Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 18-19)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : فخافت مريـم رسولنا ، إذ تـمثَّل لها بشراً سوياً ، وظنته رجلاً يريدها علـى نفسها . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، قوله { إنّـي أعُوذُ بـالرَّحْمَنِ مِنْكَ إنْ كُنْتَ تَقِـيًّا } قال : خشيت أن يكون إنـما يريدها علـى نفسها . حدثنا موسى ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ { فَتَـمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيًّا } فلـما رأته فزعت منه وقالت : { إنّـي أعُوذُ بـالرَّحْمَنِ مِنْكَ إنْ كُنْتَ تَقِـيَّا } . فقالت : إنـي أعوذ أيها الرجل بـالرحمن منك ، تقول : أستـجير بـالرحمن منك أن تنال منـي ما حرّمه علـيك إن كنت ذا تقوى له تتقـي مـحارمه ، وتـجتنب معاصيه لأن من كان لله تقـياً ، فإنه يجتنب ذلك . ولو وجه ذلك إلـى أنها عَنَت : إنـي أعوذ بـالرحمن منك إن كنت تتقـي الله فـي استـجارتـي واستعاذتـي به منك كان وجهاً . كما : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، عمن لا يتهم ، عن وهب بن منبه { قالَتْ إنّـي أعُوذُ بـالرَّحْمَنِ مِنْكَ إنْ كُنْتَ تَقِـيًّا } ولا ترى إلا أنه رجل من بنـي آدم . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا أبو بكر ، عن عاصم ، قال : قال ابن زيد : وذكر قَصَص مريـم فقال : قد علـمت أن التقـيّ ذو نُهية حين قالت : { إنّـي أعُوذُ بـالرَّحْمَنِ مِنْكَ إنْ كُنْتَ تَقِـيًّا قالَ إنّـمَا أنا رَسُولُ رَبِّكِ } . يقول تعالـى ذكره : فقال لها روحنا : إنـما أنا رسول ربك يا مريـم أرسلنـي إلـيك { لأَهَبَ لكِ غُلاماً زكياً } . واختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك ، فقرأته عامَّة قرّاء الـحجاز والعراق غير أبـي عمرو : { لأهَبَ لَكِ } بـمعنى : إنـما أنا رسول ربك : يقول : أرسلنـي إلـيك لأهب لك { غُلاَماً زَكِيًّا } علـى الـحكاية . وقرأ ذلك أبو عمرو بن العلاء : « لِـيَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا » بـمعنى : إنـما أنا رسول ربك أرسلنـي إلـيك لـيهب الله لك غلاماً زكياً . قال أبو جعفر : والصواب من القراءة فـي ذلك ، ما علـيه قرّاء الأمصار ، وهو { لأَهَبَ لَكِ } بـالألف دون الـياء ، لأن ذلك كذلك فـي مصاحف الـمسلـمين ، وعلـيه قراءة قديـمهم وحديثهم ، غير أبـي عمرو ، وغير جائز خلافهم فـيـما أجمعوا علـيه ، ولا سائغ لأحد خلاف مصاحفهم ، والغلام الزكيّ : هو الطاهر من الذنوب وكذلك تقول العرب : غلام زاكٍ وزكيّ ، وعال وعلـيّ .