Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 70-71)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وفـي هذا الكلام متروك قد استغنى بدلالة ما ترك علـيه هو : فألقـى موسى عصاه ، فتلقـفت ما صنعوا { فأُلْقـيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قالُوا آمَنَّا بِرَبّ هارُونَ وَمُوسَى } وذكر أن موسى لـما ألقـى ما فـي يده تـحوّل ثعبـاناً ، فـالتقم كلّ ما كانت السحرة ألقته من الـحبـال والعصيّ . ذكر الرواية عمن قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يعقوب ، عن جعفر ، عن سعيد ، قال : لـما اجتـمعوا وألقوا ما فـي أيديهم من السحر ، { خيـل إلَـيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أنَّها تَسْعَى فأوْجَسَ فِـي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى قُلْنا لا تَـخَفْ إنَّكَ أنْتَ الأعْلَـى وألْقِ ما فِـي يَـمِينِكَ تَلْقَـفْ ما صَنَعُوا } فألقـى عصاه فإذا هي ثعبـان مبـين . قال : فتـحت فما لها مثل الدَّحْل ، ثم وضعت مشفرها علـى الأرض ورفعت الآخر ، ثم استوعبت كلّ شيء ألقوه من السحر ، ثم جاء إلـيها فقبض علـيها ، فإذا هي عصا ، فخرّ السحرة سجدا { قالُوا آمَنَّا بِرَبّ هارُونَ وَموسَى قالَ آمَنْتُـمْ لَهُ قَبْلَ أنْ آذَنَ لَكُمْ إنَّهُ لَكَبِـيرُكُمْ الَّذِي عَلَّـمَكُمُ السِّحْرَ فَلأُقَطِّعَنَّ أيْدِيَكُمْ وَأرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ } قال : فكان أوّل من قطع الأيدي والأرجل من خلاف فرعون { وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِـي جُذُوعِ النَّـخْـلِ } قال : فكان أوّل من صلب فـي جذوع النـخـل فرعون . حدثنا موسى بن هارون ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ { فأوْجَسَ فِـي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى } فأوحى الله إلـيه { لا تَـخَفْ وألْقِ ما فـي يَـمِينَكَ } تَلْقَـف ما يأفِكُونَ فألْقَـى عَصَاهُ فأكلت كلّ حية لهم فلـما رأوا ذلك سجدوا وقَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَـمِينَ رَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، قال : حُدثت عن وهب بن منبه { فأوْجَسَ فِـي نَفْسِهِ خيفَةً مُوسَى } لـما رأى ما ألقوا من الـحبـال والعصيّ وخيـل إلـيه أنها تسعى ، وقال : والله إن كانت لعصيا فـي أيديهم ، ولقد عادت حيات ، وما تعدو عصاي هذه ، أو كما حدّث نفسه ، فأوحى الله إلـيه أن { ألْقِ ما فـي يَـمِينكَ تَلْقَـفْ ما صَنَعُوا إنَّـمَا صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَلا يُفْلِـحُ السَّاحرِ حَيْثُ أتَـى } وفرح موسى فألقـى عصاه من يده ، فـاستعرضت ما ألقوا من حبـالهم وعصيهم ، وهي حيات فـي عين فرعون وأعين الناس تسعى ، فجعلت تلقـفها ، تبتلعها حية حية ، حتـى ما يرى بـالوادي قلـيـل ولا كثـير مـما ألقوا ، ثم أخذها موسى فإذا هي عصا فـي يده كما كانت ، ووقع السحرة سجدا ، قالوا : آمنا بربّ هارون وموسى ، لو كان هذا سحر ما غلبنا . وقوله : { قالَ آمَنْتُـمْ لَهُ قَبْلَ أنْ آذَنَ لَكُمْ } يقول جلّ ثناؤه : وقال فرعون للسحرة : أصدّقتـم وأقررتـم لـموسى بـما دعاكم إلـيه من قبل أن أطلق ذلك لكم { إنَّهُ لكَبـيركُم } يقول : إن موسى لعظيـمكم { الَّذي عَلَّـمَكُمُ السِّحْرَ } . كما : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، قال : حُدثت عن وهب بن منبه ، قال : لـما قالت السحرة : { آمَنَّا بِرَبّ هارُونَ وَمُوسَى } قال لهم فرعون ، وأسف ورأى الغلبة والبـينة : { آمَنْتُـمْ لَهُ قَبْلَ أنْ آذَنَ لَكُمْ إنَّهُ لَكَبِـيرُكُمْ الَّذِي عَلَّـمَكُمُ السِّحْرَ } : أي لعظيـم السحار الذي علـمكم . وقوله : { فَلأُقَطِّعَنَّ أيْدِيَكُمْ وأرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ } يقول : فلأقطعنّ أيديكم وأرجلكم مخالفـا بـين قطع ذلك ، وذلك أن يقطع يـمنى الـيدين ويسرى الرجلـين ، أو يسرى الـيدين ، ويـمنى الرجلـين ، فـيكون ذلك قطعاً من خلاف ، وكان فـيـما ذُكر أوّل من فعل ذلك فرعون ، وقد ذكرنا الرواية بذلك . وقوله : { وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِـي جُذُوعِ النَّـخْـلِ } يقول : ولأصلبنكم علـى جذوع النـخـل ، كما قال الشاعر : @ هُمْ صَلَبُوا العَبْدِيّ فِـي جِذْعِ نَـخْـلَةٍ فَلا عَطَسَتْ شَيْبـانُ إلاَّ بأجْدَعا @@ يعنـي علـى جذع نـخـلة ، وإنـما قـيـل : فـي جذوع ، لأن الـمصلوب علـى الـخشبة يرفع فـي طولها ، ثم يصير علـيها ، فـيقال : صلب علـيها . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِـي جُذُوعِ النَّـخْـلِ } لـما رأى السحرة ما جاء به عرفوا أنه من الله فخروا سجدا ، وآمنوا عند ذلك ، قال عدوّ الله : { فَلأُقَطِّعَنَّ أيْدِيَكُمْ وَأرْجُلَكمْ مِنْ خِلافٍ … } الآية . حدثنا موسى بن هارون ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ ، قال فرعون : { لأَقْطِّعَنَّ أيْدِيَكُمْ وأرْجُلَكُمْ مِن خِلافٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِـي جُذُوعِ النَّـخْـلِ } فقتلهم وقطعهم ، كما قال عبد الله بن عبـاس حين قالوا : { رَبَّنا أفْرِغْ عَلَـيْنا صَبْراً وَتَوَفَّنا مُسْلِـمِينَ } وقال : كانوا فـي أوّل النهار سحرة ، وفـي آخر النهار شهداء . وقوله : { وَلَتَعْلَـمُنَّ أيُّنا أشَدُّ عَذَابـاً وأبْقَـى } يقول : ولتعلـمنّ أيها السحرة أينا أشدّ عذابـاً لكم ، وأدوم ، أنا أو موسى .