Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 112-112)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : قل يا مـحمد : يا ربّ افصل بـينـي وبـين من كذّبنـي من مشركي قومي وكفر بك وعبد غيرك ، بإحلال عذابك ونقمتك بهم وذلك هو الـحقّ الذي أمر الله تعالـى نبـيه أن يسأل ربه الـحكم به ، وهو نظير قوله جلّ ثناؤه : رَبَّنا افْتَـحْ بَـيْنَنَا وبَـينَ قَوْمِنا بـالـحَقّ وأنْتَ خَيْرُ الفـاتِـحين . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قال : قال ابن عبـاس : { قالَ رَبّ احْكُمْ بـالـحَقّ } قال : لا يحكم بـالـحقّ إلا الله ، ولكن إنـما استعجل بذلك فـي الدنـيا ، يسأل ربه علـى قومه . حدثنا ابن عبد الأعلـى ، قال : ثنا مـحمد بن ثور ، عن معمر ، عن قَتادة : أن النبـيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا شهد قتالاً قال : " رَبّ احْكُمْ بالحَقّ " واختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الأمصار : { قل رَبِّ احْكُمْ } بكسر البـاء ، ووصل الألف ألف « احكم » ، علـى وجه الدعاء والـمسألة ، سوى أبـي جعفر ، فإنه ضمّ البـاء من « الربّ » ، علـى وجه نداء الـمفرد ، وغير الضحاك بن مزاحم ، فإنه رُوي عنه أنه كان يقرأ ذلك : « رَبّـي أحْكَمُ » علـى وجه الـخبر بأن الله أحكَمُ بـالـحقّ من كلّ حاكم ، فـيثبت الـياء فـي « الربّ » ، ويهمز الألف من « أحْكَمُ » ، ويرفع « أَحْكُم » ، علـى أنه للربّ تبـارك وتعالـى . والصواب من القراءة عندنا فـي ذلك : وصل البـاء من الربّ وكسرها ب « احْكُمْ » ، وترك قطع الألف من « احْكُمْ » ، علـى ما علـيه قرّاء الأمصار لإجماع الـحُجة من القرّاء علـيه وشذوذ ما خالفه . وأما الضحاك فإن فـي القراءة التـي ذُكرت عنه زيادة حرف علـى خطّ الـمصاحف ، ولا ينبغي أن يزاد ذلك فـيها ، مع صحة معنى القراءة بترك زيادته . وقد زعم بعضهم أن معنى قوله : { رَبّ احْكُمْ بـالـحَقّ } قل : ربّ احكم بحكمك الـحقّ ، ثم حذف الـحكم الذي الـحقّ نعت له وأقيم الحقّ مقامه . ولذلك وجه ، غير أن الذي قلناه أوضح وأشبه بـما قاله أهل التأويـل ، فلذلك اخترناه . وقوله : { وَرَبُّنا الرَّحْمَنُ الـمُسْتَعانُ عَلـى ما تَصِفُونَ } يقول جلّ ثناؤه : وقل يا مـحمد : وربنا الذي يرحم عبـاده ويعُمهم بنعمته ، الذي أستعينه علـيكم فـيـما تقولون وتصفون من قولكم لـي فـيـما أتـيتكم به من عند الله { إنْ هَذَا إلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وأنْتُـمْ تُبْصِرُونَ } ، وقولكم : { بَلِ افْتَرَاه بَلْ هُوَ شاعِرٌ } ، وفـي كذبكم علـى الله جلّ ثناؤه وقـيـلكم : { اتَّـخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً } فإنه هين علـيه تغيـير ذلك وفصل ما بـينـي وبـينكم بتعجيـل العقوبة لكم علـى ما تصفون من ذلك . آخر تفسير سورة الأنبـياء علـيهم السلام