Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 49-49)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول عزّ ذكره : ووضع الله يومئذٍ كتاب أعمال عبـاده فـي أيديهم ، فأخذ واحد بـيـمينه وأخذ واحد بشماله { فَتَرى الـمُـجْرِمينَ مُشْفقـينَ مِـمَّا فِـيهِ } يقول عزّ ذكره : ترى الـمـجرمين الـمشركين بـالله مشفقـين ، يقول : خائفـين وجلـين مـما فـيه مكتوب من أعمالهم السيئة التـي عملوها فـي الدنـيا أن يؤاخذوا بها { وَيَقُولُونَ يا وَيْـلَتَنا ما لَهَذَا الكِتابِ لا يُغادِرُ صَغيرَةً وَلا كَبِـيرةً إلاَّ أحْصَاها } يعنـي أنهم يقولون إذا قرأوا كتابهم ، ورأوا ما قد كُتب علـيهم فـيه من صغائر ذنوبهم وكبـائرها ، نادوا بـالويـل حين أيقنوا بعذاب الله ، وضجوا مـما قد عرفوا من أفعالهم الـخبـيثة التـي قد أحصاها كتابهم ، ولـم يقدروا أن ينكروا صحتها كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { ما لِهَذَا الكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِـيرَةً إلاَّ أحْصَاها } اشتكى القوم كما تسمعون الإحصاء ، ولـم يشتك أحد ظلـما ، « فإياكم والـمـحقَّرات من الذنوب ، فإنها تـجتـمع علـى صاحبها حتـى تهلكه » . ذُكر لنا أن نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يضرب لها مثلاً ، يقول كمثل قوم انطلقوا يسيرون حتـى نزلوا بفلاة من الأرض ، وحضر صنـيع القوم ، فـانطلق كلّ رجل يحتطب ، فجعل الرجل يجيء بـالعود ، ويجيء الآخر بـالعود ، حتـى جمعوا سواداً كثـيراً وأجّجوا ناراً ، فإن الذنب الصغير يجتـمع علـى صاحبه حتـى يهلكه . وقـيـل : إنه عنى بـالصغيرة فـي هذا الـموضع : الضحك . ذكر من قال ذلك : حدثنـي زكريا بن يحيى بن أبـي زائدة ، قال : ثنا عبد الله بن داود ، قال : ثنا مـحمد بن موسى ، عن الزيال بن عمرو ، عن ابن عبـاس { لا يُغادِرُ صَغِيرةً وَلا كَبِـيرةً } قال : الضحك . حدثنا أحمد بن حازم ، قال : ثنا أبـي ، قال : حدثتنـي أمي حمادة ابنة محمد ، قال : سمعت أبـي محمد بن عبد الرحمن يقول فـي هذه الآية فـي قول الله عزّ وجلّ : { ما لِهَذَا الكِتابِ لا يُغَادِرُ صَغيِرةً وَلا كَبِـيرةً إلاَّ أحْصَاها } قال : الصغيرة : الضحك . ويعنـي بقوله : { ما لِهَذَا الكِتابِ } : ما شأن هذا الكتاب { لا يُغادِرُ صَغِيرةً وَلا كَبِـيرَةً } يقول : لا يبقـى صغيرة من ذنوبنا وأعمالنا ولا كبـيرة منها { إلاَّ أحْصَاها } يقول : إلا حفظها { وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا } فـي الدنـيا من عمل { حاضِراً } فـي كتابهم ذلك مكتوبـاً مثبتاً ، فجوّزوا بـالسيئة مثلها ، والـحسنة ما الله جازيهم بها { وَلا يَظْلِـمُ رَبُّكَ أحَداً } يقول : ولا يجازي ربك أحداً يا مـحمد بغير ما هو أهله ، لا يجازي بـالإحسان إلا أهل الإحسان ، ولا بـالسيئة إلا أهل السيئة ، وذلك هو العدل .