Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 86-86)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : { حتـى إذَا بَلَغَ } ذو القرنـين { مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ فـي عَيْنٍ حَمِئَةٍ } ، فـاختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك ، فقرأه بعض قرّاء الـمدينة والبصرة : { فـي عَيْنٍ حَمِئَةٍ } بـمعنى : أنها تغرب فـي عين ماء ذات حمأة ، وقرأته جماعة من قراء الـمدينة ، وعامَّة قرّاء الكوفة : « فـي عَيْنٍ حَامِيَةٍ » يعنـي أنها تغرب فـي عين ماء حارّة . واختلف أهل التأويـل فـي تأويـلهم ذلك علـى نـحو اختلاف القرّاء فـي قراءته . ذكر من قال : { تَغْرُبُ فـي عَيْنٍ حَمِئَةٍ } : حدثنا مـحمد بن الـمثنى ، قال : ثنا ابن أبـي عديّ ، عن داود ، عن عكرمة ، عن ابن عبـاس { وَجَدَها تَغْرُبُ فـي عَيْنٍ حَمِئَةٍ } قال : فـي طين أسود . حدثنا ابن الـمثنى ، قال : ثنا عبد الأعلـى ، قال : ثنا داود ، عن عكرمة ، عن ابن عبـاس ، أنه كان يقرأ { فـي عَيْنٍ حَمِئَةٍ } قال : ذات حمأة . حدثنا الـحسين بن الـجنـيد ، قال : ثنا سعيد بن مسلـمة ، قال : ثنا إسماعيـل بن عُلَـية ، عن عثمان بن حاضر ، قال : سمعت عبد الله بن عبـاس يقول : قرأ معاوية هذه الآية ، فقال : « عَيْن حامِيَة » فقال ابن عبـاس : إنها عين حمئة ، قال : فجعلا كعبـاً بـينهما ، قال : فأرسلا إلـى كعب الأحبـار ، فسألاه ، فقال كعب : أما الشمس فإنها تغيب فـي ثأط ، فكانت علـى ما قال ابن عبـاس ، والثأط : الطين . حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : ثنـي نافع بن أبـي نعيـم ، قال : سمعت عبد الرحمن الأعرج يقول : كان ابن عبـاس يقول { فِـي عَيْنِ حَمِئَة } ثم فسرها : ذات حمأة ، قال نافع : وسئل عنها كعب ، فقال : أنتـم أعلـم بـالقرآن منـي ، ولكنـي أجدها فـي الكتاب تغيب فـي طينة سوداء . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس { وَجَدَها تَغْرُبُ فـي عَيْنٍ حَمِئَةٍ } قال : هي الـحمأة . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد فِـي { عَيْنِ حَمِئَة } قال : ثأط . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد فـي قول الله عزّ ذكره { تَغْرُبُ فـي عَيْنٍ حَمِئَةٍ } قال : ثأطة . قال : وأخبرنـي عمرو بن دينار ، عن عطاء بن أبـي ربـاح ، عن ابن عبـاس ، قال : قرأت { فِـي عَيْنٍ حَمِئَةٍ } وقرأ عمرو بن العاص فِـي عَيْنٍ حامِيَةٍ فأرسلنا إلـى كعب ، فقال : إنها تغرب فـي حمأة طينة سوداء . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { تَغْرُبُ فـي عَيْنٍ حَمِئَةٍ } والـحمئة : الـحمأة السوداء . حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى ، قال : ثنا مروان بن معاوية ، عن ورقاء ، قال : سمعت سعيد بن جبـير ، قال : كان ابن عبـاس يقرأ هذا الـحرف { فـي عَيْنٍ حَمِئَةٍ } ويقول : حمأة سوداء تغرب فـيها الشمس . وقال آخرون : بل هي تغيب فـي عين حارّة . ذكر من قال ذلك : حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس « وَجَدَها تَغْرُبُ فـي عَيْنٍ حَامِيَةٍ » يقول : فـي عين حارّة . حدثنا يعقوب ، قال : ثنا ابن علـية ، عن أبـي رجاء ، قال : سمعت الـحسن يقول : « فِـي عَيْنٍ حَامِيَةٍ » قال : حارّة . حدثنا الـحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن الـحسن ، فـي قوله : « فِـي عَيْنٍ حَامِيَةً » قال : حارّة ، وكذلك قرأها الـحسن . والصواب من القول فـي ذلك عندي أن يقال : إنهما قراءتان مستفـيضتان فـي قرأة الأمصار ، ولكلّ واحدة منهما وجه صحيح ومعنى مفهوم ، وكلا وجهيه غير مفسد أحدهما صاحبه ، وذلك أنه جائز أن تكون الشمس تغرب فـي عين حارّة ذات حمأة وطين ، فـيكون القارىء فـي عين حامية وصفها بصفتها التـي هي لها ، وهي الـحرارة ، ويكون القارىء فـي عين حمئة واصفها بصفتها التـي هي بها وهي أنها ذات حمأة وطين . وقد رُوي بكلا صيغتـيها اللتـين قلت إنهما من صفتـيها أخبـار . حدثنا مـحمد بن الـمثنى ، قال : ثنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا العوّام ، قال : ثنـي مولـى لعبد الله بن عمرو ، عن عبد الله ، قال : نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلـى الشمس حين غابت ، فقال : " فِـي نارِ اللَّهِ الـحامِيَةِ ، فِـي نارِ اللَّهِ الـحامِيَةِ ، لَوْلا ما يَزَعُها مِنْ أمْرِ اللَّهِ لأَحْرَقَتْ ما عَلـى الأرْض " حدثنـي الفضل بن داود الواسطي ، قال : ثنا أبو داود ، قال : ثنا مـحمد بن دينار ، عن سعد بن أوس ، عن مصدع ، عن ابن عبـاس ، عن أبـيّ بن كعب أن النبـيّ صلى الله عليه وسلم أقرأه : { حَمِئَةٍ } . وقوله : { وَوَجَدَ عَنْدَها قَوْماً } ذكر أن أولئك القوم يقال لهم : ناسك . وقوله : { قُلْنا يا ذَا القَرْنَـيْنِ إمَّا أنْ تُعَذّبَ } يقول : إما أن تقتلهم إن هم لـم يدخـلوا فـي الإقرار بتوحيد الله ، ويذعنوا لك بـما تدعوهم إلـيه من طاعة ربهم { وإمَّا أنْ تَتَّـخِذَ فِـيهِمْ حُسْناً } يقول : وإما أن تأسرهم فتعلـمهم الهدى وتبصرهم الرشاد .