Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 1-3)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال أبو جعفر مـحمد بن جرير : اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل قوله : { طَهَ } فقال بعضهم : معناه يا رجل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا أبو تـميـلة ، عن الـحسن بن واقد ، عن يزيد النـحويّ ، عن عكرمة ، عن ابن عبـاس : طه : بـالنَّبَطية : يا رجل . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { طه ما أنْزَلْنا عَلَـيْكَ القُرآنَ لِتَشْقَـى } فإن قومه قالوا : لقد شَقِـي هذا الرجل بربه ، فأنزل الله تعالـى ذكره { طَهَ } يعنـي : يا رجل { ما أنْزَلْنا عَلَـيْكَ القُرآنَ لِتَشْقَـى } . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، قال : أخبرنـي عبد الله بن مسلـم ، أو يعلـى بن مسلـم ، عن سعيد بن جبـير أنه قال : طه : يا رجل بـالسريانـية . قال ابن جريج : وأخبرنـي زمعة بن صالـح ، عن سلـمة بن وهرام ، عن عكرمة ، عن ابن عبـاس ، بذلك أيضا . قال ابن جُرَيج ، وقال مـجاهد ، ذلك أيضاً . حدثنا عمران بن موسى القزّاز ، قال : ثنا عبد الوارث بن سعيد ، قال : ثنا عُمارة ، عن عكرمة ، فـي قوله : { طَهَ } قال : يا رجل ، كلـمه بـالنبطية . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا عبد الله ، عن عكرمة ، فـي قوله { طَهَ } قال : بـالنبطية : يا إنسان . حدثنا مـحمد بن بشار ، قال : ثنا أبو عاصم ، عن قرة بن خالد ، عن الضحاك ، فـي قوله { طَه } قال : يا رجل بـالنبطية . حدثنا مـحمد بن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفـيان ، عن حُصَين ، عن عكرمة فـي قوله { طَهَ } قال : يا رجل . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله { طَهَ } قال : يا رجل ، وهي بـالسريانـية . حدثنا الـحسن ، قال : أخبرنا عبد الرّزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة والـحسن فـي قوله : { طَهَ } قالا : يا رجل . حُدثت عن الـحسين ، قال : سمعت أبا معاذ ، يقول : أخبرنا عبـيد ، يعنـي ابن سلـيـمان ، قال : سمعت الضحاك يقول فـي قوله { طَهَ } قال : يا رجل . وقال آخرون : هو اسم من أسماء الله ، وقَسَم أقسم الله به . ذكر من قال ذلك : حدثنا علـيّ ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، فـي قوله : { طَهَ } قال : فإنه قسم أقسم الله به ، وهو اسم من أسماء الله . وقال آخرون : هو حروف هجاء . وقال آخرون : هو حروف مقطَّعة يدلّ كلّ حرف منها علـى معنى ، واختلفوا فـي ذلك اختلافهم فـي الـم ، وقد ذكرنا ذلك فـي مواضعه ، وبـيَّنا ذلك بشواهده . والذي هو أولـى بـالصواب عندي من الأقوال فـيه : قول من قال : معناه : يا رجل ، لأنها كلـمة معروفة فـي عكَ فـيـما بلغنـي ، وأن معناها فـيهم : يا رجل ، أنشدت لـمتـمـم بن نُويرة : @ هَتَفْتُ بطَهَ فِي القِتالِ فَلَمْ يُجبْ فخِفْتُ عَلَيْهِ أنْ يَكونَ مُوَائِلا @@ وقال آخر : @ إنَّ السَّفاهَةَ طَهَ مِنْ خَلائِقِكُمْ لابارَكَ اللّهُ فِـي القَوْمِ الـمَلاعِينِ @@ فإذا كان ذلك معروفـاً فـيهم علـى ما ذكرنا ، فـالواجب أن يوجه تأويـله إلـى الـمعروف فـيهم من معناه ، ولا سيـما إذا وافق ذلك تأويـل أهل العلـم من الصحابة والتابعين . فتأويـل الكلام إذاً : يا رجل ما أنزلنا علـيك القرآن لتشقـى ، ما أنزلناه علـيك فنكلفك ما لا طاقة لك به من العمل . وذُكر أنه قـيـل له ذلك بسبب ما كان يـلقـى من النَّصَب والعناء والسهر فـي قـيام اللـيـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد { ما أنْزَلْنا عَلَـيْكَ القُرآنَ لِتَشْقَـى } قال : هي مثل قوله : { فـاقْرَءُوا ما تَـيَسَّرَ مِنْهُ } فكانوا يعلقون الـحبـال فـي صدورهم فـي الصلاة . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد { ما أنْزَلْنا عَلَـيْكَ القُرآنَ لِتَشْقَـى } قال : فـي الصلاة كقوله : { فـاقْرَءُوا ما تَـيَسَّرَ مِنْهُ } فكانوا يعلقون الـحبـال بصدورهم فـي الصلاة . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { ما أنْزَلْنا عَلَـيْكَ القُرآنَ لِتَشْقَـى } لا والله ما جعله الله شقـياً ، ولكن جعله رحمة ونوراً ، ودلـيلاً إلـى الـجنة . وقوله : { إلاَّ تَذْكِرَةً لِـمَنْ يَخْشَى } يقول تعالـى ذكره : ما أنزلنا علـيك هذا القرآن إلاَّ تذكرة لـمن يخشى عقاب الله ، فـيتقـيه بأداء فرائض ربه واجتناب مـحارمه ، كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { إلاَّ تَذْكِرَةً لِـمَنْ يَخْشَى } وإن الله أنزل كتبه ، وبعث رسله رحمة رحم الله بها العبـاد ، لـيتذكر ذاكر ، وينتفع رجل بـما سمع من كتاب الله ، وهو ذكر له أنزل الله فـيه حلاله وحرامه ، فقال : { تَنْزِيلاً مِـمَّنْ خَـلَقَ الأرْضَ والسَّمَوَاتِ العُلَـى } حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { إلاَّ تَذْكِرَةً لِـمَنْ يَخْشَى } قال : الذي أنزلناه علـيك تذكرة لـمن يخشى . فمعنى الكلام إذاً : يا رجل ما أنزلنا علـيك هذا القرآن لتشقـى به ، ما أنزلناه إلاَّ تذكرة لـمن يخشى . وقد اختلف أهل العربـية فـي وجه نصب تذكرة ، فكان بعض نـحويـي البصرة يقول : قال : إلاَّ تذكرة بدلاً من قوله لتشقـى ، فجعله : ما أنزلنا علـيك القرآن إلاَّ تذكرة . وكان بعض نـحويـي الكوفة يقول : نصبت علـى قوله : ما أنزلناه إلاَّ تذكرة . وكان بعضهم ينكر قول القائل : نصبت بدلاً من قوله { لِتَشْقَـى } ، ويقول : ذلك غير جائز ، لأن { لِتَشْقَـى } فـي الـجحد ، و { إلاَّ تَذْكِرَةً } فـي التـحقـيق ، ولكنه تكرير . وكان بعضهم يقول : معنى الكلام : ما أنزلنا علـيك القرآن إلاَّ تذكرة لـمن يخشى ، لا لتشقـى .