Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 12-13)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : فولد لزكريا يحيى ، فلـما ولد ، قال الله له : يا يحيى ، خذ هذا الكتاب بقوّة ، يعنـي كتاب الله الذي أنزله علـى موسى ، وهو التوراة . بقوّة ، يقول : بجدّ . كما : حدثنا الـحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، فـي قوله : { خُذِ الكِتابَ بِقُوَّةٍ } قال : بجدّ . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد { خُذِ الكِتابَ بِقُوَّةٍ } قال : بجدّ . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد ، مثله . وقال ابن زيد فـي ذلك ما : حدثنـي به يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { يا يَحْيَى خُذِ الكِتابَ بِقُوَّةٍ } قال : القوّة : أن يعمل ما أمره الله به ، ويجانب فـيه ما نهاه الله . قال أبو جعفر : وقد بـيَّنت معنى ذلك بشواهده فـيـما مضى من كتابنا هذا ، فـي سورة آل عمران ، فأغنى ذلك عن إعادته فـي هذا الـموضع . وقوله : { وآتَـيْناهُ الـحُكْمَ صَبِـيًّا } يقول تعالـى ذكره : وأعطيناه الفهم لكتاب الله فـي حال صبـاه قبل بلوغه أسنان الرجال . وقد : حدثنا أحمد بن منـيع ، قال : ثنا عبد الله بن الـمبـارك ، قال : أخبرنـي معمر ، ولـم يذكره عن أحد فـي هذه الآية { وآتَـيْناهُ الـحُكْمَ صَبِـيًّا } قال : بلغنـي أن الصبـيان قالوا لـيحيى : اذهب بنا نلعب ، فقال : ما للعب خُـلِقتُ ، فأنزل الله : { وآتَـيْناهُ الـحُكْمَ صَبِـيًّا } . وقوله : { وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا } يقول تعالـى ذكره : ورحمة منا ومـحبة له آتـيناه الـحكم صبـيا . وقد اختلف أهل التأويـل فـي معنى الـحنان ، فقال بعضهم : معناه : الرحمة ، ووجهوا الكلام إلـى نـحو الـمعنى الذي وجهناه إلـيه . ذكر من قال ذلك : حدثنا علـيّ ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا } يقول : ورحمة من عندنا . حدثنا مـحمد بن الـمثنى ، قال : ثنا مـحمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن سماك ، عن عكرمة ، فـي هذه الآية { وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا } قال : رحمة . حدثنا الـحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، فـي قوله : { وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا } قال : رحمة من عندنا . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنا هشيـم ، قال : أخبرنا جويبر ، عن الضحاك ، قوله : { وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا } قال : رحمة من عندنا لا يـملك عطاءها أحد غيرنا . حُدثت عن الـحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبـا معاذ ، قال : أخبرنا عبـيد بن سلـيـمان ، قال : سمعت الضحاك يقول فـي قوله { وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا } يقول : رحمة من عندنا ، لا يقدر علـى أن يعطيها أحد غيرنا . وقال آخرون : بل معنى ذلك : ورحمة من عندنا لزكريا ، آتـيناه الـحكم صبـياً ، وفعلنا به الذي فعلنا . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا } يقول : رحمة من عندنا . وقال آخرون : معنى ذلك : وتعطفـاً من عندنا علـيه ، فعلنا ذلك . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله : { وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا } قال : تعطفـاً من ربه علـيه . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد ، مثله . وقال آخرون : بل معنى الـحنان : الـمـحبة . ووجهوا معنى الكلام إلـى : ومـحبة من عندنا فعلنا ذلك . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، عن عنبسة ، عن يحيى بن سعيد ، عن عكرمة { وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا } قال : مـحبة علـيه . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { وَحَناناً } قال : أما الـحَنان فـالـمـحبة . وقال آخرون معناه تعظيـماً منا له . ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنا أبو تـميـلة ، عن أبـي حمزة ، عن جابر ، عن عطاء بن أبـي ربـاح { وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا } قال : تعظيـماً من لدنا . وقد ذكر عن ابن عبـاس رضي الله عنهما أنه قال : لا أدري ما الـحنان . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، قال : أخبرنـي عمرو بن دينار أنه سمع عكرمة ، عن ابن عبـاس ، قال : والله ما أدري ما حناناً . وللعرب فـي حَنَانَك لغتان : حَنَانَك يا ربنا ، وحَنانَـيك كما قال طَرَفة بن العبد فـي حنانـيك : @ أبـا مُنْذِرٍ أفْنَـيْتَ فـاسْتَبْقِ بَعْضَنا حَنانَـيْكَ بعضُ الشَّرِّ أهْوَنُ مِن بعض @@ وقال امرؤ القـيس فـي اللغة الأخرى : @ ويَـمْنَـحُها بَنُو شَمَـجَي بْنِ جَرْمٍ مَعِيزَهُمُ حَنانَكَ ذَا الـحَنانِ @@ وقد اختلف أهل العربـية فـي « حنانـيك » فقال بعضهم : هو تثنـية « حنان » . وقال آخرون : بل هي لغة لـيست بتثنـية قالوا : وذلك كقولهم : حَوَالـيك وكما قال الشاعر : @ ضَرْبـاً هَذَا ذَيْكَ وطَعْناً وَخْضاً @@ وقد سوّي بـين جميع ذلك الذين قالوا حنانـيك تثنـية ، فـي أن كل ذلك تثنـية . وأصل ذلك أعنـي الـحنان ، من قول القائل : حنّ فلان إلـى كذا ، وذلك إذا ارتاح إلـيه واشتاق ، ثم يقال : تـحَّننَ فلان علـى فلان ، إذا وصف بـالتعطُّف علـيه والرقة به ، والرحمة له ، كما قال الشاعر : @ تَـحَنَّنْ عَلـيَّ هَدَاكَ الـمَلِـيكُ فإنَّ لِكُلّ مَقامٍ مَقالا @@ بـمعنى : تعطَّف علـيّ . فـالـحنان : مصدر من قول القائل : حنّ فلان علـى فلان ، يقال منه : حننت علـيه ، فأنا أحنّ علـيه حنـيناً وحناناً ، ومن ذلك قـيـل لزوجة الرجل : حَنَّته ، لتـحننه علـيها وتعطفه ، كما قال الراجز : @ وَلَـيْـلَةٍ ذَاتِ دُجىً سَرَيْتُ ولَـم تَضِرْنِـي حَنَّةٌ وَبَـيْتُ @@ وقوله : { وَزَكَاةً } يقول تعالـى ذكره : وآتـينا يحيى الـحكم صبـياً ، وزكاة : وهو الطهارة من الذنوب ، واستعمال بدنه فـي طاعة ربه ، فـالزكاة عطف علـى الـحكم من قوله : { وآتَـيْناهُ الـحُكْمَ } . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وزَكاةً } قال : الزكاة : العمل الصالـح . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، قوله : { وزَكاةً } قال : العمل الصالـح الزكيّ . حُدثت عن الـحسين ، قال : سمعت أبـا معاذ يقول : أخبرنا عبـيد بن سلـيـمان ، قال : سمعت الضحاك يقول : فـي قوله { وزَكاةً } يعنـي العمل الصالـح الزاكيّ . وقوله : { وكانَ تَقِـيًّا } يقول تعالـى ذكره : وكان لله خائفـاً مؤدّياً فرائضه ، مـجتنبـاً مـحارمه مسارعاً فـي طاعته . كما : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس { وَزَكاةً وكانَ تَقِـيًّا } قال : طهر فلـم يعمل بذنب . حدثنـي يونس ، قال : خبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { وَزَكاةً وكانَ تَقِـيًّا } قال : أما الزكاة والتقوى فقد عرفهما الناس .