Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 104-104)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : لا يحزنهم الفزع الأكبر ، يوم نطوي السماء . فـ « يوم » من صلة « يحزنهم » . واختلف أهل التأويـل فـي معنى السجلّ الذي ذكره الله فـي هذا الـموضع ، فقال بعضهم : هو اسم ملَك من الـملائكة . ذكر من قال ذلك : حدثناأبو كريب ، قال : ثنا ابن يمان ، قال : ثنا أبو الوفـاء الأشجعيّ ، عن أبـيه ، عن ابن عمر ، فـي قوله : { يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيّ السِّجلّ للْكِتَابِ } قال : السجِلّ : مَلَك ، فإذا صعد بـالاستغفـار قال : اكتبها نوراً . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا مؤمل ، قال : ثنا سفـيان ، قال : سمعت السديّ يقول ، فـي قوله : { يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيّ السِّجِلّ } قال : السجلّ : ملَك . وقال آخرون : السجل : رجل كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم . ذكر من قال ذلك : حدثنا نصر بن علـيّ ، قال : ثنا نوح بن قـيس ، قال : ثنا عمرو بن مالك ، عن أبـي الـجوزاء ، عن ابن عباس فـي هذه الآية : { يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيّ السِّجِلّ لِلْكُتُبِ } قال : كان ابن عبـاس يقول : هو الرجل . قال : ثنا نوح بن قـيس ، قال : ثنا يزيد بن كعب ، عن عمرو بن مالك ، عن أبـي الـجوزاء ، عن ابن عبـاس ، قال : السجلّ : كاتب كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال آخرون : بل هو الصحيفة التـي يُكتب فـيها . ذكر من قال ذلك : حدثني علـيّ ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عباس ، قوله : { كَطَيّ السِّجِلِّ للْكِتابِ } يقول : كطيّ الصحيفة علـى الِكتاب . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيّ السِّجِلِّ للْكِتابِ } يقول : كطيّ الصحف . حدثني مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قال : السِّجلّ : الصحيفة . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد ، قوله : { يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيّ السِّجِلِّ لِلْكِتابِ } قال : السجل : الصحيفة . وأولى الأقوال في ذلك عندنا بـالصواب قول من قال : السجلّ فـي هذا الـموضع الصحيفة لأن ذلك هو الـمعروف فـي كلام العرب ، ولا يعرف لنبينا صلى الله عليه وسلم كاتب كان اسمه السجلّ ، ولا فـي الملائكة مَلك ذلك اسمه . فإن قال قائل : وكيف تَطْوي الصحيفة بالكتاب إن كان السجلّ صحيفة ؟ قيل : ليس المعنى كذلك ، وإنما معناه : يوم نطوي السماء كطيّ السجلّ علـى ما فـيه من الكتاب ثم جعل نطوِي مصدرا ، فقـيـل : { كَطَيّ السِّجِلّ لِلْكِتابِ } واللام فـي قوله للكتاب بـمعنى علـى . واختلف القرّاء فـي قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الأمصار ، سوى أبـي جعفر القارىء : { يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ } بـالنون . وقرأ ذلك أبو جعفر : { يَوْم تُطْوَي السَّماءُ } بـالتاء وضمها ، علـى وجه ما لـم يُسمّ فـاعله . والصواب من القراءة فـي ذلك ما علـيه قرّاء الأمصار ، بـالنون ، لإجماع الـحجة من القرّاء علـيه وشذوذ ما خالفه . وأما السِّجلّ فإنه فـي قراءة جميعهم بتشديد اللام . وأما الكتاب ، فإن قرّاء أهل الـمدينة وبعض أهل الكوفة والبصرة قرءوه بـالتوحيد : « كطيّ السجلّ للكتاب » ، وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة : { للْكُتُبِ } علـى الـجماع . وأولى القراءتين عندنا فـي ذلك بـالصواب : قراءة من قرأه علـى التوحيد للكتاب لما ذكرنا من معناه ، فإِن الـمراد منه : كطيّ السجلّ علـى ما فـيه مكتوب . فلا وجه إذ كان ذلك معناه لـجميع الكتب إلا وجه نتبعه من معروف كلام العرب ، وعند قوله : { كَطَيّ السِّجِلّ } انقضاء الـخبر عن صلة قوله : { لا يَحْزُنهُمُ الْفَزَعُ الأْكْبَرُ } ، ثم ابتدأ الـخبر عما الله فـاعل بخـلقه يومئذ فقال تعالـى ذكره : { كمَا بَدَأْنا أوَّلَ خَـلْقٍ نُعِيدُهُ } فـالكاف التـي فـي قوله : { كمَا } من صلة { نعيده } ، تقدّمت قبلها ومعنى الكلام : نعيد الـخـلق عُراة حُفـاة غُرْلاً يوم القـيامة ، كما بدأناهم أوّل مرّة فـي حال خـلقناهم فـي بطون أمهَاتهم ، علـى اختلاف من أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك . وبـالذي قلنا فـي ذلك قال جماعة من أهل التأويـل ، وبه الـخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلذلك اخترت القول به علـى غيره . ذكر من قال ذلك والأثر الذي جاء فـيه : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { أوَّلَ خَـلْقٍ نُعِيدُهُ } قال : حُفاة عُراة غُرْلاً . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد قوله : { أوَّلَ خَـلْقٍ نُعِيدُهُ } قال : حُفـاة غُلْفـاً . قال ابن جُرَيج أخبرنـي إبراهيـم بن ميسرة ، أنه سمع مـجاهداً يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحدى نسائه : " يَأْتُونَهُ حُفاةً عُرَاةً غُلْفـاً " فـاسْتَترَتْ بِكُمِّ دِرْعِها ، وَقالَتْ وَاسَوأتاهُ قال ابن جُرَيج : أخبرت أنها عائشة قالت : يا نبـيّ الله ، لا يحتشمُ الناس بعضهم بعضا ؟ قال : { لكُلّ امُرِىءٍ يَوْمِئِذٍ شأْنٌ يُغْنِـيهِ } حدثناابن بشار ، قال : ثنا يحيى بن سعيد ، قال : ثنا سفيان ، قال : ثني المغيرة بن النعمان ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبـاس ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : " يُحْشَرُ النَّاسُ حُفاةً عُرَاةً غُرْلاً ، فَأوَّلَ مَنْ يُكْسَى إبراهِيمُ " ثم قرأ : { كمَا بَدأْنا أوَّلَ خَـلْقٍ نُعِيدُه وَعْدا عَلَـيْنا إنَّا كُنَّا فـاعِلِـينَ } . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا إسحاق بن يوسف ، قال : ثنا سفـيان ، عن الـمغيرة بن النعمان ، عن سعيد بن جُبـير ، عن ابن عبـاس ، قال : « قام فـينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بـموعظة » فذكره نـحوه . حدثنا مـحمد بن الـمثنى ، قال : ثنا مـحمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن الـمغيرة بن النعمان النَـخَعِيّ ، عن سعيد بن جُبـير ، عن ابن عبـاس ، قال : « قام فـينا رسول الله صلى الله عليه وسلم » فذكره نـحوه . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن شعبة ، قال : ثنا الـمغيرة بن النعمان النـخَعيّ ، عن سعيد بن جُبـير ، عن ابن عبـاس ، نـحوه . حدثنا عيسى بن يوسف بن الطبـاع أبو يحيى ، قال : ثنا سفـيان ، عن عمرو بن دينار ، عن سعيد بن جُبـير ، عن ابن عبـاس ، قال : سمعت النبـيّ صلى الله عليه وسلم يخطب فقال : " إنَّكُمْ مُلاقُو اللَّهِ مُشاةً غُرْلاً " حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن إدريس ، عن لـيث ، عن مـجاهد ، عن عائشة ، قالت : دخـل علـيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي عجوز من بنـي عامر ، فقال : " مَنْ هَذه العَجُوزُ يا عائِشَةُ ؟ " فقلت : إحدى خالاتـي . فقالت : ادع الله أن يدخـلنـي الـجنة فقال : " إنَّ الـجَنَّةَ لا يَدْخُـلُها العَجَزةُ " قالت : فأخذ العجوزَ ما أخذها ، فقال : " إنَّ اللَّهَ يُنْشِئُهُنَّ خَـلْقا غيرَ خَـلْقِهِنَّ " ، ثم قال : " يُحْشَرُونَ حُفـاةً عُرَاةً غُلْقاً " فقالت : حاش لله من ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بَلـى إنَّ اللَّهَ قالَ : { كمَا بَدأْنا أوَّلَ خَـلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدا عَلَـيْنا … } إلـى آخر الآية ، فأوَّلُ مَنْ يُكْسَى إبْرَاهِيـمُ خَـلِـيـلُ الله " حدثنـي مـحمد بن عمارة الأسدي ، قال : ثنا عبـيد الله ، قال : ثنا إسرائيـل ، عن أبـي إسحاق ، عن عطاء ، عن عقبة بن عامر الـجهنـي ، قال : يجمع الناس فـي صعيد واحد ينفذهم البصر ، ويسمعهم الداعي ، حفـاة عراة ، كما خُـلقوا أوّل يوم . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي عبـاد بن العوّام ، عن هلال بن حبـان ، عن سعيد بن جُبـير ، عن ابن عبـاس ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يحشر الناس يوم القـيامة حُفـاة عراة مشاة غرلاً " قلت : يا أبـا عبد الله ما الغُرْل ؟ قال : الغُلْف . فقال بعض أزواجه : يا رسول الله ، أينظر بعضنا إلـى بعض إلـى عورته ؟ فقال " لِكُلّ امْرىءٍ منهم يَوْمَئِذٍ ما يَشْغَلُهُ عَن النَّظَر إلـى عَوْرَة أخِيهِ " قال هلال : قال سعيد بن جُبـير : { وَلَقَدْ جِئْتُـمُونا فُرَادَى كمَا خَـلَقْناكُمْ أوَّلَ مَرَّةٍ } قال : كيوم ولدته أمه ، يردّ علـيه كل شيءٍ انتقص منه مثل يوم وُلد . وقال آخرون : بل معنى ذلك : كما كنا ولا شيء غيرنا قبل أن نـخـلق شيئاً ، كذلك نهلك الأشياء فنعيدها فـانـية ، حتـى لا يكون شيء سوانا . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس : { كمَا بَدأْنا أوَّلَ خَـلْقٍ نُعِيدُهُ … } الآية ، قال : نهلك كل شيء كما كان أوّل مرّة . وقوله : { وَعْداً عَلَـيْنا } يقول : وعدناكم ذلك وعدا حقًّا علـينا أن نوفـي بـما وعدنا ، إنا كنا فـاعلـي ما وعدناكم من ذلك أيها الناس ، لأنه قد سبق فـي حكمنا وقضائنا أن نفعله ، علـى يقـين بأن ذلك كائن ، واستعدوا وتأهبوا .