Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 92-92)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اختلفت القرّاء فـي قراءة قوله : { كِسَفـاً } فقرأته عامَّة قرّاء الكوفة والبصرة بسكون السين ، بـمعنى : أو تسقط السماء كما زعمت علـينا كِسفـاً ، وذلك أن الكِسْف فـي كلام العرب : جمع كِسْفة ، وهو جمع الكثـير من العدد للـجنس ، كما تـجمع السِّدْرة بسِدْر ، والتـمرة بتـمر ، فحُكي عن العرب سماعاً : أعطنـي كِسْفة من هذا الثوب : أي قطعة منه ، يقال منه : جاءنا بثريد كِسْف : أي قطع خبز . وقد يحتـمل إذا قرىء كذلك « كِسْفـاً » بسكون السين أن يكون مرادا به الـمصدر من كسف . فأما الكِسَفُ بفتـح السين ، فإنه جمع ما بـين الثلاث إلـى العشر ، يقال : كِسَفة واحدة ، وثلاث كِسَف ، وكذلك إلـى العشر . وقرأ ذلك عامة قرّاء أهل الـمدينة وبعض الكوفـيـين { كِسَفـاً } بفتـح السين بـمعنى : جمع الكِسْفة الواحدة من الثلاث إلـى العشر ، يعنـي بذلك قِطَعاً : ما بـين الثلاث إلـى العشر . وأولـى القراءتـين فـي ذلك بـالصواب عندي قراءة من قرأه بسكون السين ، لأن الذين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ، لـم يقصدوا فـي مسألتهم إياه ذلك أن يكون بحدّ معلوم من القطع ، إنـما سألوا أن يُسقط علـيهم من السماء قِطَعاً ، وبذلك جاء التأويـل أيضاً عن أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله { كِسْفـاً } قال : السماء جمعاً . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد ، مثله . قال ابن جريج : قال عبد الله بن كثـير ، عن مـجاهد ، قوله { كمَا زَعَمْتَ عَلَـيْنا كِسَفـا } قال : مرّة واحدة ، والتـي فـي الروم { ويَجْعَلُهُ كِسَفـاً } قال : قطعاً ، قال ابن جريج : كسفـاً لقول الله : { إنْ نَشَأْ نَـخْسِفْ بِهِمُ الأرْضَ أوْ نُسْقِطْ عَلَـيْهِمْ كِسَفـاً مِنَ السَّماءِ } حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { أوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كمَا زَعَمْتَ عَلَـيْنا كِسَفـاً } قال : أي قطعاً . حدثنا علـيّ ، قال : ثنا عبد الله بن صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { كِسَفـاً } يقول : قطعاً . حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى ، قال : ثنا مـحمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { كِسَفـاً } قال : قطعاً . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله { أوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كمَا زَعَمْتَ عَلَـيْنا كِسَفـاً } يعنـي قِطَعاً . القول فـي تأويـل قوله : { أوْ تَأْتِـيَ بـاللّهِ وَالمَلائِكَةِ قَبِـيلاً } يقول تعالـى ذكره عن قـيـل الـمشركين لنبـيّ الله صلى الله عليه وسلم : أو تأتـي بـالله يا مـحمد والـملائكة قبـيلاً . واختلف أهل التأويـل فـي معنى القبـيـل فـي هذا الـموضع ، فقال بعضهم : معناه : حتـى يأتـي الله والـملائكة كلَّ قبـيـلة منا قبـيـلة قبـيـلة ، فـيعاينونهم . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله : { وَالـمَلائِكَةِ قَبِـيلاً } قال : علـى حدتنا ، كلّ قبـيـلة . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد ، قوله { أوْ تَأْتِـي بـاللّهِ وَالـمَلائِكَةِ قَبِـيلاً } قال : قبـائل علـى حدتها كلّ قبـيـلة . وقال آخرون : معنى ذلك : أوْ تأتـي بـالله والـملائكة عياناً نقابلهم مقابلة ، فنعاينهم معاينة . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { أوْ تَأْتـيَ بـاللّهِ وَالـمَلائِكَةِ قَبِـيلاً } نعاينهم معاينة . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج { أوْ تَأْتـيَ بـاللّهِ وَالـمَلائِكَةِ قَبِـيلاً } فنعاينهم . ووجَّهه بعض أهل العربـية إلـى أنه بـمعنى الكفـيـل من قولهم : هو قَبـيـلُ فلان بـما لفلان علـيه وزعيـمه . وأشبه الأقوال فـي ذلك بـالصواب ، القول الذي قاله قتادة من أنه بـمعنى الـمعاينة ، من قولهم : قابلت فلانا مقابلة ، وفلان قبـيـل فلان ، بـمعنى قبـالته ، كما قال الشاعر : @ نُصَالِـحُكُمْ حتـى تَبُوءُوا بِـمِثْلِها كصَرْخَةِ حُبْلَـى يَسَّرَتْها قَبِـيـلُها @@ يعنـي قابِلَتها . وكان بعض أهل العلـم بكلام العرب من أهل البصرة يقول : إذا وصفوا بتقدير فعيـل من قولهم قابلت ونـحوها ، جعلوا لفظ صفة الاثنـين والـجميع من الـمؤنث والـمذكر علـى لفظ واحد ، نـحو قولهم : هذه قبـيـلـي ، وهما قبـيـلـي ، وهم قبـيـلـي ، وهن قبـيـلـي .