Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 95-96)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يعنـي تعالـى ذكره بقوله : { فمَا خَطْبُكَ يا سامِرِيّ } قال موسى للسامري : فما شأنك يا سامري ، وما الذي دعاك إلـى ما فعلته ، كما : حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله { فَمَا خَطْبُكَ يا سامِرِيّ } قال : ما أمرك ؟ ما شأنك ؟ ما هذا الذي أدخـلك فـيـما دخـلت فـيه . حدثنا موسى ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ { قالَ فما خَطْبُكَ يا سامِرِيّ } قال : مالك يا سامريّ ؟ وقوله : { بَصُرْتُ بِـمَا لَـمْ يَبْصُرُوا بِهِ } يقول : قال السامريّ : علـمت ما لـم يعلـموه ، وهو فعلت من البصيرة : أي صرت بـما عملت بصيراً عالـماً . ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قال : لـما قتل فرعون الولدان قالت أمّ السامريّ : لو نـحيته عنـي حتـى لا أراه ، ولا أدري قتله ، فجعلته فـي غار ، فأتـى جبرئيـل ، فجعل كفّ نفسه فـي فـيه ، فجعل يُرضعه العسل واللبن ، فلـم يزل يختلف إلـيه حتـى عرفه ، فمن ثم معرفته إياه حين قال : { فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أثَرِ الرَّسُولِ } . وقال آخرون : هي بـمعنى : أبصرت ما لـم يبصروه . وقالوا : يقال : بصرت بـالشيء وأبصرته ، كما يقال : أسرعت وسرعت ما شئت . ذكر من قال : هو بـمعنى أبصرت : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قَتادة { قال بَصُرْتُ بِـمَا لَـمْ يَبْصُرُوا بِهِ } يعنـي فرس جبرئيـل علـيه السلام . وقوله : { فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أثَرِ الرَّسُولِ } يقول : قبضت قبضة من أثر حافر فرس جبرئيـل . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، قال : ثنـي مـحمد بن إسحاق ، عن حكيـم بن جبـير ، عن سعيد بن جبـير ، عن ابن عبـاس ، قال : لـما قذفت بنو إسرائيـل ما كان معهم من زينة آل فرعون فـي النار ، وتكسرت ، ورأى السامريّ أثر فرس جبرئيـل علـيه السلام ، فأخذ ترابـاً من أثر حافره ، ثم أقبل إلـى النار فقذفه فـيها ، وقال : كن عجلاً جسداً له خوار ، فكان للبلاء والفتنة . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قال : قبض قبضة منه من أثر جبرئيـل ، فألقـى القبضة علـى حلـيهم فصار عجلاً جسداً له خوار ، فقال : هذا إلهكم وإله موسى . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قول الله : { فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أثَر الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها } قال : من تـحت حافر فرس جبرئيـل ، نبذه السامريّ علـى حلـية بنـي إسرائيـل ، فـانسبك عجلاً جسداً له خوار ، حفـيف الريح فـيه فهو خواره ، والعجل : ولد البقرة . واختلف القرّاء فـي قراءة هذين الـحرفـين ، فقرأته عامَّة قرّاء الـمدينة والبصرة { بَصُرْتُ بِـمَا لَـمْ يَبْصُرُوا بِهِ } بـالـياء ، بـمعنى : قال السامريّ : بصرت بـما لـم يبصر به بنو إسرائيـل . وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة : « بَصُرْتُ بِـمَا لَـمْ تَبْصُرُوا بهِ » بـالتاء علـى وجه الـمخاطبة لـموسى صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، بـمعنى : قال السامريّ لـموسى : بصرت بـما لـم تبصر به أنت وأصحابك . والقول فـي ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان ، قد قرأ بكل واحدة منهما علـماء من القرّاء مع صحة معنى كل واحدة منهما ، وذلك أنه جائز أن يكون السامريّ رأى جبرئيـل ، فكان عنده ما كان بأن حدثته نفسه بذلك أو بغير ذلك من الأسبـاب ، أن تراب حافر فرسه الذي كان علـيه يصلـح لـما حدث عنه حين نبذه فـي جوف العجل ، ولـم يكن علـم ذلك عند موسى ، ولا عند أصحابه من بنـي إسرائيـل ، فلذلك قال لـموسى : « بَصُرْتُ بِـمَا لَـمْ تَبْصُرُوا بهِ » أي علـمت بـما لـم تعلـموا به . وأما إذا قرىء { بَصُرْتُ بِـما لَـمْ يَبْصُرُوا بِهِ } بـالـياء ، فلا مؤنة فـيه ، لأنه معلوم أن بنـي إسرائيـل لـم يعلـموا ما الذي يصلـح له ذلك التراب . وأما قوله : { فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أثَرِ الرَّسُولِ } فإن قرّاء الأمصار علـى قراءته بـالضاد ، بـمعنى : فأخذت بكفـي كلها تراباً من تراب أثر فرس الرسول . وروي عن الـحسن البصري وقتادة ما : حدثنـي أحمد بن يوسف ، قال : ثنا القاسم ، قال : ثنا هشيـم ، عن عبـاد بن عوف ، عن الـحسن أنه قرأها : « فَقَبَصْتُ قَبْصَةً » بـالصاد . وحدثنـي أحمد بن يوسف ، قال : ثنا القاسم ، قال : ثنا هشيـم ، عن عبـاد ، عن قَتادة مثل ذكر بـالصاد . بـمعنى : أخذت بأصابعي من تراب أثر فرس الرسول ، والقبضة عند العرب : الأخذ بـالكفّ كلها ، والقبصة : الأخذ بأطراف الأصابع . وقوله : { فَنَبَذْتُها } يقول : فألقـيتها { وكَذَلَكَ سَوَّلَتْ لـي نَفْسِي } يقول : وكما فعلت من إلقائي القبضة التـي قبضت من أثر الفرس علـى الـحلـية التـي أوقد علـيها حتـى انسبكت فصارت عجلاً جسداً له خوار . { سَوَّلَتْ لِـي نَفْسِي } يقول : زينت لـي نفسي أنه يكون ذلك كذلك ، كما : حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : { وكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِـي نَفْسِي } قال : كذلك حدثتنـي نفسي .