Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 65-66)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : فأجمعت السحرة كيدهم ، ثم أتوا صفـاً فقالوا لـموسى : { يا مُوسى إمَّا أنْ تُلْقِـيَ وإمَّا أنْ نَكُونَ أوَّلَ مَنْ ألْقَـى } وترك ذكر ذلك من الكلام اكتفـاء بدلالة الكلام علـيه . واختلف فـي مبلغ عدد السحرة الذين أتوا يومئذٍ صفـاً ، فقال بعضهم : كانوا سبعين ألف ساحر ، مع كلّ ساحر منهم حبل وعصا . ذكر من قال ذلك : حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم ، قال : ثنا ابن علـية ، عن هشام الدستوائي ، قال : ثنا القاسم بن أبـي بزّة ، قال : جمع فرعون سبعين ألف ساحر ، فألقوا سبعين ألف حبل ، وسبعين ألف عصا فألقـى موسى عصاه ، فإذا هي ثعبـان مبـين فـاغر به فـاه ، فـابتلع حبـالهم وعصيهم ، { فَأُلْقِـيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً } عند ذلك ، فما رفعوا رءوسهم حتـى رأوا الـجنة والنار وثواب أهلهما ، فعند ذلك { قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلـى ما جاءنا مِنَ البَـيِّنات } وقال آخرون : بل كانوا نـيفـاً وثلاثـين ألف رجل . ذكر من قال ذلك : حدثنا موسى ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ ، قال : { قَالو يا مُوسَى إمَّا أنْ تُلْقِـيَ وَإمَّا أنْ نَكونَ نـحْنُ الـمُلْقِـينَ قالَ لهُمْ مُوسَى } ألقوا ، فألقوا حبـالهم وعصيهم ، وكانوا بضعة وثلاثـين ألف رجل لـيس منهم رجل إلا ومعه حبل وعصا . وقال آخرون : بل كانوا خمسة عشر ألفـاً . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، قال : حدثت عن وهب بن منبه ، قال : صف خمسة عشر ألف ساحر ، مع كلّ ساحر حبـاله وعصيه . وقال آخرون : كانوا تسع مئة . ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قال : كان السحرة ثلاث مئة من العريش ، وثلاث مئة من فـيوم ، ويشكون فـي ثلاث مئة من الإسكندرية فقالوا لـموسى : إما أن تلقـي ما معك قبلنا ، وإما أن نلقـي ما معنا قبلك ، وذلك قوله : { وإمَّا أنْ نَكُونَ أوَّلَ مَنْ ألْقَـى } وأنّ فـي قوله : { إمَّا أنْ } فـي موضع نصب ، وذلك أن معنى الكلام : اختر يا موسى أحد هذين الأمرين : إما أن تلقـي قبلنا ، وإما أن نكون أوّل من ألقـي ، ولو قال قائل : هو رفع ، كان مذهبـاً ، كأنه وجَّهه إلـى أنه خبر ، كقول القائل : @ فَسِيرَا فإمَّا حاجَةً تَقْضِيانِها وإمَّا مَقِـيـلٌ صَالِـحٌ وصَدِيقُ @@ وقوله : { قالَ بَلْ ألْقُوا } يقول تعالـى ذكره : قال موسى للسحرة : بل ألقوا أنتـم ما معكم قبلـي . وقوله : { فإذَا حِبـالُهُمْ وَعصِيُّهُمْ يُخَيَّـلُ إلَـيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أنَّهَا تَسْعَى } ، وفـي هذا الكلام متروك ، وهو : فألقوا ما معهم من الـحبـال والعصيّ ، فإذا حبـالهم ، ترك ذكره استغناء بدلالة الكلام الذي ذكر علـيه عنه . وذُكر أن السحرة سحروا عين موسى وأعين الناس قبل أن يـلقوا حبـالهم وعصيهم ، فخيـل حينئذٍ إلـى موسى أنها تسعى ، كما : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، قال : حُدثت عن وهب بن منبه ، قال : قالوا يا موسى ، { إمَّا أنْ تُلْقِـيَ وَإمَّا أنْ نَكُونَ أوَّلَ مَنْ ألْقَـى قالَ بَلْ ألْقُوا } فكان أوّل ما اختطفوا بسحرهم بصر موسى وبصر فرعون ، ثم أبصار الناس بعد ، ثم ألقـى كلّ رجل منهم ما فـي يده من العصي والـحبـال ، فإذا هي حيات كأمثال الـحبـال ، قد ملأت الوادي يركب بعضها بعضا . واختلفت القراءة فـي قراءة قوله : { يُخَيَّـلُ إلَـيْهِ } فقرأ ذلك عامة قرّاء الأمصار { يُخَيَّـلُ إلَـيْهِ } بـالـياء بـمعنى : يخيـل إلـيهم سعيها . وإذا قرىء ذلك كذلك ، كانت « أن » فـي موضع رفع . ورُوي عن الـحسن البصري أنه كان يقرؤه : « تُـخَيَّـلُ » بـالتاء ، بـمعنى : تـخيـل حبـالهم وعصيهم بأنها تسعى . ومن قرأ ذلك كذلك ، كانت « أن » فـي موضع نصب لتعلق تـخيـل بها . وقد ذُكر عن بعضهم أنه كان يقرؤه : « تُـخَيَّـلُ إلَـيْهِ » بـمعنى : تتـخيـل إلـيه . وإذا قرىء ذلك كذلك أيضا ف « أن » فـي موضع نصب بـمعنى : تتـخيـل بـالسعي لهم . والقراءة التـي لا يجوز عندي فـي ذلك غيرها { يُخَيَّـلُ } بـالـياء ، لإجماع الـحجة من القراء علـيه .