Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 7-8)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : وإن تـجهر يا مـحمد بـالقول ، أو تـخف به ، فسواء عند ربك الذي له ما فـي السموات وما فـي الأرض { فإنَّهُ يَعْلَـمُ السِّرَّ } يقول : فإنه لا يخفـى علـيه ما استسررته فـي نفسك ، فلـم تبده بجوارحك ولـم تتكلـم بلسانك ، ولـم تنطق به وأخفـى . ثم اختلف أهل التأويـل فـي الـمعنـيّ بقوله { وأخْفَـى } فقال بعضهم : معناه : وأخفـى من السرّ ، قال : والذي هو أخفـى من السرّ ما حدّث به الـمرء نفسه ولـم يعمله . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، عن عمرو ، عن عطاء ، عن سعيد بن جبـير ، عن ابن عبـاس { يَعْلَـمُ السِّرَّ وأخْفَـى } قال : السرّ : ما عملته أنت وأخفـى : ما قذف الله فـي قلبك مـما لـم تعمله . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله { يَعْلَـمُ السِّرَّ وأخْفَـى } يعنـي بأخفـى : ما لـم يعمله ، وهو عامله وأما السرّ : فـيعنـي ما أسرّ فـي نفسه . حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله { يَعْلَـمُ السِّر وأخْفَـى } قال : السرّ : ما أسرّ ابن آدم فـي نفسه . وأخفـى : قال : ما أخفـى ابن آدم مـما هو فـاعله قبل أن يعمله ، فـالله يعلـم ذلك ، فعلـمه فـيـما مضى من ذلك ، وما بقـي علـم واحد ، وجميع الـخلائق عنده فـي ذلك كنفس واحدة ، وهو قوله : { ما خَـلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ } حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، قال : قال ابن جريج ، قال سعيد بن جُبـير ، عن ابن عبـاس : السرّ : ما أسرّ الإنسان فـي نفسه وأخفـى : ما لا يعلـم الإنسان مـما هو كائن . حدثنـي زكريا بن يحيى بن أبـي زائدة ومـحمد بن عمرو ، قالا : ثنا أبو عاصم ، عن عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قول الله : { يَعْلَـمُ السِّرَّ وأخْفَـى } قال : أخفـى : الوسوسة . زاد ابن عمرو والـحارث فـي حديثـيهما : والسرّ : العمل الذي يسرّون من الناس . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد { وأخْفَـى } قال : الوسوسة . حدثنا هناد ، قال : ثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن عكرمة ، فـي قوله { يَعْلَـمُ السِّرَّ وأخْفَـى } قال : أخفـى حديث نفسك . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا الـحسين بن الـحسن الأشقر ، قال : ثنا أبو كُدَينة ، عن عطاء ، عن سعيد بن جبـير ، عن ابن عبـاس ، فـي قوله { يَعْلَـمُ السِّرَّ وأخْفَـى } قال : السرّ : ما يكون فـي نفسك الـيوم . وأخفـى : ما يكون فـي غد وبعد غد ، لا يعلـمه إلاَّ الله . وقال آخرون : بل معناه : وأخفـى من السرّ ما لـم تـحدِّث به نفسك . ذكر من قال ذلك : حدثنا الفضل بن الصبـاح ، قال : ثنا ابن فضيـل ، عن عطاء ، عن سعيد بن جُبـير ، فـي قوله : { يَعْلَـمُ السِّرَّ وأخْفَـى } قال : السرّ : ما أسررت فـي نفسك وأخفـى من ذلك : ما لـم تـحدّث به نفسك . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قَتادة { وَإنْ تَـجْهَرْ بـالقَوْلِ فإنَّهُ يَعْلَـمُ السِّرَّ وأخْفَـى } كنا نـحدث أن السرّ ما حدّثت به نفسك ، وأن أخفـى من السرّ : ما هو كائن مـما لـم تـحدِّث به نفسك . حدثنا مـحمد بن بشار ، قال : ثنا سلـيـمان بن حرب ، قال : ثنا أبو هلال ، قال : ثنا أبو قتادة ، قوله فـي { يَعْلَـمُ السِّرَّ وأخْفَـى } قال : يعلـم ما أسررت فـي نفسك ، وأخفـى : ما لـم يكن وهو كائن . حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، فـي قوله { يَعْلَـمُ السِّرَّ وأخْفَـى } قال : أخفـى من السرّ : ما حدّثت به نفسك ، وما لـم تحدث به نفسك أيضاً مـما هو كائن . حُدثت عن الـحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبـا معاذ ، قال : ثنا عبـيد ، قال : سمعت الضحاك يقول فـي قوله : { يَعْلَـمُ السِّرَّ وأخْفَـى } أما السرّ : فما أسررت فـي نفسك . وأما أخفـى من السرّ : فما لـم تعمله وأنت عامله ، يعلـم الله ذلك كله . وقال آخرون : بل معنى ذلك : إنه يعلـم سرّ العبـاد ، وأخفـى سرّ نفسه ، فلـم يطلع علـيه أحداً . ذكر من قال ذلك : حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله { يَعْلَـمُ السِّرَّ وأخْفَـى } قال : يعلـم أسرار العبـاد ، وأخفـى سرّه فلا يعلـم . قال أبو جعفر : وكأن الذين وجَّهوا ذلك إلـى أن السرّ هو ما حدّث به الإنسان غيره سرّاً ، وأن أخفـى : معناه : ما حدّث به نفسه ، وجهوا تأويـل أخفـى إلـى الـخفـيّ . وقال بعضهم : قد توضع أفعل موضع الفـاعل ، واستشهدوا لقـيـلهم ذلك بقول الشاعر : @ تَـمَنَّى رِجالٌ أنْ أمُوتَ وَإنْ أمُتْ فتلكَ طَرِيقٌ لَسْتُ فِـيها بأوْحَدِ @@ والصواب من القول فـي ذلك ، قول من قال : معناه : يعلـم السرّ وأخفـى من السرّ ، لأن ذلك هو الظاهر من الكلام ولو كان معنى ذلك ما تأوّله ابن زيد ، لكان الكلام : وأخفـى الله سرّه ، لأن أخفـى : فعل واقع متعدّ ، إذ كان بـمعنى فعل علـى ما تأوّله ابن زيد ، وفـي انفراد أخفـى من مفعوله ، والذي يعمل فـيه لو كان بـمعنى فعل الدلـيـل الواضح علـى أنه بـمعنى أفعل ، وأن تأويـل الكلام : فإنه يعلـم السرّ وأخفـى منه . فإذ كان ذلك تأويـله ، فـالصواب من القول فـي معنى أخفـى من السرّ أن يقال : هو ما علـم الله مـما أخفـى عن العبـاد ، ولـم يعلـموه مـما هو كائن ولـما يكن ، لأن ما ظهر وكان فغير سرّ ، وأن ما لـم يكن وهو غير كائن فلا شيء ، وأن ما لـم يكن وهو كائن فهو أخفـى من السرّ ، لأن ذلك لا يعلـمه إلاَّ الله ، ثم من أعلـمه ذلك من عبـاده . وأما قوله تعالـى ذكره : { اللّهُ لا إلهَ إلاَّ هُوَ } فإنه يعنـي به : الـمعبود الذي لا تصلـح العبـادة إلاَّ له . يقول : فإياه فـاعبدوا أيها الناس دون ما سواه من الآلهة والأوثان { لَهُ الأسْماءُ الـحُسْنَى } يقول جلّ ثناؤه : لـمعبودكم أيها الناس الأسماء الـحسنى ، فقال : الـحسنى ، فوحَّد ، وهو نعت للأسماء ، ولـم يقل الأحاسن ، لأن الأسماء تقع علـيها هذه ، فـيقال : هذه أسماء ، وهذه فـي لفظة واحدة ومنه قول الأعشى : @ وَسَوْفَ يُعْقِبُنِـيهِ إنْ ظَفِرْتُ بِهِ رَبٌّ غَفُورٌ وَبِيضٌ ذاتُ أطْهارِ @@ فوحد ذات ، وهو نعت للبـيض لأنه يقع علـيه هذه ، كما قال : حَدائقَ ذاتَ بهجةٍ ومنه قوله جلّ ثناؤه : { مآرِبُ أُخْرَى } فوحد أخرى ، وهي نعت لـمآرب ، والـمآرب : جمع ، واحدتها : مأربة ، ولـم يقل أُخر ، لـما وصفنا ، ولو قـيـل : أُخَر ، لكان صوابـاً .