Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 32-33)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : { وَجَعَلْنا السَّمَاءَ سَقْـفـاً } للأرض مسموكا . وقوله : { مَـحْفُوظاً } يقول : حفظناها من كلّ شيطان رجيـم . وبنحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قوله : { سَقْـفـا مَـحْفُوظاً } قال : مرفوعا . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنا بِشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قَتادة ، قوله : { وَجَعَلْنا السَّماءَ سَقْـفـا مَـحْفُوظاً } … الآية : سقـفـا مرفوعاً ، وموجا مكفوفـاً . وقوله : { وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ } يقول : هؤلاء الـمشركون عن آيات السماء ، ويعنـي بآياتها : شمسها وقمرها ونـجومها . { مُعْرِضُونَ } : يقول : يعرضون عن التفكر فـيها وتدبر ما فـيها من حجج الله علـيهم ودلالتها علـى وحدانـية خالقهَا ، وأنه لا ينبغي أن تكون العبـادة إلا لـمن دبرها وسوّاها ، ولا تصلـح إلا له . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { وَهُمْ عن آياتِها مُعْرِضُونَ } قال : الشمس والقمر والنـجوم آيات السماء . حدثناالقاسم قال : ثنا الحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مـجاهد ، مثله . وقوله : { وَهُوَ الَّذِي خَـلَقَ اللَّـيْـلَ والنَّهارَ والشَّمْسَ والقَمَرَ كُلٌّ فِـي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } يقول تعالـى ذكره : والله الذي خـلق لكم أيها الناس اللـيـل والنهار ، نعمة منه علـيكم وحجة ودلالة علـى عظيـم سلطانه وأن الألوهة له دون كلّ ما سواه فهما يختلفـان علـيكم لصلاح معايشكم وأمور دنـياكم وآخرتكم ، وخـلق الشمس والقمر أيضا { كلٌّ فـي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } يقول : كلّ ذلك فـي فلك يسبحون . واختلف أهل التأويـل فـي معنى الفلك الذي ذكره الله فـي هذه الآية ، فقال بعضهم : هو كهيئة حديدة الرَّحَى . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحرث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله : { كُلّ فِـي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } قال : فلك كهيئة حديدة الرحى . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، قال : قال ابن جريج : { كُلّ فِـي فَلَكٍ } قال : فلك كهيئة حديدة الرحى . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنـي جرير ، عن قابوس بن أبـي ظَبـيان ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس : { كُلّ فِـي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } قال : فلك السماء . وقال آخرون : بل الفلك الذي ذكره الله في هذا الموضع سرعة جري الشمس والقمر والنجوم وغيرها . ذكر من قال ذلك : حُدثت عن الـحسين ، قال : سمعت أبـا معاذ ، قال : أخبرنا عبـيد ، قال : سمعت الضحاك يقول قـي قوله : { كُلّ فِـي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } الفلك : الـجري والسرعة . وقال آخرون : الفلك موج مكفوف تـجري الشمس والقمر والنـجوم فـيه . وقال آخرون : بل هو القطب الذي تدور به النـجوم . واستشهد قائل هذا القول لقوله هذا بقول الراجز : @ بـاتَتْ تُناجِي الفَلَكَ الدَّوَّارَا حتـى الصَّبـاحِ تعمَل الأَقْتارَا @@ وقال آخرون فـي ذلك ، ما : حدثنا به بِشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { كُلٌّ فِـي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } : أي فـي فلك السماء . حدثنا ابن عبد الأعلـى ، قال : ثنا مـحمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : { كُلّ فِـي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } قال : يجري فـي فلك السماء كما رأيت . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { كُلّ فِـي فَلَكٍ يسْبَحُونَ } قال : الفلك الذي بـين السماء والأرض من مـجاري النـجوم والشمس والقمر . وقرأ : { تَبـارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِـي السَّماءِ بُرُوجا وَجَعَلَ فِـيها سِرَاجا وَقَمَرا مُنِـيرا } وقال : تلك البروج بـين السماء والأرض ولـيست فـي الأرض . { كلٌّ فـي فَلكٍ يَسْبَحُونَ } قال : فـيـما بـين السماء والأرض : النـجوم والشمس والقمر . وذُكر عن الـحسن أنه كان يقول : الفلك طاحونة كهيئة فَلْكَة الـمغزل . والصواب من القول فـي ذلك أن يقال كما قال الله عزّ وجلّ : { كُلّ فِـي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } وجائز أن يكون ذلك الفلك كما قال مـجاهد كحديدة الرَّحَى ، وكما ذُكر عن الـحسن كطاحونة الرَّحَى ، وجائز أن يكون موجا مكفوفـا ، وأن يكون قطب السماء . وذلك أن الفلك فـي كلام العرب هو كل شيء دائر ، فجمعه أفلاك ، وقد ذكرت قول الراجز : @ بـاتَتْ تُناجِي الفُلْكَ الدَّوَّارَا @@ وإذ كان كل ما دار فـي كلامه فلكا ، ولـم يكن فـي كتاب الله ولا فـي خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عمن يُقطع بقوله العذُر ، دلـيـلٌ يدل علـى أيّ ذلك هو من أيَ كان الواجب أن نقول فـيه ما قال ونسكت عما لا علـم لنا به . فإذا كان الصواب فـي ذلك من القول عندنا ما ذكرنا ، فتأويـل الكلام : والشمس والقمر ، كلّ ذلك فـي دائر يسبحون . وأما قوله : { يَسْبَحُونَ } فإن معناه : يَجْرُون . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قوله : { كُلّ فِـي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } قال : يجرون . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { يَسْبَحُونَ } قال : يجرون . وقـيـل : { كُلّ فِـي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } فأخرج الـخبر عن الشمس والقمر مخرج الـخبر عن بنـي آدم بـالواو والنون ، ولـم يقل : « يسبحن » أو « تسبح » ، كما قـيـل : { والشَّمْسَ والقَمَرَ رَأيْتُهُمْ لـي ساجِدِينَ } لأن السجود من أفعال بنـي آدم ، فلـما وصفت الشمس والقمر بـمثل أفعالهم أجرى الـخبر عنهما مـجرى الـخبر عنهم .