Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 115-115)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : وإن يضيع يا مـحمد هؤلاء الذين نصرّف لهم فـي هذا القرآن من الوعيد عهدي ، ويخالفوا أمري ، ويتركوا طاعتـي ، ويتبعوا أمر عدوّهم إبلـيس ، ويطيعوه فـي خلاف أمري ، فقديـما ما فعل ذلك أبوهم آدم { وَلَقَدْ عَهِدْنا إلَـيْهِ } يقول : ولقد وصينا آدم وقلنا له : { إنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما منَ الـجَنَّةِ } فوسوس إلـيه الشيطان فأطاعه ، وخالف أمري ، فحلّ به من عقوبتـي ما حلّ . وعنى جلّ ثناؤه بقوله : { مِنْ قَبْلُ } هؤلاء الذين أخبر أنه صرف لهم الوعيد فـي هذا القرآن وقوله : { فَنَسِيَ } يقول : فترك عهدي ، كما : حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا أبو صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، فـي قوله : { وَلَقَدْ عَهِدْنا إلـى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ } يقول : فترك . حدثنا الـحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قوله : { فَنَسِيَ } قال : ترك أمر ربه . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { وَلَقَدْ عَهِدْنا إلـى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَـمْ نَـجِدْ لَهُ عَزْماً } قال : قال له { يا آدَمُ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِك فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الـجَنَّةِ فَتَشْقَـى } فقرأ حتـى بلغ : { لا تَظْمَأُ فِـيها وَلا تَضْحَى } ، وقرأ حتـى بلغ : { وَمُلْكٍ لا يَبْلَـى } قال : فنسي ما عهد إلـيه فـي ذلك ، قال : وهذا عهد الله إلـيه ، قال : ولو كان له عزم ما أطاع عدوّه الذي حسده ، وأبـي أن يسجد له مع مَنْ سجد له إبلـيس ، وعصى الله الذي كرّمه وشرّفه ، وأمر ملائكته فسجدوا له . حدثنا ابن الـمثنى وابن بشار قالا : ثنا يحيى بن سعيد ، وعبد الرحمن ، ومؤمل ، قالوا : ثنا سفـيان ، عن الأعمش ، عن مسلـم البطين ، عن سعيد بن جُبـير ، عن ابن عبـاس ، قال : إنـما سُمي الإنسان لأنه عهد إلـيه فنسي . وقوله : { ولَـمْ نَـجِدْ لَهُ عَزْماً } اختلف أهل التأويـل فـي معنى العزم ها هنا ، فقال بعضهم : معناه الصبر . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { ولَـمْ نَـجِدْ لَهُ عَزْماً } أي صبراً . حدثنا مـحمد بن بشار ، قال : ثنا مـحمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن قتادة { ولَـمْ نَـجِدْ لَهُ عَزْماً } ، قال : صبراً . حدثنا إبراهيـم بن يعقوب الـجَوْزَجانـي ، قال : ثنا أبو النضر ، قال : ثنا شعبة ، عن قتادة ، مثله . وقال آخرون : بل معناه : الـحفظ ، قالوا : ومعناه : ولـم نـجد له حفظاً لـما عهدنا إلـيه . ذكر من قال ذلك : حدثنـي أبو السائب ، قال : ثنا ابن إدريس ، عن أبـيه ، عن عطية { ولَـمْ نَـجِدْ لَهُ عَزْماً } قال : حفظاً لـما أمرته . حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم ، قال : ثنا هاشم بن القاسم ، عن الأشجعيّ ، عن سفـيان ، عن عمرو بن قـيس ، عن عطية ، فـي قوله { ولَـمْ نَـجِدْ لَهُ عَزْماً } قال : حفظاً . حدثنا عبـاد بن مـحمد ، قال : ثنا قبـيصة ، عن سفـيان ، عن عمرو بن قـيس ، عن عطية ، فـي قوله { ولَـمْ نَـجِدْ لَهُ عَزْماً } قال : حفظاً لـما أمرته به . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { ولَـمْ نَـجِدْ لَهُ عَزْماً } يقول : لـم نـجد له حفظاً . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { ولَـمْ نَـجِدْ لَهُ عَزْماً } قال : العزم : الـمـحافظة علـى ما أمره الله تبـارك وتعالـى بحفظه ، والتـمسك به . حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا أبو صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، فـي قوله : { ولَـمْ نَـجِدْ لَهُ عَزْماً } يقول : لـم نـجعل له عزماً . حدثنـي القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنا الـحجاج بن فضالة ، عن لقمان بن عامر ، عن أبـي أمامة قال : لو أن أحلام بنـي آدم جمعت منذ يوم خـلق الله تعالـى آدم إلـى يوم الساعة ، ووضعت فـي كفة ميزان ، ووضع حلـم آدم فـي الكفة الأخرى ، لرجح حلـمه بأحلامهم ، وقد قال الله تعالـى : { ولَـمْ نَـجِدْ لَهُ عَزْماً } . قال أبو جعفر : وأصل العزم اعتقاد القلب علـى الشيء ، يقال منه : عزم فلان علـى كذا : إذا اعتقد علـيه ونواه ومن اعتقاد القلب : حفظ الشيء ، ومنه الصبر علـى الشيء ، لأنه لا يجزع جازع إلا من خورَ قلبه وضعفه ، فإذا كان ذلك كذلك ، فلا معنى لذلك أبلغ مـما بـينه الله تبـارك وتعالـى ، وهو قوله : { ولَـمْ نَـجِدْ لَهُ عَزْماً } فـيكون تأويـله : ولـم نـجد له عزم قلب ، علـى الوفـاء الله بعهده ، ولا علـى حفظ ما عهد إلـيه .