Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 92-94)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : قال موسى لأخيه هارون لـما فرغ من خطاب قومه ومراجعته إياهم علـى ما كان من خطأ فعلهم : يا هارون أيّ شيء منعك إذ رأيتهم ضلوا عن دينهم ، فكفروا بـالله وعبدوا العجل أن لا تتبعنـي . واختلف أهل التأويـل فـي الـمعنى الذي عذل موسى علـيه أخاه من تركه اتبـاعه ، فقال بعضهم : عذله علـى تركه السير بـمن أطاعه فـي أثره علـى ما كان عهد إلـيه . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، عن حكيـم بن جبـير ، عن سعيد بن جبـير ، عن ابن عبـاس ، قال : لـما قال القوم : { لَنْ نَبرَحَ عَلَـيْهِ عاكِفِـينَ حتـى يَرْجِعَ إلَـيْنا مُوسَى } أقام هارون فـيـمن تبعه من الـمسلـمين مـمن لـم يُفتتن ، وأقام من يعبد العجل علـى عبـادة العجل ، وتـخوّف هارون إن سار بـمن معه من الـمسلـمين أن يقول له موسى : { فَرَّقْتَ بـينَ بَنـي إسْرَائِيـلَ ولَـمْ تَرْقُبْ قَوْلـي } وكان له هائبـا مطيعاً . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { ما مَنَعَكَ إذْ رأيْتَهُمْ ضَلُّوا ألاَّ تَتَّبِعَنِ } قال : تدعهم . وقال آخرون : بل عذله علـى تركه أن يصلـح ما كان من فساد القوم . ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قوله : { ما مَنَعَكَ إذْ رأيْتَهُمْ ضَلُّوا ألاَّ تَتَّبِعَنِ } قال : أمر موسى هارون أن يصلـح ، ولا يتبع سبـيـل الـمفسدين ، فذلك قوله : { أنْ لا تَتَّبِعَنِ أفَعَصَيْتَ أمْرِي } بذلك ، وقوله : { قالَ يا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِـحْيَتِـي وَلا بِرأسِي } وفـي هذا الكلام متروك ، ترك ذكره استغناء بدلالة الكلام علـيه ، وهو : ثم أخذ موسى بلـحية أخيه هارون ورأسه يجرّه إلـيه ، فقال هارون : { يا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِـحْيَتِـي وَلا بِرأسِي } . وقوله : { إنّـي خَشيتُ أنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بـينَ بَنِـي إسْرائيـلَ وَلَـمْ تَرْقُبْ قَوْلـي } فـاختلف أهل العلـم فـي صفة التفريق بـينهم ، الذي خشيه هارون ، فقال بعضهم : كان هارون خاف أن يسير بـمن أطاعه ، وأقام علـى دينه فـي أثر موسى ، ويخـلف عبدة العجل ، وقد { قالُوا } له { لَنْ نَبْرَحَ عَلَـيْهِ عاكِفـينَ حتـى يَرْجِعَ إلَـيْنا مُوسَى } فـيقول له موسى { فَرَّقْتَ بـينَ نَبِـي إسْرائِيـلَ ولَـمْ تَرْقُبْ قَوْلـي } بسيرك بطائفة ، وتركك منهم طائفة وراءك . ذكر من قال ذلك : حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال ابن زيد ، فـي قول الله تعالـى : { ما مَنَعَكَ إذْ رأيْتَهُمْ ضَلُّوا ألاَّ تَتَّبِعَنِ أفَعَصَيْتَ أمْرِي } قال : { خَشِيتُ أنْ تَقُول فَرَّقْتَ بـينَ بَنِـي إسْرائِيـلَ ولَـمْ تَرْقُبْ قَوْلـي } قال : خشيت أن يتبعنـي بعضهم ويتـخـلف بعضهم . وقال آخرون : بل معنى ذلك : خشيت أن نقتتل فـيقتل بعضنا بعضاً . ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج { إنّـي خَشِيتُ أنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بـينَ بَنِـي إسْرائِيـلَ ولَـمْ تَرْقُبْ قَوْلـي } قال : كنا نكون فرقتـين فـيقتل بعضنا بعضاً حتـى نتفـانى . قال أبو جعفر : وأولـى القولـين فـي ذلك بـالصواب ، القول الذي قاله ابن عبـاس من أن موسى عذل أخاه هارون علـى تركه اتبـاع أمره بـمن اتبعه من أهل الإيـمان ، فقال له هارون : إنـي خشيت أن تقول ، فرّقت بـين جماعتهم ، فتركت بعضهم وراءك ، وجئت ببعضهم ، وذلك بـيِّن فـي قول هارون للقوم { يا قَومِ إنَّـمَا فُتِنْتُـمْ بِهِ وَإنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فـاتَّبِعُونِـي وأطِيعُوا أمْرِي } وفـي جواب القوم له وقـيـلهم { لَنْ نَبْرَحَ عَلَـيْهِ عاكفِـينَ حتـى يَرْجِعَ إلَـيْنا مُوسَى } وقوله : { ولَـمْ تَرْقُبْ قَوْلـي } يقول : ولـم تنظر قولـي وتـحفظه . من مراقبة الرجل الشيء ، وهي مناظرته بحفظه ، كما : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قال : قال ابن عبـاس : { ولَـمْ تَرْقُبْ قَوْلـي } قال : لـم تـحفظ قولـي .