Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 9-10)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم مسلـيه عما يـلقـى من الشدّة من مشركي قومه ، ومعرفه ما إلـيه صائر أمره وأمرهم ، وأنه معلـيه علـيهم ، وموهن كيد الكافرين ، ويحثه علـى الـجدّ فـي أمره ، والصبر علـى عبـادته ، وأن يتذكر فـيـما ينوبه فـيه من أعدائه من مُشركي قومه وغيرهم ، وفـيـما يزاول من الاجتهاد فـي طاعته ما ناب أخاه موسى صلوات الله علـيه من عدوّه ، ثم من قومه ، ومن بنـي إسرائيـل وما لقـي فـيه من البلاء والشدّة طفلاً صغيراً ، ثم يافعاً مترعرعاً ، ثم رجلاً كاملاً : { وَهَل أتاكَ } يا مـحمد { حَدِيثُ مُوسَى } ابن عمران { إذْ رأى ناراً } ؟ ذكر أن ذلك كان فـي الشتاء لـيلاً ، وأن موسى كان أضلّ الطريق فلـما رأى ضوء النار { قالَ لأَهْلِهِ } ما قال . ذكر من قال ذلك : حدثنا موسى بن هارون ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ ، عن أبـي مالك ، وعن أبـي صالـح ، عن ابن عبـاس ، قال : لـما قضى موسى الأجل ، سار بأهله فضلّ الطريق . قال عبد الله بن عبـاس : كان فـي الشتاء ، ورُفعت لهم نار فلـما رآها ظنّ أنها نار ، وكانت من نور الله { قالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا إنّـي آنَسْتُ ناراً } . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، عن وهب بن منبه الـيـمانـي ، قال : لـما قضى موسى الأجل ، خرج ومعه غنـم له ، ومعه زند له ، وعصاه فـي يده يهشّ بها علـى غنـمه نهارا ، فإذا أمسى اقتدح بزنده ناراً ، فبـات علـيها هو وأهله وغنـمه ، فإذا أصبح غدا بأهله وبغنـمه ، فتوكأ علـى عصاه ، فلـما كانت اللـيـلة التـي أراد الله بـموسى كرامته ، وابتداءه فـيها بنبوّته وكلامه ، أخطأ فـيه الطريق حتـى لا يدري أين يتوجه ، فأخرج زنده لـيقتدح ناراً لأهله لـيبـيتوا علـيها حتـى يصبح ، ويعلـم وجه سبـيـله ، فأصلد زنده فلا يورى له ناراً ، فقدح حتـى أعياه ، لاحت النار فرآها ، ف { قَالَ لأهلهِ امْكُثُوا إنّـي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّـي آتِـيكُمْ مِنْها بقَبَسٍ أوْ أجِدُ عَلـى النَّارِ هُدًى } . وعنى بقوله : { آنَسْتُ ناراً } وجدت ، ومن أمثال العرب : بعد اطلاع إيناس ، ويقال أيضا : بعد طلوع إيناس ، وهو مأخوذ من الأنس . وقوله : { لَعَلِّـي آتِـيكُمْ مِنْها بقَبسٍ } يقول : لعلـي أجيئكم من النار التـي آنست بشُعْلة . والقَبَس : هو النار فـي طَرَف العود أو القصبة . يقول القائل لصاحبه : أقبسنـي نارا ، فـيعطيه إياها فـي طرف عود أو قصبة . وإنـما أراد موسى بقوله لأهله : { لَعَلِّـي آتِـيكُمْ مِنْها بقَبَسٍ } لعلـي آتـيكم بذلك لتصطلوا به ، كما : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، عن وهب بن منبه { لَعَلِّـي آتِـيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ } قال : بقبس تَصْطَلون . وقوله : { أوْ أجِدُ عَلـى النَّارِ هُدًى } دلالة تدلّ علـى الطريق الذي أضللناه ، إما من خبر هاد يهدينا إلـيه ، وإما من بـيان وعلـم نتبـينه به ونعرفه . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك ، قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { أوْ أجِدُ عَلـى النَّارِ هُدًى } يقول : من يدلّ علـى الطريق . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قول الله : { أوْ أجِدُ عَلـى النَّارِ هُدًى } قال : هادياً يهديه الطريق . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد عن قتادة قوله : { أوْ أجِدُ عَلـى النَّارِ هُدًى } : أي هداة يهدونه الطريق . حدثنـي أحمد بن الـمقدام ، قال : ثنا الـمعتـمر ، قال : سمعت أبـي يحدّث ، عن قتادة ، عن صاحب له ، عن حديث ابن عبـاس ، أنه زعم أنها أَيـلة { أوْ أجِدُ عَلـى النَّارِ هُدًى } . وقال أبـيّ : وزعم قتادة أنه هدى الطريق . حدثنا الـحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، فـي قوله { أوْ أجِدُ عَلـى النَّارِ هُدًى } قال : من يهدينـي إلـى الطريق . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، عن وهب بن منبه { أوْ أجِدُ عَلـى النَّارِ هُدًى } قال : هدى عن علـم الطريق الذي أضللنا بنعت من خبر . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا سفـيان ، عن أبـي سعيد ، عن عكرمة ، قال : قال ابن عبـاس { لَعَلِّـي آتِـيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ أوْ أجِدُ عَلـى النَّارِ هُدًى } قال : كانوا أضلوا عن الطريق ، فقال : لعلـي أجد من يدلنـي علـى الطريق ، أو آتـيكم بقبس لعلكم تصطلون .