Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 80-80)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : وعلـمنا داود صنعة لَبوس لكم ، واللَّبوس عند العرب : السلاح كله ، درعا كان أو جَوْشنا أو سيفـا أو رمـحا ، يدلّ علـى ذلك قول الهُذلـيّ : @ وَمَعِي لَبُوسٌ لِلَّبِـيسِ كأنَّهُ رَوْقٌ بِجَبْهَةِ ذِي نِعاجٍ مُـجْفِلِ @@ وإنـما يصف بذلك رمـحاً . وأما فـي هذا الـموضع فإن أهل التأويـل قالوا : عنـي الدروع . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَعَلَّـمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ … } الآية ، قال : كانت قبل داود صفـائح ، قال : وكان أوّل من صنع هذا الـحلق وسرد داود . حدثنا ابن عبد الأعلـى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : { وَعَلَّـمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ } قال : كانت صفـائح ، فأوّل من سَرَدَها وحَلَّقها داود علـيه السلام . واختلفت القرّاء فـي قراءة قوله : { لِتُـحْصِنَكُمْ } فقرأ ذلك أكثر قرّاء الأمصار : « لِـيُحْصِنَكُمْ » بـالـياء ، بـمعنى : لـيحصنكم اللَّبوس من بأسكم ، ذَكَّروه لتذكير اللَّبوس . وقرأ ذلك أبو جعفر يزيد بن القعقاع : { لِتُـحْصِنَكُمْ } بـالتاء ، بـمعنى : لتـحصنكم الصنعة ، فأنث لتأنـيث الصنعة . وقرأ شيبة بن نصاح وعاصم بن أبـي النَّـجود : « لِنُـحْصِنَكُمْ » بـالنون ، بـمعنى : لنـحصنكم نـحن من بأسكم . قال أبو جعفر : وأولـى القراءات فـي ذلك بـالصواب عندي قراءة من قرأه بـالـياء ، لأنها القراءة التـي علـيها الـحجة من قرّاء الأمصار ، وإن كانت القراءات الثلاث التـي ذكرناها متقاربـات الـمعانـي وذلك أن الصنعة هي اللبوس ، واللَّبوس هي الصنعة ، والله هو الـمـحصن به من البأس ، وهو الـمـحصن بتصيـير الله إياه كذلك . ومعنى قوله : « لِـيُحْصِنَكُمْ » لـيحرزَكم ، وهو من قوله : قد أحصن فلان جاريته . وقد بـيَّنا معنى ذلك بشواهده فـيـما مضى قبل . والبأس : القتال ، وعلَّـمنا داود صنعة سلاح لكم لـيحرزكم إذا لبستـموه ولقـيتـم فـيه أعداءكم من القتل . وقوله : { فَهَلْ أنْتُـمْ شاكُرونَ } يقول : فهل أنتـم أيها الناس شاكروا الله علـى نعمته علـيكم بـما علَّـمكم من صنعة اللبوس الـمـحصِن فـي الـحرب وغير ذلك من نعمه علـيكم ، يقول : فـاشكرونـي علـى ذلك .