Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 93-93)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره مخبرا عن الـمشركين الذين ذكرنا أمرهم فـي هذه الآيات : أو يكون لك يا مـحمد بـيت من ذهب وهو الزخرف . كما : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس { أوْ يَكُونَ لَكَ بَـيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ } يقول : بـيت من ذهب . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله { مِنْ زُخْرُفٍ } قال : من ذهب . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { أوْ يَكُونَ لَكَ بَـيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ } والزخرف هنا : الذهب . حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، فـي قوله { أوْ يَكُونَ لَكَ بَـيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ } قال : من ذهب . حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوريّ ، عن رجل ، عن الـحكم قال : قال مـجاهد : كنا لا ندري ما الزخرف حتـى رأيناه فـي قراءة ابن مسعود : « أوْ يَكُونَ لَكَ بَـيْتٌ مِنْ ذَهَبٍ » . حدثنا مـحمد بن الـمثنى ، قال : ثنا مـحمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن الـحكم ، عن مـجاهد ، قال : لـم أدر ما الزخرف ، حتـى سمعنا فـي قراءة عبد الله بن مسعود : « بَـيْتٌ مِنْ ذَهَبٍ » . وقوله { أوْ تَرْقـى فِـي السَّماءِ } يعنـي : أو تصعد فـي درج إلـى السماء وإنـما قـيـل فـي السماء ، وإنـما يرقـى إلـيها لا فـيها ، لأن القوم قالوا : أو ترقـى فـي سلـم إلـى السماء ، فأدخـلت « فـي » فـي الكلام لـيدلّ علـى معنى الكلام ، يقال : رَقِـيت فـي السلـم ، فأنا أرقَـى رَقـيا ورِقِـيا ورُقـيا ، كما قال الشاعر : @ أنتَ الَّذِي كَلَّفتَنِـي رَقْـيَ الدَّرْج عَلـى الكلالِ والـمَشِيبِ والعَرْجِ @@ وقوله : { وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِـيِّكَ } يقول : ولن نصدّقك من أجل رُقِـيك إلـى السماء { حتـى تُنَزِّلَ عَلَـيْنا كِتابـا } منشورا نَقْرَؤُهُ فـيه أمرنا بـاتبـاعك والإيـمان بك ، كما : حدثنا مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله { كِتابـا نَقْرَؤُهُ } قال : من ربّ العالـمين إلـى فلان ، عند كلّ رجل صحيفة تصبح عند رأسه يقرؤها . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد بنـحوه ، إلاَّ أنه قال : كتابـا نقرؤه من ربّ العالـمين ، وقال أيضا : تصبح عند رأسه موضوعة يقرؤها . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله { حتـى تُنَزِّلَ عَلَـيْنا كِتابـا نَقْرَؤُهُ } : أي كتابـا خاصا نؤمر فـيه بـاتبـاعك . وقوله : { قُلْ سُبْحانَ رَبّـي } يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم : قل يا مـحمد لهؤلاء الـمشركين من قومك ، القائلـين لك هذه الأقوال ، تنزيها لله عما يصفونه به ، وتعظيـما له من أن يؤتـى به وملائكته ، أو يكون لـي سبـيـل إلـى شيء مـما تسألونـيه : { هَلْ كُنْتُ إلاَّ بَشَرا رَسُولاً } يقول : هل أنا إلاَّ عبد من عبـيده من بنـي آدم ، فكيف أقدر أن أفعل ما سألتـمونـي من هذه الأمور ، وإنـما يقدر علـيها خالقـي وخالقكم ، وإنـما أنا رسول أبلغكم ما أرسلت به إلـيكم ، والذي سألتـمونـي أن أفعله بـيد الله الذي أنا وأنتـم عبـيد له ، لا يقدر علـى ذلك غيره . وهذا الكلام الذي أخبر الله أنه كلَّـم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فـيـما ذكر كان من ملإ من قريش اجتـمعوا لـمناظرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومُـحاجَّته ، فكلَّـموه بـما أخبر الله عنهم فـي هذه الآيات . ذكر تسمية الذين ناظروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك منهم @ والسبب الذي من أجله ناظروه به @@ حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا يونس بن بكير ، قال : ثنا مـحمد بن إسحاق ، قال : ثنـي شيخ من أهل مصر ، قدم منذ بضع وأربعين سنة ، عن عكرمة ، عن ابن عبـاس ، أن عتبة وشيبة ابنـي ربـيعة وأبـا سفـيان بن حرب ورجلاً من بنـي عبد الدار وأبـا البختري أخا بنـي أسد ، والأسود بن الـمطلب ، وزمعة بن الأسود ، والولـيد بن الـمغيرة ، وأبـا جهل بن هشام ، وعبد الله بن أبـي أمية ، وأميَّة بن خـلف ، والعاص بن وائل ، ونُبَـيها ومُنَبها ابنـي الـحجاج السَّهميـين اجتـمعوا ، أو من اجتـمع منهم ، بعد غروب الشمس عند ظهر الكعبة ، فقال بعضهم لبعض : ابعثوا إلـى مـحمد فكلِّـموه وخاصموه حتـى تُعْذِروا فـيه ، فبعثوا إلـيه : إن أشراف قومك قد اجتـمعوا إلـيك لـيكلـموك ، فجاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعا ، وهو يظنّ أنه بدا لهم فـي أمره بَدَاء ، وكان علـيهم حريصا ، يحبّ رشدهم ويعزّ علـيه عَنَتهم ، حتـى جلس إلـيهم ، فقالوا : يا مـحمد إنا قد بعثنا إلـيك لنُعْذِر فـيك ، وإنا والله ما نعلـم رجلاً من العرب أدخـل علـى قومه ما أدخـلت علـى قومك لقد شتـمت الآبـاء ، وعِبْت الدين ، وسفَّهت الأحلام ، وشتـمت الآلهة ، وفرّقت الـجماعة ، فما بقـي أمر قبـيح إلاَّ وقد جئته فـيـما بـيننا وبـينك ، فإن كنت إنـما جئت بهذا الـحديث تطلب مالاً ، جمعنا لك من أموالنا حتـى تكون أكثرنا مالاً ، وإن كنت إنـما تطلب الشرف فـينا سوّدناك علـينا ، وإن كنت تريد به مُلكا ملكناك علـينا ، وإن كان هذا الذي يأتـيك بـما يأتـيك به رَئِيا تراه قد غلب علـيك وكانوا يسمون التابع من الـجنّ : الرئيّ فربـما كان ذلك ، بذلنا أموالنا فـي طلب الطبّ لك حتـى نبرئك منه ، أو نُعذِرَ فـيك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما بِـي ما تَقُولُونَ ، ما جِئتُكُمْ بِـمَا جِئْتُكُمْ بِهِ أطلُبُ أمْوَالَكُمْ ، وَلا الشَّرَفَ فِـيكُمْ وَلا الـمُلْكَ عَلَـيْكُمْ ، وَلَكِنَّ اللّهَ بَعَثَنِـي إلَـيْكُمْ رَسُولاً ، وأنْزَلَ عَلـيَّ كِتابـا ، وأمَرَنِـي أنْ أكُونَ لَكُمْ بَشِيرا وَنَذِيرا ، فَبَلَّغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبّـي ، وَنَصَحْتُ لَكُمْ ، فإنْ تَقْبَلُوا مِنِّـي ما جِئْتُكُمْ بِهِ فَهُوَ حَظُّكُمْ فِـي الدُّنْـيا والآخِرَةِ ، وإنْ تَرُدُّوهُ عَلـيَّ أصْبِرْ لأَمْرِ اللّهِ حتـى يَحْكُمَ اللّهُ بَـيْنـيِ وَبَـيْنَكُمْ " أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : يا مـحمد ، فإن كنت غير قابل منا ما عرضنا علـيك ، فقد علـمت أنه لـيس أحد من الناس أضيق بلادا ، ولا أقلّ مالاً ، ولا أشدّ عيشا منا ، فسل ربك الذي بعثك بـما بعثك به ، فلـيسيِّرْ عنا هذه الـجبـال التـي قد ضيقت علـينا ، ويبسط لنا بلادنا ، ولـيفجِّر لنا فـيها أنهارا كأنهار الشام والعراق ، ولـيبعث لنا من مضى من آبـائنا ، ولـيكن فـيـمن يبعث لنا منهم قُصَيّ بن كلاب ، فإنه كان شيخا صدوقا ، فنسألهم عما تقول ، حقّ هو أم بـاطل ؟ فإن صنعت ما سألناك ، وصدقوك صدقناك ، وعرفنا به منزلتك عند الله ، وأنه بعثك بـالـحقّ رسولاً ، كما تقول . فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما بِهذَا بُعِثْتُ ، إنَّـمَا جِئْتُكُمْ مِنَ اللّهِ بِـمَا بَعَثَنِـي بِهِ ، فَقَدْ بَلَّغْتُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ إلـيكم ، فإنْ تَقْبَلُوهُ فَهُوَ حَظُّكُمْ فِـي الدُّنْـيا والآخِرَةِ ، وإنْ تَرُدُّوهُ عَلـيَّ أصْبِرْ لأمْرِ اللّهِ حتـى يَحْكُمَ اللّهُ بَـيْنِـي وَبَـيْنَكُمْ " قالوا : فإن لـم تفعل لنا هذا ، فخذ لنفسك ، فسل ربك أن يبعث ملكا يصدّقك بـما تقول ، ويراجعنا عنك ، واسأله فلـيجعل لك جنانا وكنوزا وقصورا من ذهب وفضة ، ويغنـيك بها عما نراك تبتغي ، فإنك تقوم بـالأسواق ، وتلتـمس الـمعاش كما نلتـمسه ، حتـى نعرف فضل منزلتك من ربك إن كنت رسولاً كما تزعم ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أنا بِفـاعِلٍ ، ما أنا بـالَّذِي يَسألُ رَبَّهُ هذَا ، وَما بُعِثْتُ إلَـيْكُمْ بِهذَا ، وَلَكِنَّ اللّهَ بَعَثَنِـي بَشِيرا وَنَذِيرا ، فإنْ تَقْبَلُوا ما جِئْتُكُمْ بِهِ فَهُوَ حَظُّكُمْ فِـي الدُّنْـيا والآخِرَةِ ، وَإنْ تَرُدُّوهُ عَلـيَّ أصْبِرْ لأَمْرِ اللّهِ حتـى يَحْكُمَ اللّهُ بَـيْنِـي وبَـيْنَكُمْ " قالوا : فأسقط السماء علـينا كِسَفـا ، كما زعمت أن ربك إن شاء فعل ، فإنا لا نؤمن لك إلاَّ أن تفعل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ذلكَ إلـى الله إنْ شاءَ فَعَلَ بِكُمْ ذلكَ " فقالوا : يا مـحمد ، فما علـم ربك أنا سنـجلس معك ، ونسألك عما سألناك عنه ، ونطلب منك ما نطلب ، فـيتقدّم إلـيك ، ويعلـمك ما تراجعنا به ، ويخبرك ما هو صانع في ذلك أيضاً إذ لم تقبل منا ما جئتنا به ، فقد بلغنا أنه إنما يعلِّـمك هذا رجل باليمامة يقال له الرحمن ، وإنا والله ما نؤمن بـالرحمن أبدا ، أعذرنا إلـيك يا مـحمد ، أما والله لا نتركك وما بلغت بنا حتـى نهلكك أو تهلكنا ، قال قائلهم : نـحن نعبد الـملائكة ، وهنّ بنات الله ، وقال قائلهم : لن نؤمن لك حتـى تأتـينا بـالله والـملائكة قبـيلاً . فلـما قالوا ذلك ، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم ، وقام معه عبد الله بن أبـي أميَّة بن الـمُغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم ، وهو ابن عمته ابن عاتكة ابنة عبد الـمطلب ، فقال له : يا مـحمد عرض علـيك قومك ما عرضوا فلـم تقبله منهم ، ثم سألوك لأنفسهم أمورا ، لـيعرفوا منزلتك من الله فَلـم تفعل ذلك ، ثم سألوك أن تعجل ما تـخوّفهم به من العذاب ، فوالله لا أومن لك أبدا ، حتـى تتـخذ إلـى السماء سلـما ترقـى فـيه ، وأنا أنظر حتـى تأتـيها ، وتأتـي معك بنسخة منشورة معك أربعة من الـملائكة يشهدون لك أنك كما تقول ، وايـم الله لو فعلت ذلك لظننتُ ألاّ أصدّقك ، ثم انصرف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلـى أهله حزينا أسيفـا لـما فـاته مـما كان يطمع فـيه من قومه حين دعوه ، ولِـمَا رأى من مبـاعدتهم إياه فلـما قام عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال أبو جهل : يا معشر قريش ، إن مـحمدا قد أبى إلا ما ترون من عيب ديننا ، وشتـم آبـائنا ، وتسفـيه أحلامنا ، وسبّ آلهتنا ، وإنـي أعاهد الله لأجلسنّ له غدا بحجر قدر ما أطيق حَمْله ، فإذا سجد فـي صلاته فضخت رأسه به . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، قال : ثنا ابن إسحاق ، قال : ثنـي مـحمد بن أبـي مـحمد مولـى زيد بن ثابت ، عن سعيد بن جبـير أو عكرمة مولـى ابن عبـاس ، عن ابن عبـاس ، بنـحوه ، إلاَّ أنه قال : وأبـا سفـيان بن حرب ، والنضر بن الـحرث أبناء بنـي عبد الدار ، وأبـا البختريّ بن هشام . حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم ، قال : ثنا هشيـم ، عن أبـي بشر ، عن سعيد ، قال : قلت له فـي قوله تعالـى { لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حتـى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الأرْضِ يَنْبُوعا } قال : قلت له : نزلت فـي عبد الله بن أبـي أمية ، قال : قد زعموا ذلك .