Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 31-31)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : { وَقَضَى رَبُّكَ } يا مـحمد { ألاَّ تَعْبُدُوا إلاَّ إيَّاهُ وَبـالوَالِدَيْنِ إحْساناً } ، { وَلا تَقْتُلُوا أوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إمْلاقٍ } فموضع تقتلوا نُصب عطفـاً علـى ألا تعبدوا . ويعنـي بقوله : { خَشْيَةَ إمْلاقٍ } خوف إقتار وفقر . وقد بـيَّنا ذلك بشواهده فـيـما مضى ، وذكرنا الرواية فـيه . وإنـما قال جلّ ثناؤه ذلك للعرب ، لأنهم كانوا يقتلون الإناث من أولادهم خوف العيـلة علـى أنفسهم بـالإنفـاق علـيهن ، كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله { ولا تَقْتُلُوا أوْلادَكُمْ خَشْيَة إمْلاقٍ } : أي خشية الفـاقة ، وقد كان أهل الـجاهلـية يقتلون أولادهم خشية الفـاقة ، فوعظهم الله فـي ذلك ، وأخبرهم أن رزقهم ورزق أولادهم علـى الله ، فقال : { نَـحْنُ نَرْزُقُهُمْ وإيَّاكُمْ إنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبـيراً } . حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى ، قال : ثنا مـحمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { خَشْيَة إمْلاقٍ } قال : كانوا يقتلون البنات . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال مـجاهد { وَلا تَقْتُلُوا أوْلادَكُمْ خَشْيَة إمْلاقٍ } قال : الفـاقة والفقر . حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا أبو صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله { خَشْيَة إمْلاقٍ } يقول : الفقر . وأما قوله : { إنَّ قَتْلَهُمْ كان خِطْأً كَبِـيراً } فإن القراء اختلفت فـي قراءته فقرأته عامَّة قراء أهل الـمدينة والعراق إنَّ قَتْلَهُمْ كان خِطْأً كَبِـيراً بكسر الـخاء مِن الـخطإِ وسكون الطاء . وإذا قرىء ذلك كذلك ، كان له وجهان من التأويـل : أحدهما أن يكون اسماً من قول القائل : خَطِئت فأنا أَخْطَأ ، بـمعنى : أذنبت وأثمت . ويُحكى عن العرب : خَطِئتَ : إذا أذنبتَ عمداً ، وأخطأت : إذا وقع منك الذنب خَطَأ علـى غير عمد منك له . والثانـي : أن يكون بـمعنى خَطَأ بفتـح الـخاء والطاء ، ثم كسرت الـخاء وسكنت الطاء ، كما قـيـل : قِتْب وقَتَب وحَذَر وحِذْر ، ونَـجِس ونَـجَس . والـخِطْء بـالكسر اسم ، والـخَطَأ بفتـح الـخاء والطاء مصدر من قولهم : خَطِىء الرجل وقد يكون اسماً من قولهم : أخطأ . فأما الـمصدر منه فـالإخطاء . وقد قـيـل : خَطِىء ، بـمعنى أخطأ ، كما قال الشاعر : @ يا لَهْفَ هِنْدٍ إذْ خَطِئْنَ كاههِلا @@ بـمعنى : أخطأن . وقرأ ذلك بعض قرّاء أهل الـمدينة : « إنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خَطَأً » بفتـح الـخاء والطاء مقصوراً علـى توجيهه إلـى أنه اسم من قولهم : أخطأ فلان خطأ . وقرأه بعض قراء أهل مكة : « إنَّ قَتْلهُمْ كان خَطاءً » بفتـح الـخَاء والطاء ، ومدّ الـخَطَاء بنـحو معنى من قرأه خطأ بفتـح الـخاء والطاء ، غير أنه يخالفه فـي مدّ الـحرف . وكان عامة أهل العلـم بكلام العرب من أهل الكوفة وبعض البصريـين منهم يرون أن الـخِطْء والـخَطَأ بـمعنى واحد ، إلاَّ أن بعضهم زعم أن الـخِطْء بكسر الـخاء وسكون الطاء فـي القراءة أكثر ، وأَن الـخطأ بفتـح الـخاء والطاء فـي كلام الناس أفشى ، وأنه لـم يسمع الـخِطْء بكسر الـخاء وسكون الطاء ، فـي شيء من كلامهم وأشعارهم ، إلا فـي بـيت أنشده لبعض الشعراء : @ الـخِطْءُ فـاحِشَةٌ والبِرُّ نافِلَةٌ كعَجْوَة غُرِسَتْ فِـي الأرْضِ تُؤْتَبرُ @@ وقد ذكرت الفرق بـين الـخِطْء بكسر الـخاء وسكون الطاء وفتـحهما . وأولـى القراءات فـي ذلك عندنا بـالصواب ، القراءة التـي علـيها قراء أهل العراق ، وعامة أهل الـحجاز ، لإجماع الـحجة من القراء علـيها ، وشذوذ ما عداها . وإن معنى ذلك كان إثما وخطيئة ، لا خَطَأ من الفعل ، لأنهم إنـما كانوا يقتلونهم عمداً لا خطأ ، وعلـى عمدهم ذلك عاتبهم ربهم ، وتقدم إلـيهم بـالنهي عنه . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك ، قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد { خِطْأً كَبِـيراً } قال : أي خطيئة . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد { إنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِـيراً } قال : خطيئة . قال ابن جريج ، وقال ابن عبـاس : خِطأ : أي خطيئة .