Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 97-98)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : قال موسى للسامريّ : فـاذهب فإن لك فـي أيام حياتك أن تقول : لامساس : أي لا أمسُّ ، ولا أُمسُّ … وذُكر أن موسى أمر بنـي إسرائيـل أن لا يؤاكلوه ، ولا يخالطوه ، ولا يبـايعوه ، فلذلك قال له : إن لك فـي الـحياة أن تقول لامساس ، فبقـي ذلك فـيـما ذكر فـي قبـيـلته ، كما : حدثنا بِشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : كان والله السامريّ عظيـماً من عظماء بنـي إسرائيـل ، من قبـيـلة يقال لها سامرة ، ولكن عدوّ الله نافق بعد ما قطع البحر مع بنـي إسرائيـل . قوله : { فـاذْهَبْ فإنَّ لَكَ فِـي الـحَياةِ أنْ تَقولَ لامِساسَ } فبقاياهم الـيوم يقولون لامساس . وقوله : { وَإنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُـخْـلَفَهُ } اختلفت القرّاء فـي قراءته ، فقرأته عامة قرّاء أهل الـمدينة والكوفة { لَنْ تُـخْـلَفَهُ } بضم التاء وفتـح اللام بـمعنى : وإن لك موعداً لعذابك وعقوبتك علـى ما فعلت من إضلالك قومي حتـى عبدوا العجل من دون الله ، لن يخـلفكه الله ، ولكن يذيقكه . وقرأ ذلك الـحسن وقَتادة وأبو نهيك : { وَإنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُـخْـلِفَهُ } بضمّ التاء وكسر اللام ، بـمعنى : وإن لك موعداً لن تـخـلفه أنت يا سامريّ ، وتأوّلوه بـمعنى : لن تغيب عنه . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا عبد الـمؤمن ، قال : سمعت أبـا نهيك يقرأ « لَن تُـخْـلِفَهُ أنْتَ » يقول : لن تغيب عنه . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَإنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُـخْـلِفَهُ } يقول : لن تغيب عنه . قال أبو جعفر : والقول فـي ذلك عندي أنهما قراءتان مشهورتان متقاربتا الـمعنى ، لأنه لا شكّ أن الله موف وعده لـخـلقه بحشرهم لـموقـف الـحساب ، وأن الـخـلق موافون ذلك الـيوم ، فلا الله مخـلفهم ذلك ، ولا هم مخـلفوه بـالتـخـلف عنه ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب الصواب فـي ذلك . وقوله : { وَانْظُرْ إلـى إلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَـيْهِ عاكِفـاً } يقول : وانظر إلـى معبودك الذي ظلت علـيه مقـيـماً تعبده ، كما : حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا أبو صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { ظَلْتَ عَلَـيْهِ عاكِفـاً } الذي أقمت علـيه . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قال : فقال له موسى : { انْظُرْ إلـى إلهِكَ الَّذي ظَلْتَ عَلَـيْهِ عاكِفـاً } يقول : الذي أقمت علـيه . وللعرب فـي ظلت : لغتان : الفتـح فـي الظاء ، وبها قرأ قرّاء الأمصار ، والكسر فـيها وكأن الذين كسروا نقلوا حركة اللام التـي هي عين الفعل من ظللت إلـيها ، ومن فتـحها أقرّ حركتها التـي كانت لها قبل أن يحذف منها شيء ، والعرب تفعل فـي الـحروف التـي فـيها التضعيف ذاك ، فـيقولون فـي مَسِسْت ومِسْت وفـي همـمت بذلك : همت به ، وهل أحست فلانا وأحسسته ، كما قال الشاعر : @ خَلا أنَّ العِتاقَ مِنَ الـمَطايا أحَسْنَ بِهِ فَهُنَّ إلَـيْهِ شُوسُ @@ وقوله : { لَنُـحَرَقَنَّهُ } اختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك ، فقرأته عامَّة قرْاء الـحجاز والعراق لَنُـحَرّقَنَّهُ بضم النون وتشديد الراء ، بـمعنى لنـحرقنه بـالنار قطعة قطعة . ورُوي عن الـحسن البصري أنه كان يقرأ ذلك : « لَنُـحْرِقَنَّهُ » بضم النون ، وتـخفـيف الراء ، بـمعنى : لنـحرقنه بـالنار إحراقة واحدة ، وقرأه أبو وجعفر القارىء : « لَنَـحْرُقَنَّهُ » بفتـح النون وضم الراء بـمعنى : لنبردنه بـالـمبـارد من حرقته أحرقه وأحرّقه ، كما قال الشاعر : @ بِذِي فِرْقَـيْنِ يَوْمَ بَنُو حُبَـيْبٍ نُـيُوَبهُمُ عَلَـيْنا يَحْرُقُونا @@ والصواب فـي ذلك عندنا من القراءة { لَنُـحَرّقَنَّهُ } بضم النون وتشديد الراء ، من الإحراق بـالنار ، كما : حدثنـي علـيّ قال : ثنا أبو صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { لَنُـحَرّقَنَّهُ } يقول : بـالنار . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس { لَنُـحَرّقَنَّهُ } فحرّقه ثم ذراه فـي الـيـم . وإنـما اخترت هذه القراءة لإجمال الـحجة من القرّاء علـيها . وأما أبو جعفر ، فإنـي أحسبه ذهب إلـى ما : حدثنا به موسى بن هارون ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسبـاط عن السديّ : { وَانْظُرْ إلـى إلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَـيْهِ عاكِفـاً لَنُـحَرّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِـي الـيَـمّ نَسْفـاً } ثم أخذه فذبحه ، ثم حرقه بـالـمبرد ، ثم ذراه فـي الـيـم ، فلـم يبق بحر يومئذٍ إلا وقع فـيه شيء منه . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَانْظُرْ إلـى إلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَـيْهِ عاكِفـاً لَنُـحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِـي الـيَـمّ نَسْفـاً } قال : وفـي بعض القراءة : لنذبحنه ثم لنـحرقنه ، ثم لننسفنه فـي الـيـمّ نسفـاً . حدثنا الـحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة فـي حرف ابن مسعود : « وَانْظُرْ إلـى إلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَـيْهِ عاكِفـاً لَنذْبَحَنَّهُ ثُمَّ لَنُـحْرِقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِـي الـيـمّ نَسْفـاً » . وقوله : { ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِـي الـيَـمّ نَسْفـاً } يقول : ثم لنذرّينه فـي البحر تذرية يقال منه : نسف فلان الطعام بـالـمنسف : إذا ذراه فطير عنه قشوره وترابه بـالـيد أو الريح . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك ، قال أهل التأويـل : ذكر من قال ذلك : حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِـي الَـيـمّ نَسْفـاً } يقول : لنذرينه فـي البحر . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قال : ذراه فـي الـيـمّ ، والـيـمّ : البحر . حدثنا موسى ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ ، قال : ذراه فـي الـيـم . حدثنا بِشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة فـي الـيـمّ ، قال : فـي البحر . وقوله : { إنَّـمَا إلهُكُمُ اللّهُ الَّذِي لا إلَهَ إلاَّ هُوَ } يقول : ما لكم أيها القوم معبود ، إلا الذي له عبـادة جميع الـخـلق لا تصلـح العبـادة لغيره ، ولا تَنبغي أن تكون إلا له { وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْـماً } يقول : أحاط بكل شيء علـماً فعلـمه ، فلا يخفـى علـيه منه شيء ولا يضيق علـيه علـم جميع ذلك . يقال منه : فلان يسع لهذا الأمر : إذا أطاقه وقوى علـيه ، ولا يسع له : إذا عجز عنه فلـم يطقه ولـم يقو علـيه . وكان قتادة يقول فـي ذلك ما : حدثنا بِشر قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قَتادة ، قوله : { وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْـماً } يقول : ملأ كلّ شيء علـماً تبـارك وتعالـى .