصرة : « ألاَّ يَتَّـخِذُوا » بـالـياء علـى الـخبر عن بنـي إسرائيـل ، بـمعنى : وجعلناه هدى لبنـي إسرائيـل ، ألا يتَّـخذ بنو إسرائيـل ، من دونـي وكيلاً ، وهما قراءتان صحيحتا الـمعنى ، متفقتان غير مختلفتـين ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب الصواب ، غير أنـي أوثر القراءة بـالتاء ، لأنها أشهر فـي القراءة وأشدّ استفـاضة فـيهم من القراءة بـالـياء . ومعنى الكلام : وآتـينا موسى الكتاب هدى لبنـي إسرائيـل ألا تتـخذوا حفـيظا لكم سواي . وقد بـينا معنى الوكيـل فـيـما مضى . وكان مـجاهد يقول : معناه فـي هذا الـموضع : الشريك . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قوله : { ألاَّ تَتَّـخِذُوا مِنْ دُونِـي وَكِيلاً } قال : شريكاً . وكأن مـجاهداً جعل إقامة من أقام شيئاً سوى الله مقامه شريكاً منه له ، ووكيلاً للذي أقامه مقام الله . وبنـحو الذي قلنا فـي تأويـل هذه الآية ، قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وآتَـيْنا مُوسَى الكِتابَ وَجَعَلْناهُ هُدًى لِبَنِـي إسْرَائِيـلَ } جعله الله لهم هدى ، يخرجهم من الظلـمات إلـى النور ، وجعله رحمة لهم .