Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 83-85)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم : ويسألك يا مـحمد هؤلاء الـمشركون عن ذي القرنـين ما كان شأنه ، وما كانت قصته ، فقل لهم : سأتلو علـيكم من خبره ذكراً يقول : سأقصّ علـيكم منه خبراً . وقد قـيـل : إن الذين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر ذي القرنـين ، كانوا قوما من أهل الكتاب . فأما الـخبر بأن الذين سألوه عن ذلك كانوا مشركي قومه فقد ذكرناه قبل . وأما الـخبر بأن الذين سألوه ، كانوا قوماً من أهل الكتاب . فحدثنا به أبو كريب ، قال : ثنا زيد بن حبـاب عن ابن لهيعة ، قال : ثنـي عبد الرحمن بن زياد بن أنعم ، عن شيخين من نـجيب ، قال : أحدهما لصاحبه : انطلق بنا إلـى عقبة بن عامر نتـحدّث ، قالا : فأتـياه فقالا : جئنا لتـحدثنا ، فقال : كنت يوما أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخرجت من عنده ، فلقـينـي قوم من أهل الكتاب ، فقالوا : نريد أن نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فـاستأذن لنا علـيه ، فدخـلت علـيه ، فأخبرته ، فقال : " مالـي ومالهم ، مالـي علـم إلا ما علـمنـي الله " ، ثم قال : " اسكب لـي ماء " ، فتوضأ ثم صلـى ، قال : فما فرغ حتـى عرفت السرور فـي وجهه ، ثم قال : " أدخـلهم علـيّ ، ومن رأيت من أصحابـي " فدخـلوا فقاموا بـين يديه ، فقال : " إن شئتـم سألتـم فأخبرتكم عما تـجدونه فـي كتابكم مكتوبـاً ، وإن شئتـم أخبرتكم " ، قالوا : بلـى أخبرنا ، قال : " جئتـم تسألونـي عن ذي القرنـين ، وما تـجدونه فـي كتابكم : كان شاباً من الروم ، فجاء فبنى مدينة مصر الإسكندرية فلـما فرغ جاءه ملك فعلا به فـي السماء ، فقال له ما ترى ؟ فقال : أرى مدينتـي ومدائن ، ثم علا به ، فقال : ما ترى ؟ فقال : أرى مدينتـي ، ثم علا به فقال : ما ترى ؟ قال : أرى الأرض ، قال : فهذا ألـيـم مـحيط بـالدنـيا ، إن الله بعثنـي إلـيك تعلـم الـجاهل ، وتثبت العالـم ، فأتـى به السدّ ، وهو جبلان لـينان يَزْلَق عنهما كل شيء ، ثم مضى به حتـى جاوز يأجوج ومأجوج ، ثم مضى به إلـى أمة أخرى ، وجوههم وجوه الكلاب يقاتلون يأجوج ومأجوج ، ثم مضى به حتـى قطع به أمة أخرى يقاتلون هؤلاء الذين وجوههم وجوه الكلاب ، ثم مضى حتـى قطع به هؤلاء إلـى أمة أخرى قد سماهم " واختلف أهل العلـم فـي الـمعنى الذي من أجله قـيـل لذي القرنـين : ذو القرنـين ، فقال بعضهم : قـيـل له ذلك من أجل أنه ضُرِب علـى قَرنه فهلك ، ثم أُحْيِـي فضُرب علـى القرن الآخر فهلك . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، عن عنبسة ، عن عبـيد الـمُكْتِب ، عن أبـي الطُّفَـيـل ، قال : سأل ابن الكوّاء علـياً عن ذي القرنـين ، فقال : هو عبد أحبّ الله فأحبه ، وناصح الله فنصحه ، فأمرهم بتقوى الله فضربوه علـى قَرْنه فقتلوه ، ثم بعثه الله ، فضربوه علـى قرنه فمات . حدثنا مـحمد بن بشار ، قال : ثنا يحيى ، عن سفـيان ، عن حبـيب بن أبـي ثابت ، عن أبـي الطفـيـل ، قال : سئل علـيّ رضوان الله علـيه عن ذي القرنـين ، فقال : كان عبداً ناصح الله فناصحه ، فدعا قومه إلـى الله ، فضربوه علـى قرنه فمات ، فأحياه الله ، فدعا قومه إلـى الله ، فضربوه علـى قرنه فمات ، فسمي ذا القرنـين . حدثنا مـحمد بن الـمثنى ، قال : ثنا مـحمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن القاسم بن أبـي بَزَّة ، عن أبـي الطفـيـل ، قال : سمعت علـيا وسألوه عن ذي القرنـين أنبـياً كان ؟ قال : كان عبداً صالـحاً ، أحبّ الله فأحبه ، وناصَحَ الله فنصحه ، فبعثه الله إلـى قومه ، فضربوه ضربتـين فـي رأسه ، فسمي ذا القرنـين ، وفـيكم الـيوم مثله . وقال آخرون فـي ذلك بـما : حدثنـي به مـحمد بن سهل البخاريّ ، قال : ثنا إسماعيـل بن عبد الكريـم ، قال : ثنـي عبد الصمد بن معقل ، قال : قال وهب بن منبه : كان ذو القرنـين مَلِكاً ، فقـيـل له : فلـم سُمّي ذا القرنـين ؟ قال : اختلف فـيه أهل الكتاب ، فقال بعضهم : مَلَك الروم وفـارس . وقال بعضهم : كان فـي رأسه شبه القرنـين . وقال آخرون : إنـما سمي ذلك لأن صفحتـي رأسه كانتا من نـحاس . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، قال : ثنا ابن إسحاق ، قال : ثنـي من لا أتهم عن وهب بن منبه الـيـمانـي ، قال : إنـما سمي ذا القرنـين أن صفحتـي رأسه كانتا من نـحاس . وقوله : { إنَّا مَكَّنا لَهُ الأرْضِ وآتَـيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سبَبـاً } يقول : إنا وطأنا له فـي الأرض ، { وآتَـيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سبَبـاً } يقول : وآتـيناه من كلّ شيء : يعنـي ما يتسبب إلـيه وهو العلـم به . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { وآتَـيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سبَبـاً } يقول : علـما . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وآتَـيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سبَبـاً } أي علـما . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { وآتَـيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سبَبـاً } قال : من كلّ شيء علـما . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، قوله : { وآتَـيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سبَبـاً } قال : علـم كلّ شيء . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس { وآتَـيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سبَبـاً } علـماً . حُدثت عن الـحسين ، قال : سمعت أبـا معاذ يقول : ثنا عبـيد ، قال : سمعت الضحاك يقول فـي قوله : { وآتَـيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سبَبـاً } يقول : علـماً . وقوله : { فَأَتْبَعَ سبَبـاً } اختلفت القراء فـي قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الـمدينة والبصرة : « فـاتَّبع » بوصل الألف ، وتشديد التاء ، بـمعنى : سلك وسار ، من قول القائل : اتَّبعتُ أثر فلان : إذا قـفوته وسرت وراءه . وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة { فَأَتْبَعَ } بهمز ، وتـخفـيف التاء ، بـمعنى لـحق . وأولـى القراءتـين فـي ذلك بـالصواب : قراءة من قرأ : « فـاتَّبَعَ » بوصل الألف ، وتشديد التاء ، لأن ذلك خبر من الله تعالـى ذكره عن مسير ذي القرنـين فـي الأرض التـي مكن له فـيها ، لا عن لـحاقه السبب ، وبذلك جاء تأويـل أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس « فـاتَّبَعَ سَبَبـاً » يعنـي بـالسبب : الـمنزل . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحرث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قوله : { سَبَبـاً } قال : منزلاً وطريقاً ما بـين الـمشرق والـمغرب . حدثنـا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد ، نـحوه . حدثنـي مـحمد بن عُمارة الأسديّ ، قال : ثنا عبـيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا إسرائيـل ، عن أبـي يحيى ، عن مـجاهد « فـاتَّبَعَ سَبَبـا » قال : طريقاً فـي الأرض . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة « فـاتَّبَعَ سَبَبـا » : اتبع منازل الأرض ومعالـمها . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله « فـاتَّبَعَ سَبَبـاً » قال : هذه الآن سبب الطرق كما قال فرعون { يا هامانُ ابْنِ لـي صَرْحاً لَعَلِّـي أبْلُغُ الأسْبَـابَ أسْبـابَ السَّمَوَاتِ } قال : طُرق السموات . حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، فـي قوله : « فـاتَّبَعَ سَبَبـاً » قال : منازل الأرض . حُدثت عن الـحسين ، قال : سمعت أبـا معاذ يقول : أخبرنا عبـيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، فـي قوله : « فـاتَّبَعَ سَبَبـاً » قال : الـمنازل .