Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 68-70)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : قال بعض قوم إبراهيـم لبعض : حرّقوا إبراهيـم بـالنار { وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إنْ كُنْتُـمْ فـاعِلِـينَ } يقول : إن كنتـم ناصريها ولـم تريدوا ترك عبـادتها . وقـيـل : إن الذي قال ذلك رجل من أكراد فـارس . ذكر من قال ذلك : حدثنـي يعقوب ، قال : ثنا ابن علـية ، عن لـيث ، عن مـجاهد ، فـي قوله : { حَرّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ } قال : قالها رجل من أعراب فـارس ، يعنـي الأكراد . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قال : أخبرنـي وهب بن سلـيـمان ، عن شعيب الـجبئي ، قال : إن الذي قال حرّقوه « هيزن » فخسف الله به الأرض ، فهو يتـجلـجل فـيها إلـى يوم القـيامة . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، قال : أجمع نـمرود وقومه فـي إبراهيـم فقالوا : { حَرّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إنْ كُنْتُـمْ فـاعِلِـينَ } أي لا تنصروها منه إلا بـالتـحريق بـالنار إن كنتـم ناصريها . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، قال : ثنـي مـحمد بن إسحاق ، عن الـحسن بن دينار ، عن لـيث بن أبـي سلـيـم ، عن مـجاهد ، قال : تلوت هذه الآية علـى عبد الله بن عمر ، فقال : أتدري يا مـجاهد من الذي أشار بتـحريق إبراهيـم بـالنار ؟ قال : قلت لا . قال : رجل من أعراب فـارس . قلت : يا أبـا عبد الرحمن ، أوَ هل للفرس أعراب ؟ قال : نعم الكرد هم أعراب فـارس ، فرجل منهم هو الذي أشار بتـحريق إبراهيـم بـالنار . وقوله : { قُلْنا يا نارُ كُونِـي بَرْدا وَسَلاما عَلـى إبْرَاهِيـمَ } فـي الكلام متروك اجتزىء بدلالة ما ذكر علـيه منه ، وهو : فأوقدوا له ناراً لـيحرّقوه ثم ألقوه فـيها ، فقلنا للنار : يا نار كونـي برداً وسلاماً علـى إبراهيـم وذُكر أنهم لـما أرادوا إحراقه بنوا له بنـيانا كما : حدثنا موسى ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ ، قال : { قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْـيانا فألْقُوهُ فـي الـجَحِيـمِ } قال : فحبسوه فـي بـيت ، وجمعوا له حطبـاً ، حتـى إن كانتِ الـمرأة لتـمرضُ فتقول : لئن عافـانـي الله لأجمعنّ حطبـاً لإبراهيـم فلـما جمعوا له ، وأكثروا من الـحطب حتـى إن الطير لتـمرّ بها فتـحترق من شدّة وهجها ، فعمدوا إلـيه فرفعوه علـى رأس البنـيان ، فرفع إبراهيـم صلى الله عليه وسلم رأسه إلـى السماء ، فقالت السماء والأرض والـجبـال والـملائكة : ربنا ، إبراهيـم يحرق فـيك فقال : أنا أعلـم به ، وإن دعاكم فأغيثوه وقال إبراهيـم حين رفع رأسه إلـى السماء : اللهمّ أنت الواحد فـي السماء وأنا الواحد فـي الأرض لـيس فـي الأرض أحد يعبدك غيري ، حسبـي الله ونعم الوكيـل فقذفوه فـي النار ، فناداها فقال : { يا نارُ كُونِـي بَرْدا وَسَلاما علـى إبْرَاهِيـمَ } فكان جبريـل علـيه السلام هو الذي ناداها . وقال ابن عبـاس : لو لـم يُتبع بردها سلاماً لـما مات إبراهيـم من شدّة بردها ، فلـم يبق يومئذ نار فـي الأرض إلا طفئت ، ظنت أنها هي تُعْنَى . فلـما طُفئت النار نظروا إلـى إبراهيـم ، فإذا هو رجل آخر معه ، وإذا رأس إبراهيـم فـي حجره يـمسح عن وجهه العرق وذكر أن ذلك الرجل هو ملك الظلّ . وأنزل الله نارا فأنتفع بها بنو آدم ، وأخرجوا إبراهيـم ، فأدخـلوه علـى الـملك ، ولـم يكن قبل ذلك دخـل علـيه . حدثنـي إبراهيـم بن الـمقدام أبو الأشعث ، قال : ثنا الـمعتـمر ، قال : سمعت أبـي ، قال : ثنا قَتادة ، عن أبـي سلـيـمان ، عن كعب ، قال : ما أحرقت النار من إبراهيـم إلا وثاقه . حدثنا بِشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قَتادة ، قوله : { قُلْنا يا نارُ كُونِـي بَرْدا وَسَلاما عَلـى إبْرَاهِيـمَ } قال : ذُكر لنا أن كعبـا كان يقول : ما انتفع بها يومئذ أحد من الناس . وكان كعب يقول : ما أحرقت النار يومئذ إلا وثاقه . حدثنا مـحمد بن بشار ، قال : ثنا مؤمل ، قال : ثنا سفـيان ، عن الأعمش ، عن شيخ ، عن علـيّ بن أبـي طالب رضي الله عنه فـي قوله : { يا نارُ كُونِـي بَرْدا وَسَلاما عَلـى إبْرَاهِيـمَ } قال : بردت علـيه حتـى كادت تقتله ، حتـى قـيـل : « وسلاما » ، قال : لا تضرّيه . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا جابر بن نوح ، قال : أخبرنا إسماعيـل ، عن الـمنهال بن عمرو ، قال : قال إبراهيـم خـلـيـل الله : ما كنت أياما قطّ أنعم منـي من الأيام التـي كنت فـيها فـي النار . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يعقوب ، عن جعفر ، عن سعيد ، قال : لـمَّا ألقـي إبراهيـم خـلـيـل الله صلى الله عليه وسلم فـي النار ، قال الـمَلَكُ خازن الـمطر : ربّ خـلـيـلك إبراهيـم رجا أن يؤذن له فـيرسل الـمطر . قال : فكان أمر الله أسرع من ذلك فقال : { يا نارُ كُونِـي بَرْدا وَسَلاما عَلـى إبْرَاهِيـمَ } فلـم يبق فـي الأرض نار إلا طُفئت . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن مغيرة ، عن الـحرث ، عن أبـي زرعة ، عن أبـي هريرة ، قال : إن أحسن شيء قاله أبو إبراهيـم لـما رفع عنه الطبق وهو فـي النار ، وجده يرشح جبـينه ، فقال عند ذلك : نِعْمَ الربُّ ربُّك يا إبراهيـم . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، قال : أخبرنـي وهب بن سلـيـمان عن شعيب الـجَبَايِء ، قال : أُلقـي إبراهيـم فـي النار وهو ابن ستّ عشرة سنة ، وذُبح إسحاق وهو ابن سبع سنـين ، وولدته سارّة وهي ابنة تسعين سنة ، وكان مذبحه من بـيت إيـلـياء علـى ميـلـين ، ولـما علـمت سارّة بـما أراد بإسحاق بُطِنت يومين ، وماتت الـيوم الثالث . قال ابن جُرَيج : قال كعب الأحبـار : ما أحرقت النار من إبراهيـم شيئاً غير وثاقه الذي أوثقوه به . حدثنا الـحسن ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنا معتـمر بن سلـيـمان التـيـمي ، عن بعض أصحابه قال : جاء جبريـل إلـى إبراهيـم علـيهما السلام وهو يوثق أو يقمَّط لـيـلقـى فـي النار ، قال : يا إبراهيـم ألك حاجة ؟ قال : أمَّا إلـيك فلا . قال : ثنا معتـمر ، قال : ثنا ابن كعب ، عن أرقم : أن إبراهيـم قال حين جعلوا يوثقونه لـيـلقوه فـي النار : لا إله إلا أنت سبحانك ربّ العالـمين ، لك الـحمد ، ولك الـملك لا شريك لك . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن أبـي جعفر الرازي ، عن الربـيع بن أنس ، عن أبـي العالـية ، فـي قوله : { قُلْنا يا نارُ كُونِـي بَرْدا وَسَلاما عَلـى إبْرَاهِيـمَ } قال : السلام لا يؤذيه بردها ، ولولا أنه قال : « وسلاما » لكان البرد أشدّ علـيه من الـحرّ . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قوله : { بَرْداً } قال : بردت علـيه { وَسَلاماً } لا تؤذيه . حدثنا ابن عبد الأعلـى ، قال : ثنا مـحمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : { قُلْنا يا نارُ كُونِـي بَرْداً وَسَلاماً عَلـى إبْرَاهِيـمَ } قال : قال كعب : ما انتفع أحد من أهل الأرض يومئذ بنار ، ولا أحرقت النار يومئذ شيئاً إلا وثاق إبراهيـم . وقال قتادة : لـم تأت يومئذ دابة إلا أطفأت عنه النار ، إلا الوزغ . وقال الزهري : أمر النبـيّ صلى الله عليه وسلم بقتله ، وسماه فُوَيسقاً . وقوله : { وأرَادُوا بِهِ كَيْداً } يقول تعالـى ذكره : وأرادوا بإبراهيـم كيدا ، { فَجَعَلْناهُمُ الأخْسَرِينَ } يعنـي الهالكين . وقد : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج : { وأرَادُوا بِهِ كَيْدا فجَعَلْناهُمُ الأَخْسَرِينَ } قال : ألقوا شيخا منهم فـي النار لأن يصيبوا نـجاته ، كما نُـجي إبراهيـم صلى الله عليه وسلم ، فـاحترق .