Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 47-47)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : { وَنَضَعُ المَوَازِينَ } العدل وهو { القِسْطَ } . وجعل القسط وهو موحد من نعت الـموازين ، وهو جمع لأنه فـي مذهب عدل ورضا ونظر . وقوله : { لِـيَوْمِ القِـيامَةِ } يقول : لأهل يوم القـيامة ، ومن ورد علـى الله فـي ذلك الـيوم من خـلقه . وقد كان بعض أهل العربـية يوجه معنى ذلك إلـى « فـي » كأن معناه عنده : ونضع الـموازين القسط فـي يوم القـيامة . وقوله : { فَلا تُظْلَـمُ نَفْسٌ شَيْئا } يقول : فلا يظلـم الله نفسا مـمن ورد علـيه منهم شيئاً بأن يعاقبه بذنب لـم يعمله أو يبخسه ثواب عمل عمله وطاعة أطاعه بها ولكن يجازي الـمـحسن بإحسانه ، ولا يعاقب مسيئاً إلا بإساءته . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { وَنَضَعُ الـمَوَازِينَ القِسْطَ لِـيَوْمِ القِـيامَةِ … } إلـى آخر الآية ، وهو كقوله : { وَالوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الـحَقُّ } يعنـي بـالوزن : القِسط بـينهم بـالـحقّ فـي الأعمال الـحسنات والسيئات فمن أحاطت حسناته بسيئاته ثقلت موازينه ، يقول : أذهبت حسناته سيئاته ، ومن أحاطت سيئاته بحسناته فقد خفَّت موازينه وأمه هاوية ، يقول : أذهبت سيئاته حسناته . حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوري ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد فـي قول الله : { وَنَضَعُ الـمَوَازِينَ القِسْطَ لِـيَوْمِ القِـيامَةِ } قال : إنـما هو مثل ، كما يجوز الوزن كذلك يجوز الـحقّ . قال الثوري : قال لـيث عن مـجاهد : { وَنَضَعُ الـمَوَازِينَ القِسْطَ } قال : العدل . وقوله : { وَإنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلِ أتَـيْنا بِها } يقول : وإن كان الذي له من عمل الـحسنات أو علـيه من السيئات وزن حبة من خردل { أتَـيْنَا بِهَا } يقول : جئنا بها فأحضرناها إياه . كما : حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { وَإنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أتَـيْنا بِها } قال : كتبناها وأحصيناها له وعلـيه . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد فـي قوله : { وَإنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أتَـيْنا بِها } قال : يؤتـي بها لك وعلـيك ، ثم يعفو إن شاء أو يأخذ ، ويجزي بـما عمل له من طاعة . وكان مـجاهد يقول فـي ذلك ما : حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : ثنا سفـيان ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قوله : { وَإنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أتَـيْنا بِها } قال : جازينا بها . حدثنا عمرو بن عبد الـحميد ، قال : ثنا سفـيان ، عن لـيث ، عن مـجاهد أنه كان يقول : { وَإنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أتَـيْنا بِها } قال : جازينا بها . وقال : { أتَيْنَا بِهَا } فأخرج قوله بها مخرج كناية الـمؤنث ، وإن كان الذي تقدم ذلك قوله مثقال حبة ، لأنه عنـي بقوله بها الـحبة دون الـمثقال ، ولو عنـي به الـمثقال لقيل « به » . وقد ذكر أن مـجاهداً إنـما تأوّل قوله : { أتَيْنا بِها } علـى ما ذكرنا عنه ، لأنه كان يقرأ ذلك : « آتَـيْنا بِها » بـمدّ الألف . وقوله : { وكَفَـى بِنا حاسِبِينَ } يقول : وحسب من شهد ذلك الموقف بنا حاسبـين ، لأنه لا أحد أعلـم بأعمالهم وما سلف فـي الدُّنا من صالـح أو سيىء منا .